loading ad...
عمان - في ظل دعوات لجنة الزراعة والمياه بمجلس الأعيان للحكومة في إعداد سيناريو "احتياطي"، لمواجهة أي احتمالية لعدم التوصل إلى الغلق المالي لمشروع الناقل الوطني لتحلية المياه، قبل نهاية العام الحالي، اقترح خبراء في قطاع المياه عدة سيناريوهات من شأنها إمكانية المضي في أطر أي تحديات، قد تنجم عن أي تأخر بتنفيذ المشروع.
وفي هذا السياق، دعوا في تصريحات لـ"الغد"، لضرورة أن يكون لوزارة المياه والري، خططا بديلة لإدارة المخاطر من جهة، واستكشاف خيارات أخرى لتمويل المشروع من أخرى.
وأكدوا أهمية الخطوات المتعلقة بتعزيز الوصول إلى الغلق المالي، عبر توقيع اتفاقية تدعم الحكومة فيها المطور وتكون مسؤولة عن حصوله على الموافقات والتنسيقات من كافة الجهات الحكومية والأهلية في المملكة، ووفق الجدول الزمني المعتمد للتنفيذ وسجل المخاطر.
وقالوا، إن ذلك يشمل إجراءات طارئة وتصحيحية في حال تعرّض المطوّر لأي مشاكل أو تأخير بتنفيذ المشروع، تجسيدا للشراكة بين القطاعين العام والخاص، ولتكون كلف التأمين للمشروع في حدها الأدنى.
وكانت "الزراعة والمياه"، أشارت في اجتماعها مع الوزارة أخيرا، لعدم اعتماد الشرط الجزائي المترتب على كل طرف في حال عدم تحقيق الغلق المالي، "على توافق الطرفين المتعاقدين، وذلك لوجود طرف ثالث، وهو الطرف المموّل بتحقيق الغلق المالي"، داعية لـ"إعداد سيناريو احتياطي من الوزارة والحكومة في حال عدم تحقيق الغلق المالي".
وحينها، استعرض مدير المشروع عيسى الور آخر مستجدات المشروع، إذ استُكملت عدة ملاحق، وتبقى 17 ملحقًا من الاتفاقية الموقعة مع المطوّر قيد الإجراء. مضيفا أن الغلق المالي في المشروع جارٍ، وسيصار في نهاية العام الحالي للبدء بتنفيذه، وأنه يسير وفق جدول زمني محدد، تمهيدا لبدء الأعمال الإنشائية في بداية العام المقبل.
المشروع يسير بخطى ثابتة
من جانبه، أكد مساعد الأمين العام الناطق الرسمي باسم الوزارة عمر سلامة، في تصريحات صحفية أخيرا، أن مشروع الناقل الوطني، الذي يُعد أضخم مشروع مائي في تاريخ الأردن، وأحد من أكبر مشاريع تحلية المياه في العالم، سيؤمّن نحو 300 مليون م3 مياه محلّاة سنويًا، بتحلية مياه خليج العقبة ونقلها إلى عمان عبر أنبوب يمتد لمسافة 450 كلم، بكلفة 2.5 مليار دولار. مستهدفا تغطية احتياجات 4 ملايين مواطن من مياه الشرب والزراعة والصناعة، دون الاعتماد على أي مصدر خارجي.
وأكد سلامة أن المشروع يسير بخطى ثابتة، وقد تأسست الشركة المكلّفة به، وجرى وتوقيع العقد والبدء بالأعمال الأولية. ويتوقع الانتهاء من الإغلاق المالي في نهاية العام الحالي، ليبدأ التنفيذ فعليًا العام المقبل، مع الوصول إلى الطاقة التشغيلية الكاملة بحلول 2027.
وأوضح أن التمويل للمشروع جرى تأمينه عبر مانحين عرب ودوليين، بالإضافة لمساهمات من القطاع الخاص والضمان الاجتماعي، ويعتمد على الطاقة المتجددة لتخفيض كلفة التشغيل بنسبة تصل لـ31 %.
خطط بديلة لإدارة المخاطر
إلى ذلك، أشار المدير السابق لوحدة المشروع جريس دبابنة، إلى ضرورة أن يكون لدى الوزارة خططا بديلة لإدارة المخاطر، في ظل عدم الوضوح بشأن المساعدات الأميركية التي جرى الالتزام بها سابقاً من الجانب الأميركي، وإن كانت منحا أو قروضا.
وقال دبابنة، إن هذه الخطط تتمثل بالبحث وبدء التفاوض الجدي مع الصناديق العربية للتمويل من ناحية، ودعوة البنوك والمؤسسات التمويلية والصناديق المحلية، لعمل تجمع بنكي بديل ليكون جاهزاً لأي مخاطر محتملة، هذا من الناحية المالية الأخرى.
وأضاف المدير السابق لـ"الناقل الوطني"، أنه "من النواحي الفنية، يتوجب العمل على سيناريوهات تتعلق بتوفير الكلف الرأسمالية للمشروع، كإلغاء الجزء المتعلق بالطاقة المتجددة والمقدر بـ600 مليون دولار للمزرعة الشمسية وخطوطها الناقلة، والتي كانت أحد شروط التمويل الأجنبي، ما يشكل 15 إلى 20 % من الكلف الرأسمالية، ما يسهل الإغلاق المالي أو استجرار مزيد من التمويل ذي الكلف المنخفضة، وهذا يصب في المجرى نفسه ويسهم في الإسراع بالإغلاق المالي".
وأبدى دبابنة، قلقه بعدم إعلان الحكومة، وحسب الظروف الحالية للتفاوض، بعد، لسعر المتر المكعب المتفق عليه، مع المطور المعتمد، ليتسنى للخبراء المساهمة بحل المشاكل التي أخرت البدء بالمشروع.
ضمان استدامة الموارد الطبيعية
من جانبه، حذر الخبير الدولي بالمياه د. غازي أبو رمان، من تبعات عدم تحقيق الغلق المالي للمشروع، سواء من مخاطر أو انعكاسات سلبية قد تهدد استمراريته، أو تؤثر على القطاعات الاقتصادية، وكذلك ما يمتد تأثيره للجهات المتعاقدة والممولة، بخاصة عند النظر لجهود الوصول لمرحلة غلقه المالي قبيل الشروع بتنفيذه فعليا.
وقال أبو رمان، إن "الناقل الوطني" إنجاز حيوي لتعزيز الأمن المائي، وضمان استدامة الموارد الطبيعية، وتمكين القطاعات المنزلية والزراعية والصناعية والخدمية من النمو.
وأضاف أن "مرحلة الغلق المالي، تتطلب تأمين التمويل لتغطية تكاليف المشروع وضمان التنفيذ وفقاً للجدول الزمني المحددين المتعاقدين"، منوها بأنه "في حال فشل الغلق المالي، لا سمح الله، فإن الحكومة ستجد نفسها أمام تحديات حقيقية، تتمثل بتأخير التنفيذ، وتحمل غرامات مالية إضافية، وبالتالي التأثير السلبي على سمعة الأردن الاستثمارية، بالإضافة للتداعيات على الأمن المائي في مختلف القطاعات".
وأضاف أبو رمان، "في مثل هذه الحالة، يصبح من الضروري على الحكومة أن تتبنى بدائلا وحلولا للتعامل مع هذا الخطر"، مقترحا "إعادة التفاوض مع الجهات الممولة لتعديل بنود الاتفاقيات القائمة، وضمان تلبية متطلباتهم بما يلبي مصلحة باقي الأطراف التعاقدية، وقد يتضمن مثل هذا الخيار تقديم ضمانات إضافية، أو حتى تنفيذ تغييرات في هيكلية المشروع لخفض المخاطر المالية".
وبين أنه من البدائل المتاحة أيضا؛ استكشاف خيارات أخرى للتمويل، كاللجوء لمؤسسات مالية دولية إضافية، أو إصدار سندات حكومية مخصصة للمشروع.
تنويع مصادر التمويل
ورأى أن هذه الخطوة تخفف الضغط على الخزينة العامة، وتنويع مصادر التمويل، بما يعزز الثقة في استقرار المشروع، مؤكدا مطالبته السابقة بأن تنشأ شركة وطنية مساهمة عامة لتنفيذ المشروع، تمثل نموذجاً مبتكراً يمكن أن يوفر فرصاً استثمارية جذابة للمواطنين.
"وفي الوقت نفسه، يساعد الحكومة على تأمين المبالغ المطلوبة لاستكمال المشروع، علماً بأن هذا الخيار يحوله من مجرد التزام حكومي إلى فرصة استثمارية مفتوحة أمام الأفراد، وتوسيع قاعدة المستثمرين لتشمل المغتربين الأردنيين بما يتيح تعبئة رأس المال من مصادر متنوعة، ويرفع من كفاءة تمويله واستقراره المالي، لدعمه وتنميته"، وفق أبو رمان.
ولفت إلى دور هذا الخيار على الجانب الحكومي، بتوفير آلية مرنة للحصول على التمويل، دون الحاجة للاعتماد الكامل على القروض الدولية، أو التزامات الجهات الممولة التقليدية. مشيرا لإمكانية تخصيص الحكومة جزءا من أرباح الشركة المساهمة لدعم الموازنة، أو تطوير مشاريع مائية أخرى، وتحسين صورة الأردن أمام المستثمرين الدوليين، وتوفير نموذج عمل حكومي ابتكاري واضح، وخطة تشغيلية شاملة، تبين عوائد الاستثمار ومخاطره، بالإضافة لإستراتيجية توزيع الأرباح بين المستثمرين ضمن إطار حوكمة مؤسسي، مبني على الشفافية لتنفيذ المشاريع الكبرى.
وأوضح أبورمان، أنه من بين البدائل المتاحة الأخرى التي يمكن النظر فيها، النظر بإعادة هيكلة المشروع نفسه، من حيث تقسيمه لمراحل أصغر، بحيث يمكن للحكومة التركيز على تنفيذ المرحلة الأولى وتأمين تمويلها بالكامل، قبل الانتقال لما يليها من مراحل.
ولفت إلى دور مثل هذه الإستراتيجية بخفض المخاطر المالية الإجمالية، وإتاحة الفرصة للحكومة لمراقبة التقدم بدقة، ولكنها ستتسبب بتأخير تنفيذ المشروع عما كان مخططاً له سابقاً.
وأضاف "إن المشروع ضرورة إستراتيجية للأردن، وكلنا ثقة بأن الجهود الحثيثة للآن تشير للالتزام الحكومي بتنفيذ التوجهات الملكية، والتركيز على هذا المشروع الإستراتيجي، وقد أثبتت الحكومة القدرة على الاستجابة المرنة والسريعة بإعادة التفاوض، وتنويع مصادر التمويل للتغلب على ما ظهر من تحديات منذ بداية التخطيط للمشروع، سعياً لضمان استمراره بتحقيق أهدافه الوطنية".
تعزيز الاعتماد على الذات
من ناحيته، أكد الأمين العام الأسبق للوزارة إياد الدحيات، أهمية إنجاز الغلق المالي لـ"الناقل الوطني"، لتحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي، لافتا لدوره بإدراج الأردن على طليعة دول المنطقة الجاذبة للاستثمارات في مجال البنى التحتية الإستراتيجية، والتوسّع بتنفيذ مزيد من مشاريع الشراكة بتمويل القطاع الخاص في القطاعات الحيوية، وتعزيز الاعتماد على الذات في ظل ظروف إقليمية وعالمية سريعة التغيّر.
وبين الدحيات، أن الوصول للغلق المالي، يعني الانتقال من مرحلة التعهد بتوفير التمويل والاستثمارات للمشروع، إلى مرحلة الالتزام المالي والبدء بالتنفيذ الفعلي لمكوّناته، بتوقيع وثائق واتفاقيات تمويل الكلفة الرأسمالية للمشروع، سواء التي سيوفّرها مطوّره (ميريديام-سويز) بتمويل حقوق المساهمين وقروض التجمعات البنكية الاستثمارية التجارية الدولية والمحلية، أو التي ستوفرها الحكومة من مخصصات الموازنة، وتعهدات الجهات الدولية الإنمائية كمساهمة بدعمه ماليا.
وأضاف "يسهم ذلك بأن يكون المشروع مجدياً والعائد المالي للقطاع الخاص أعلى من كلفة تمويله للمشروع، ولدعم سعر المتر المكعب من المياه، ليكون في حدود معدل التكلفة الإجمالية الحالية".
والتزمت الحكومة سابقاً بالتعهدات الدولية الإنمائية أمام المناقصين في مرحلة طرح العطاء، والتي تعهّدت بتوفيرها أهم الجهات الدولية الإنمائية للمملكة كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفق الدحيات.
سداد أثمان المياه الشهرية للمطور
وأوضح "قبل الوصول للغلق المالي، ستراجع التجمعات البنكية والجهات الدولية الانمائية المذكورة وعبر طرف ثالث محايد، هيكلية المشروع وسجل مخاطره، وتوزيعه بين الطرفين والافتراضات المالية المبدئية في نموذجه المالي، عند تحقيق الغلق التجاري ومنذ اتفاقيته في مستهل العام الحالي، وبيان أي متطلبات مهمة لتعزيز تنفيذه".
وبين أن "منها ضمان سداد دفعات أثمان المياه الشهرية لصالح المطوّر، والاشتراطات البيئية، بما فيها طرح ناتج التحلية المرفوض في مياه خليج العقبة، وفق الاتفاقيات الناظمة، وتخفيض فاقد المياه للمستويات الواردة في إستراتيجية فاقد المياه (2022-2040) عند انتهاء تنفيذ المشروع، لضمان استدامة قطاع المياه مالياً، وتخفيف السحب من الأحواض المائية المستنزفة، وإعادة توزيع كميات مصادر المياه بين المحافظات، وإدارته عبر جهة فنية بخبرات تغطي الاختصاصات المطلوبة، وإدارة التعهدات المالية عن طريق وكيل مالي، لتوحيد وتبسيط إجراءات الصرف والإفصاح المتكررة، وغيرها".
وتابع أنه "سيجري تضمين أي من هذه المتطلبات كأحكام في وثائق واتفاقيات تمويل الكلفة الرأسمالية للمشروع، يكون تحقيقها من الحكومة والمطوّر (كل حسب مسؤوليته)، شرطاً مسبقاً لصرف المطالبات المالية اللاحقة في مرحلة تنفيذه وعند تحقيق مستهدفات الإنجاز".
وتتميز مرحلة الغلق المالي بدقتها التي تتطلب بوجود خطة إدارة مخاطر لضمان الوصول للغلق في الوقت المحدد، عبر التوقّع والتحوّط للظروف العادية والقاهرة، وأي تغيرات قد تطرأ على الرسوم الجمركية والاتفاقيات التجارية وكلف التأمين والشحن، وفق الدحيات.
وذلك إلى جانب معاملات التضخم ومؤشر أسعار المنتجين لمدخلات المشروع، من مواسير حديد وأغشية تحلية وخرسانة ومواد كيميائية للمعالجة وتجهيزات كهربائية وميكانيكية وعمالة، تدخل كافتراضات عند توقيع الالتزامات المالية، وتحديث النموذج المالي للمشروع وتثبيت كلفته الرأسمالية وسعر المتر المكعب واعتماده نهائيا، بحيث يضمن العائد المالي المتوقع لحقوق المساهمين ونسبة تغطية سداد الديون.
التفكير بحلول لسد العجز
ويعد توفّر التعهدات المالية الملتزم بها من الجهات الدولية الإنمائية في الأعوام السابقة كمساهمة بدعم المشروع مالياً مفصلياً لتحقيق الغلق المالي للمشروع، إذ دخلت في افتراضات النموذج المالي المبدئي عند احتساب كلفة المشروع الرأسمالية وسعر المياه.
وقال الدحيات، "إذا لم يكن ذلك ممكناً نتيجة ظروف قاهرة، فيجب التفكير بحلول لسد العجز، أحدها جمع رأس المال وتحويل الأصول لأموال عن طريق الاكتتاب العام لأسهم في شركات توزيع مياه مملوكة للحكومة، بعد نقل أصولها الثابتة، والتي تزيد قيمتها على 3 مليار دينار أردني".
إضافة لذلك، أكد أهمية أن توفر في هذه المرحلة، مخصصات أو اعتمادات مالية إضافية، لتغطية أي أوامر تغييرية أو كلف مالية طارئة، ستطرأ على المشروع في فترة تنفيذه"، منوها بأن الدراسات المتخصصة تشير لحاجة مشاريع مماثلة في الحجم والتعقيد، إلى كلف إضافية ومدد زمنية لإنجازها.
واستعرض الأمين العام الأسبق لـ"المياه" أنه من الخطوات المهمة لتعزيز الوصول للغلق المالي؛ توقيع اتفاقية تدعم الحكومة فيها المطور، وتكون مسؤولة عن حصوله على الموافقات والتنسيقات من الجهات الحكومية والأهلية في المملكة، ووفق جدول زمني معتمد للتنفيذ وسجل المخاطر، وتشمل إجراءات طارئة وتصحيحية في حال تعرّض المطوّر لأي مشاكل أو تأخير في تنفيذه، تجسيداً للشراكة بين القطاعين العام والخاص، ولتكون كلف تأمينه في حدها الأدنى، وأن تحتوي على آلية واضحة ومبسطة لاتخاذ القرارات وفض النزاعات عند حدوثها.اضافة اعلان
0 تعليق