اضحك مع النواب

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

منذ الأزل كانت البرلمانات مصدراً غنياً للمداخلات والتعليقات الفكاهية التي يقدمها أعضاؤها، أما للسخرية والتهكم أو للتعبير عن ما يدور في الخاطر أو للفت الانتباه. والأكيد أن البرلمان البحريني لديه من هذا الصنف من التعليقات الشيء الكثير.

ففي كل دورة يخرج علينا عضو أو اثنان يتصدران المشهد بمداخلاتهما الفنتازية التي تحصد تفاعلاً كبيراً. وأذكر مثلاً كيف لاقت كلمة "فشلتونا" للنائب شمطوط - شفاه الله - رواجاً شعبياً وساهمت في رسم البسمة على الوجوه مع تداولها عبر وسائل التواصل.

وقبل أيام أضحكنا حتى اغرورقت العين من دافع عن إجازة للمرأة الحامل، والذي أنهى دفاعه بالجملة العفوية "ما يصير المرأة تمشي بدبتها والسكان يطق في راس الياهل..!" واصفاً بخيال واسع المرأة الحامل في شهورها الأخيرة، وهي تقود السيارة وآخر جعل أسارير الوجه تنبسط عندما أكد بأنه سيقف مثل "العنصوص" في كل جلسة في حال لم تتم مناقشة موضوعه؛ تاركاً لنا متعة البحث عن معنى "العنصوص" لنضيفها إلى مخزون المصطلحات الشعبية الذي قارب على النضوب عند جيل "النيدو" وما بعده.

و"العنصوص" لمن لم يجد معناه عند العم جوجل، يعرفه لنا الكاتب البحريني الساخر المرحوم جاسم العطاوي بالنتوء أو الحجر البارز على سطح الأرض الذي يعرقل أقدام السائرين للحيلولة دون الوصول إلى وجهاتهم.

ورداً على من انتقد أسلوب الطرح في جلسة البرلمان التي أهدتنا تلك التعابير الغريبة، أعتقد أنه لا بأس أحياناً من التبسيط والتحدث بالعامية لإيصال الفكرة بشكل أكثر تأثيراً في القلوب قبل العقول، لكن حتماً بدون مبالغة أو إسفاف. وأرى أن المداخلات البرلمانية ليست مسابقة للخطابة، بل فرصة لتسليط الضوء على قضايا الناس وبطريقة تصل إليهم، وتلامس حالهم وهذا ما سعى بعض النواب إلى تحقيقه بأسلوبهم السهل والشعبي وبخفة دمهم في عدة دورات.

وبالطبع نعلم وهم يعلمون - أي النواب - أن إجازة صاحبة "الدبة" لن تمرر؛ لأن ضررها أكثر من نفعها على أصحاب العمل، بل وعلى حظوظ المرأة في التوظيف بشكل عام. كما نعلم وهم يعلمون أن حالة "العنصوص" قد لا تستطيع أن تشاغب وتتمرد كثيراً مع وجود مطرقة الرئيس؛ لكن قيل ما قيل تنفيساً وتلطيفاً للجلسة ومحاولة لجذب الانتباه للموضوعات المطروحة لا غير.

نحن بحاجة إلى الفكاهة والضحك في الكثير من أعمالنا حتى وإن كانت جادة وثقيلة كالعمل البرلماني، فهما الشمس التي تطرد الشتاء من وجه الإنسان، كما يقال، وهما حتماً عاملان مساعدان في تخفيف الضغوط وتجاوز تحديات الحياة. وأرى أنه من الأفضل أن نضحك على الألفاظ والمواقف التي يتحفنا بها النواب بين جلسة وأخرى بدلاً من أن يتم الضحك علينا - لا سمح الله - من قبلهم..!

تحليق منفرد

يقول المعري:

ثلاثةُ أيّامٍ هيَ الدّهرُ كلّه

وما هُنّ غيرَ الأمسِ واليومِ والغَدِ

وما البَدرُ إلاّ واحِدٌ

غيرَ أنّه يَغِيبُ ويأتي بالضّياءِ المُجَدِّدِ

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق