Black Mirror 7: تكنولوجيا أقل كآبة وأكثر إنسانية

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

في موسمه السابع، يواصل مسلسل Black Mirror رحلته الممتدة منذ 14 عاماً في استكشاف تأثير التكنولوجيا الحديثة على الإنسان نفسياً وذهنياً وبدنياً. ويستمر في المزج بين الفرضيات العلمية والخيال الجامح عبر قصص قصيرة معظمها يدور في مستقبل سوداوي من نوع "الديستوبيا"، حيث المدن الفاسدة والمصائر القاتمة.اضافة اعلان

 

هذه النغمة المتشائمة، وإن ساهمت في نجاح المسلسل بين محبي الرعب والغموض، إلا أنها أصبحت ثقيلة على بعض المشاهدين مع مرور الوقت. بدأ المسلسل عام 2011 على القناة الرابعة البريطانية، قبل أن تنتقل حقوقه إلى نتفليكس في 2016، والتي أنتجت المواسم التالية بدرجات متفاوتة من النجاح. الموسم السادس تحديداً شهد انخفاضاً كبيراً في مستوى التفاعل، ما دفع المؤلف تشارلي بروكر إلى تعديل النبرة العامة في الموسم السابع لتكون الحلقات أقل سوداوية وأكثر إنسانية.


يتكوّن هذا الموسم من ست حلقات تتراوح مدتها بين ساعة وساعة ونصف، وتتناول موضوعات قريبة من الحاضر وأقرب للتصديق، مع المحافظة على الطابع المستقبلي المعروف عن السلسلة. اللافت في هذا الموسم هو الاستعانة بإشارات مرجعية لحلقات سابقة، وأغنيات وأسماء مألوفة، ما يعزز الشعور بوحدة عالم "المرآة السوداء" ويمنح المشاهدين المخلصين للمسلسل شعوراً بالتواطؤ والمتعة. وتفاوت الحلقات من حيث جودتها وعمقها الفني، لذا فهي تستحق تقييماً مستقلاً لكل منها.


حلقة Common People تُعد الأقرب إلى واقعنا المعاصر، إذ تحتفل أماندا ومايك بذكرى زواجهما في فندق بسيط، قبل أن تفقد أماندا وعيها إثر نزيف دماغي. تعرض عليهم شركة تكنولوجيا حديثة خدمة لإعادة وعيها عبر معالجة شريحة دماغية رقمياً وتشغيلها عبر الإنترنت. تستعيد أماندا وعيها، لكن الخدمة تتحول إلى عبء، إذ تبدأ الإعلانات بقطع أفكارها كما تفعل الإعلانات في يوتيوب، مما يدفع مايك للعمل المستمر ثم التورط في رهانات إلكترونية تنتهي بفضيحة وفصله. تتحول العقول هنا إلى خوادم افتراضية تتحكم بها شركات رقمية، في نقد ساخر لما وصلنا إليه من تبعية فكرية وتقنية كاملة.


أما في حلقة Bête Noire، التي تعني بالفرنسية "الوحش الأسود"، نجد فيريتي، فتاة شقراء تعود إلى حياة ماريا للانتقام من تنمر قديم. تستخدم تقنيات ذكاء اصطناعي متطورة تجعل الواقع قابلاً للتعديل كما ترغب، ما يثير جنون ماريا التي تنقسم بين ما تعيشه وما تراه. رغم أن الفكرة تحمل طابعاً مثيراً، إلا أن الحلقة جاءت أضعف من حيث البناء الدرامي والكتابة، رغم الأداء الجيد للممثلين والتشويق العام.


في حلقة Hotel Reverie، نتابع تجربة فريدة تتداخل فيها حدود الخيال والواقع. شركة هوليوودية تستخدم برنامج ذكاء صناعي يُدعى Redream لإعادة تمثيل أفلامها القديمة بممثلين افتراضيين. براندي فريداي، نجمة الأكشن التي ترفض التنميط، تتصل ذهنياً بالفيلم وتلعب دور شخصية بيضاء في أربعينات القرن الماضي. تثير الحلقة أسئلة عن التقمص، الهوية، ووجود الشخصية الافتراضية، وتستحضر مرجعيات من The Matrix وThe Purple Rose of Cairo، في مزيج مؤثر ومركب.


حلقة Plaything تأخذنا إلى عام 2034، حيث يتم القبض على رجل عجوز يُتهم بجريمة قتل وقعت في التسعينات. يتضح أنه كان مهووساً بألعاب الفيديو، ووجد لعبة تعتمد على تربية كائنات رقمية تتكاثر وتخلق لغتها الخاصة. تتناول الحلقة فكرة أن الكائنات الافتراضية يمكن أن تملك وعياً خاصاً، لكنها تظل من أضعف حلقات الموسم، إذ بدت خيالية بشكل ساذج وأقل عمقاً من سابقتها، رغم قربها من نغمة المواسم الأولى القاتمة.


في Eulogy، يقدم بول جياماتي أداءً مؤثراً لرجل يُطلب منه تأبين امرأة كان يعرفها. عندما يعجز عن التذكر، تُرسل له شركة روبوتاً يعتمد على الذكاء الاصطناعي لمساعدته في استعادة الذاكرة من خلال صور قديمة. تعمل الحلقة على تحليل طريقة عمل الذاكرة البشرية باستخدام أدوات رقمية، وتُعد الأقرب علمياً إلى الواقع بين حلقات الموسم.


وأخيراً، تختتم السلسلة حلقتها الأطول USS Callister: Beyond Infinity التي تمتد لـ90 دقيقة. تُعد تكملة لحلقة سابقة من الموسم الرابع، حيث يلجأ مصمم ألعاب إلى نسخ افتراضية من موظفيه ليعيشوا في لعبة فضائية مستوحاة من Star Trek. تؤكد الحلقة فرضية أصبحت مألوفة في أعمال الخيال العلمي: هل يمكن لنسختك الرقمية أن تؤثر على حياتك الحقيقية؟ خاصة حين تبدأ هذه النسخة في تجاوز الحدود بين الواقع والافتراض.


بهذا الموسم، يواصل Black Mirror سبر أغوار المستقبل التكنولوجي بعيون قلقة وساخرة، مع محاولات لكسر نمطه السوداوي وتقديم مساحات أوسع للإنسانية والتساؤلات الوجودية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق