غموض التعريف القانوني يفتح الباب للتوسع بالرقابة الإلكترونية

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان - أعلنت وزارة العدل أول من أمس عن تنفيذ 49 حالة رقابة إلكترونية (السوار الإلكتروني) خلال الربع الأول من العام الحالي.
وتدرج وزارة العدل "المراقبة الإلكترونيّة" ضمن بدائل "العقوبات السالبة للحريّة (الحبس)، حيث تشير إلى أنّ عقوبة المراقبة الإلكترونيّة هي "وضع المحكوم عليه تحت الرقابة لمدّة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة".اضافة اعلان
وتعرف الوزارة السوار الإلكتروني بأنّه "سوار يرتديه المحكوم عليه في الجزء السفلي من كاحل القدم للأشخاص المطبق عليهم الرقابة الإلكترونية بديلا عن التوقيف القضائي أو بديلاً عن العقوبات السالبة للحريّة"، وفي حال إزالتها أو العبث بها أو تعدي المنطقة الجغرافية المصرح له بالتواجد بها، تُرسل إشارة إلى القيادة والسيطرة التابعة لمديرية الأمن العام لمعرفة موقعه وإبلاغ أقرب دورية شرطة للوصول إليه واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه.
وبحسب الوزارة، فإنّ من الفوائد المرجوّة من تطبيق السوار، الحفاظ على مصادر رزق المحكوم عليهم، وتحقيق سياسة وقائية تهدف إلى منع اختلاط المحكوم عليهم بغيرهم من الموقوفين والمحكومين.
إضافة إلى تخفيض أعداد الموقوفين داخل مراكز الإصلاح والتأهيل وتخفيض الكلف المالية التي تتحملها الدولة، فضلا عن تطوير نظام العدالة الجزائية في الأردن.
وعلى الرغم من أنّ المشرّع الأردني لم يصغ تعريفا معيّنا لمصطلح "السوار الإلكتروني" واكتفى بتعريف "المراقبة الإلكترونية على أنّها "وضع المحكوم عليه تحت الرقابـة الإلكترونيـة لمـدة لا تقـل عـن شـهر ولا تزيد على سنة"، إلّا أنّ هذا لا يتعارض - بحسب قانونيين- مع نص المادة من قانون العقوبات، بل على العكس فإنّ الإبقاء على عموميّة التعريف يجعل الباب مفتوحا لإدخال وسائل جديدة مستقبلاً للرقابة الإلكترونيّة دون تحديدها بالإسوارة.
ويعد القانونيون السوار الإلكتروني أحد أبرز البدائل الحديثة للعقوبات السالبة للحرية، إذ يسهم في تحقيق التوازن بين ضمان العدالة وعدم المساس غير المبرر بحرية الأفراد، وهو خيار فعال لمعالجة مشكلة الاكتظاظ في السجون، والحد من آثارها الاجتماعية والإنسانية والمالية، بما في ذلك صعوبة تنفيذ برامج إعادة التأهيل والإصلاح.
وتجنّب هذه العقوبة الأفراد المحكومين أو المعاقبين بهذه العقوبة من الانخراط مع المجرمين داخل السجون ومراكز الإصلاح خصوصاً في حال كانوا أحداثا أو شبابا، وفي حال إن كان الجرم لا يستدعي عقوبة سالبة للحريّة، مشيرين إلى أن العقوبات السالبة للحرية ربما لا تكون الأكثر كفاءة وفعالية في معاقبة الجناة دائماً، خصوصاً أنّها تؤدي أحيانا لاكتساب أساليب جرمية جديدة.
وشدد الخبراء على ضرورة أن يتزامن التوسع في تطبيق عقوبة السوار الإلكتروني مع الرقابة الفاعلة، وأن يكون هناك معيار دقيق لتطبيقها، وألا تكون تمييزية بين شخص وآخر.
وكان قانون الموازنة للعام الحالي 2025 خصص 100 ألف دينار لتطبيق عقوبة (السوار الإلكتروني) مقارنة بـ10 آلاف دينار فقط (معاد تقديره) في 2024.
يشار هنا إلى أنّ التقديرات الحكوميّة لتكلفة "السوار الإلكتروني" الواحدة المستخدمة بديلا عن التوقيف القضائي تبلغ نحو 300 دينار.
مطلوب التوسع
أستاذ القانون العام المشارك في جامعة البترا د.علي الدباس قال إنّ أي توجه للعقوبات البديلة ومنها السوار الإلكتروني يعد أمرا جيّدا، ولا بدّ من التوسع فيه، خصوصا وأنّ الهدف من العقوبة بالأساس هو الإصلاح، وليس تنفيذ العقوبات فقط ووضع الشخص المحكوم أو الموقوف في ظروف قد تنعكس عليه سلباً.
وأكد أهمية التوسع في العقوبات البديلة، بخاصة في الجرائم التي لا تشكل خطراً على المجتمع، مشيراً إلى أن هذا التوجه ينسجم مع فلسفة العقوبة في إعادة تأهيل الإنسان الجاني وتحويله إلى شخص صالح في المجتمع.
وبين الدباس أن العقوبات البديلة غير السالبة للحرية من شأنها أن تخفف بالدرجة الأولى من الآثار السلبية للعقوبة على الجاني، خصوصا من حيث عدم اكتساب تجارب جديدة من السجون، وتوجيهه لإعادة التكفير عن خطئه عبر خدمة المجتمع، خصوصاً للشباب والأحداث.
وحول عدم تحديد تعريف لمصطلح "السوار الإلكتروني" في القانون والاكتفاء بتعريف "المراقبة الإلكترونية" على أنّها "وضع المحكوم عليه تحت الرقابـة الإلكترونيـة لمـدة لا تقـل عـن شـهر ولا تزيد على سنة" في قانون العقوبات، وأوضح الدباس "بأنّ الإبقاء على عموميّة التعريف يجعل الباب مفتوحا لإدخال وسائل جديدة مستقبلاً للرقابة الإلكترونيّة دون تحديدها بالسوار فقط".
وبحسب الدباس فإنّ العقوبات البديلة تساعد في التخفيف من اكتظاظ السجون، وتنعكس سلبا على القدرة على توفير الخدمات الأساسية للسجناء والتي تعد حقا لهم، ناهيك عن أنها تؤثر على فكرة الغاية من مراكز الإصلاح والتأهيل، وهي تحويل السجين إلى عضو صالح في المجتمع خلال مدة زمنية محددة.
ودعا الدباس إلى ضرورة تفعيل الرقابة والمتابعة عند تطبيق العقوبات البديلة، خصوصا السوار الإلكتروني، وبما يضمن عدم تكرار الجرم أو الانحراف لسلوكيات أخرى تؤدي إلى تكرار الجرم، مؤكداً ضرورة أنّ يكون هناك معيار دقيق لتطبيقها، وألا يكون هناك تمييز بين شخص وآخر.
خيار فعال
مدير البرامج في المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي محمد شبانة اعتبر أنّ السوار الإلكتروني أحد أبرز البدائل الحديثة للعقوبات السالبة للحرية، إذ يسهم في تحقيق التوازن بين ضمان العدالة وعدم المساس غير المبرر بحرية الأفراد. 
وأضاف شبانة إنّ التجارب في عدد من دول العالم، خاصة تلك التي تسعى لتحديث منظوماتها القضائية، أثبتت أن استخدام السوار الإلكتروني يُعد خيارًا فعالًا لمعالجة مشكلة الاكتظاظ في السجون، والحد من آثارها الاجتماعية والإنسانية والمالية، بما في ذلك صعوبة تنفيذ برامج إعادة التأهيل والإصلاح.
وأوضح أنّه عادةً ما يُستخدم السوار الإلكتروني كبديل للتوقيف الاحتياطي، أو كوسيلة لتنفيذ أوامر المراقبة الاجتماعية والإفراج المشروط، لا سيما في القضايا البسيطة التي لا تستدعي حرمان الشخص من حريته بشكل كامل، معتبراً هذا "الإجراء منصفًا وعادلاً، إذ يراعي متطلبات العدالة من جهة، ويحترم الكرامة الإنسانية من جهة أخرى".
وبحسب شبانة، أكدت المواثيق والمعايير الدولية، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الحرية حق أساسي لا يجوز المساس به إلا بموجب قانون وضمن شروط محددة، وتنص المادة (9) من العهد على أنه "لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً".
وقال إنّ اعتماد السوار الإلكتروني جاء ضمن جهود إصلاح القضاء، استجابة للتوجيهات الملكية السامية، وتوصيات لجنة الخبراء التي أُنيطت بها مهمة تطوير التشريعات بما يواكب المستجدات ويراعي حقوق الإنسان.
وشهد قانون أصول المحاكمات الجزائية تعديلًا مهمًا بموجب القانون المعدل رقم (32) لسنة 2017، حيث أضيفت المادة (114 مكرر) التي تتيح استعمال وسائل المراقبة الإلكترونية كبديل عن التوقيف.
كما منحت المادة (25 مكرر) من قانون العقوبات الأردني القضاء صلاحية استبدال العقوبات السالبة للحرية ببدائل إصلاحية مجتمعية، منها تنفيذ العقوبة باستخدام السوار الإلكتروني، ما يتيح للمحكوم عليه الاستمرار في حياته العملية والأسرية، ضمن رقابة قانونية تضمن عدم الإخلال بالعدالة.
وأكد شبانة أنّ توسيع نطاق استخدام هذه التقنية يكرّس مفهوم العدالة التصالحية، ويعزز الثقة بين المواطن ومنظومة العدالة، ويحد من الانعكاسات السلبية للسجون، لا سيما على الفئات الأكثر هشاشة.
أرقام ودلائل
يشار هنا الى أنّ العام الماضي شهد تنفيذ 149 حالة رقابة إلكترونية.
وكانت المملكة بدأت بتطبيق السوار الإلكتروني على الموقوفين بعد إجراء تعديل على قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 32 لسنة 2017 والذي تم بموجبه تعديل المادة 114 وإدخال تطبيق الرقابة الإلكترونية كأحد بدائل التوقيف القضائي.
كما نصت المادة 25 من قانون العقوبات المعدل لسنة 2022 على "1 - للمحكمة في الجنح وبناء على تقرير الحالة الاجتماعيـة فيمـا خـلا حـالـة التكرار أن تقضـي حتـى وإن اكتسب الحكم الدرجة القطعية ببديل أو أكثر من البدائل التالية: أـ الخدمة المجتمعية: هي إلزام المحكوم عليه وبموافقته القيـام بـعمـل غيـر مـدفوع الأجـر لخدمـة المجتمـع لمـدة تـحـددها المحكمـة لا تقـل عـن (40) سـاعة ولا تزيد على (100) ساعة على أن يتم تنفيذ العمل خلال مدة لا تزيد على سنة.
ب- المراقبة المجتمعية: هي إلزام المحكوم عليه بالخضوع لبرنامج تأهيل تحدده المحكمـة يـهـدف لتقويم سلوك المحكوم عليه وتحسينه. ج - المراقبة الإلكترونية: هي وضع المحكوم عليه تحت الرقابـة الإلكترونيـة لمـدة لا تقـل عـن شـهر ولا تزيد على سنة. د. حظـر ارتيـاد المحكـوم علـيـه أمـاكن محــددة مـدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة.
2 ـ للمحكمة في الجنايات غير الواقعة على الأشخاص وفيما خلا حالات التكرار عند استخدام الأسباب المخففة والنزول بالعقوبة إلى سنة أن تستبدل العقوبة المقضي بها وبناء على تقرير الحالة الاجتماعيـة ببديل أو أكثـر مـن بـدائل العقوبات السالبة للحرية المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذه المادة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق