ياسر منجي: الخط منذ قديم الأزل يعطي اللغة جسدا، والحروف تعطي اللغة تعيُّنا
سلمان الحجري: وجود خط رقمي طباعي عماني له أهمية كبيرة في هذا العصر الرقمي
أقام بيت الزبير بالتعاون مع شركة إبانة جلسة حوارية ناقشت "خط عمان الطباعي من المخطوطات إلى الرقمنة"، و"خط عمان" مشروع خرج بخط حاسوبي مستلهم من الإرث الثقافي العماني بعد دراسة تشريحية استكشفت وفندت سمات الخط العماني من غيره. وحاورت سارة المسعودية في الجلسة الدكتور سلمان الحجري أستاذ التصميم الجرافيكي المشارك بكلية التربية، قسم التربية الفنية بجامعة السلطان قابوس، والدكتور ياسر منجي أكاديمي وناقد ومؤرخ فني، معار من كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان لقسم التربية الفنية بجامعة السلطان قابوس.
وفي الحديث عن المنطلقات التي بدأ منها المشروع أشار الدكتور ياسر منجي إلى أن المنطلقات البحثية جاءت بعد تفكير، وقال: "عندما رجعنا للتاريخ وقفنا نتأمل كثيرا، وهناك من المصادر ما يحير ورحلة الخط العربي مرت رحلة تاريخية طويلة من التطور إلى أن وصلت إلى شكلها المتطور، وكان أمامنا خيارين إما أن ننطلق من النقوش إلى الخطوط أو ننطلق من المخطوطات، وذهبنا مع الخيارالثاني لأنه يحمل سمة البصمة العمانية الفارقة وتحديدا في خط النسخ، بصمة لا تشبهها بصمة في منطقة أخرى، فالعمانيون ضربوا بسهم وافر في هذا المجال".
وأشار الدكتور سلمان الحجري إلى أنهم واجهوا تباينا في الخطوط وتعددية في الكتابات والأشكال في الكتابة العمانية، وعلى الرغم من القواسم المشتركة بين الكثير من الكتابات العربية عولوا على البصمة العمانية التي كانت واضحة في كثير من المخطوطات وقال: "تم الوصول إلى أشكال متنوعة باختلاف الفترات، كما أن الكتابات الموجهة إلى السلاطين أو الكتابات السياسية كانت مختلفة نسبيا، ويستطيع الباحثون التمييز بين الكتابات الخطية العمانية وغيرها وهذا يعتمد على القدرة على مقارنة الكتابات الأخرى خاصة إذا كانوا مهتمين بفن الخط".
وأضاف منجي أن هناك سمات للخط العماني لها خصوصية عمانية، وعزا ذلك إلى تنوع المصادر وعلى رأسها فهرس المخطوطات العمانية، وأشار أنه من خلال فرزهم للمخطوطات التي أدت إلى هذا التراكم عبر فترات زمنية مختلفة حيث غطت كل منها فترات ومجالات مختلفة.
ولفت الحجري إلى أن المشروع ذو طبيعة علمية بالمنهجية البينية وهي المنهجية الأسلم للوصول إلى النتائج وتعددية التخصصات والمراحل والخط الرقمي. كما أن دراسة تاريخ الخط ودراسة المخطوطات وتتبعها وتحقيقها وتحليلها جماليا، أما المرحلة الثانية فتمثلت في ورش للخطاطين للاستهلام من هذه المحارث وكتابة الخط العماني، مشيرا إلى دور شركة إبانة الكبير.
وحول آلية اختيار الحروف والأنماط الشكلية لصناعة خط عمان، أشار منجي إلى بعد الدراسة واستخلاص السمات بدأت مرحلة تحويلها إلى شكل بصري عن طريق الخطاطين لتحويلها إلى مقروئية واضحة حتى يخرج بشكله العماني المميز.
وقال الحجري:لو لم تتبع هذه المنهجية سترتفع خطورة ارتكاب الأخطاء في الانتاج الرقمي، لأنه لو لم يمر شكل المحارف بطريقة علمية تؤكد شكلها الموثق، لتكشفت الأخطاء بسهولة، ما يزعزع موثوقية الخط. وأضاف: وجود خط رقمي طباعي عماني له أهمية كبيرة في هذا العصر الرقمي حيث أدوات الثقافة ليست كما كانت، وهناك أدوات أفرزها العصر والخط منذ القدم أداة من أدوات الثقافة وعمان تستزيد دائما من هده الأدوات.
وحول التحديات أوجزها منجي في الفترة الزمنية الممتدة، التي استغرقت وقتا أطول بسبب التباعد الاجتماعي وتعذر الاطلاع على المخطوطات واستعانتهم بما ينوب عنها من صور دقيقة أو كتب.
وعرج الحجري على تحدي "الأسلوب الفردي للخطاطين"، وأشار إلى أن التحدي الأكبر كان عملية الرقمنة".
ولاقى مشروع "خط عمان" ردود فعل تجاه المشروع أو الخط إيجابية منذ تدشينه في وسائل التواصل الإجتماعي ورغبت الجمهور في استخدامه، إلى جانب القبول الذي حظي به عند المسؤولين في المؤسسات الحكومية والخاصة، حيث بدأت وزارة الأوقاف باستخدامه في المراسلات الداخلية والمنشورات، إلى جانب جامعة السلطان قابوس ومكتب محافظ ظفار وغيرها من المؤسسات الحكومية والخاصة.
وحول إمكانية استخدام الخط في مجالات غير الكتب، أشار منجي أنهم وقبل كل شيء طلبوا من الباحثين أن ن يدلوا بدلوهم في مجالات التاريخ وعلم الإنسان لأن هناك مجالات لم تغطى فيما يتعلق بالخط، واكد على أن الخط بشكله الحالي ينتج أشكالا فنية لا متناهية، ودعا الفنانين إلى استراج مكنوناته في تصاميم معاصرة.
وأضاف الحجري، إمكانية استخدامه في الوسائط والتطبيقات الهواتف والصحف والجرائد، إلى جانب استخدام الفنانين أشكال بصرية وزخارف وتصاميم مستوحاة من الخط، وأما المستوى الرقمي والتشكيلي لفت الحجري إلى "ويندوز" و" الحزمة الافتراضية" حتى يتمكن المستخدم العادي من استخدام خط عمان.
وعن الآفاق الجديدة خارج المشروع قال منجي: "كل شيء محتمل، وأعتقد أن التراث العماني حتى خارج سياق الخط نفسه هناك الكثير من المخبوء الجدير بالنبش مثل الزخارف والتراث الشعبي وفي كل سمة من سماته يمكن أن توجد دراسة جديرة بالخروج بنتائج ثرية، فالخط منذ قديم الأزل يعطي اللغة جسدا، والحروف تعطي اللغة تعيُّنا في هذا الوجود وتحويل اللغة إلى شكل بصري وتحويل الشكل الشكل البصري إلى شكل رقمي أمور جديرة بفتح آفاق لا حصر لها".
وعول الحجري على الدعم وأهميته للأبحاث العلمية، من أجل تفريخ مواضيع متصلة بالتراث البصري الممتد في عمان ينقصها الدعم المادي والتقني.
وعلى هامش الجلسة تم توقيع مذكرة تعاون بين مؤسسة بيت الزبير وشركة إبانة فيما يخدم مجالات التعليم ونشر الثقافة والاستفادة من الحلول الرقمية المعززة لتحقيق أهداف المؤسستين.
0 تعليق