
لم تتوقف “منظمات الهيكل” المزعوم للحظة عن ممارستها التحريض على حرق المسجد الأقصى المبارك تارة، وتفجيره تارة أخرى، في خطوة تُجسد مطامعها وأحلامها في تحقيق حلم بناء “الهيكل” المزعوم على أنقاضه.
وتشكل قضية هدم الأقصى وبناء “الهيكل” مكانه، هدفًا استراتيجيًا للجماعات المتطرفة والمستوطنين، الذين يسعون لتحقيق هذا الهدف، باعتباره أهم الأماكن المقدسة بالنسبة للمسلمين والعرب.
وفي مشهد افتراضي خطير، نشرت مواقع ومنصات عبرية متطرفة مقطع فيديو مُنتَجًا بتقنية الذكاء الاصطناعي، يُظهر تفجير المسجد الأقصى وحرقه وإقامة “الهيكل” مكانه.
ويحمل الفيديو عنوان “العام القادم في القدس”، وهو شعار تقليدي يرتبط بالأوساط الدينية اليهودية المتطرفة، ويعكس التطلعات المعلنة لبعض الجماعات لإعادة بناء “الهيكل الثالث” على أنقاض الأقصى.
ويُظهر المقطع، الذي تم إنتاجه بتقنيات متقدمة تتيح خلق صور ومقاطع شبه واقعية، عملية تفجير قبة الصخرة والمسجد الأقصى، قبل أن يُستبدل المشهد تدريجيًا بـ”هيكل يُشبه الوصف التوراتي للمعبد اليهودي القديم”.
وتتسارع حملات التحريض العنصرية التي تقودها الجماعات المتطرفة ضد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة بشكل غير مسبوق، وسط تصعيد خطير في وتيرة الاقتحامات وارتفاع أعداد المستوطنين المقتحمين، وأداء طقوس وصلوات تلمودية في باحاته.
ولم يتوقف التحريض العنصري ضد الأقصى وقبة الصخرة، بل يتفاخر المتطرفون بالتخطيط لنسف المسجد، في ظل الصمت الدولي والعربي غير المسبوق.
وكان الإرهابي اليهودي “يهودا عتصيون” تفاخر حينما قال: “لقد شرعنا بمحاولة تفجير الأقصى، وهو مسجد محكوم عليه بالدمار ولست نادمًا على محاولتي”.
وأما المتطرف “رفائيل موريس” رئيس عصابة “العودة إلى جبل الهيكل”، فقال: “سنهدم قبة الصخرة والمسجد الأقصى بالكامل لإقامة الهيكل.. سوف نتدبر الأمر.. هذه المباني خطأ وفي المكان الخطأ”.
بؤرة الاستهداف
المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن المسجد الأقصى يقع في بؤرة استهداف ما تسمى “جماعات المعبد”، التي تسعى إلى تغيير الواقع الديني والتاريخي والقانوني القائم في المسجد.
ويضيف أبو دياب، في حديث لوكالة “صفا”، أن “حكومة الاحتلال أصبحت تعتبر المسجد الأقصى كنيسًا يهوديًا، وليس مسجدًا للمسلمين، وترى أن الأولوية تكون للاقتحامات والصلوات التلمودية في باحاته”.
ويرى في نشر الجماعات المتطرفة لمقاطع فيديو تُظهر تفجير الأقصى وبناء “الهيكل” مكانه، دلالة على أن هناك إجماع إسرائيلي وضوء أخضر لما قد يُقدم عليه هؤلاء بشأن الأقصى.
ومن وجهة نظره، فإن “هذه الفيديوهات تُعبر عن عنصرية وكراهية المتطرفين لهذا المكان المقدس، وأنه يجب إزالته بالقوة عن طريق التفجير والحرق، ومن ثم إقامة الهيكل مكانه”.
ويوضح أن نجاح أكبر عدد من المستوطنين باقتحام الأقصى في يوم واحد خلال ما يسمى عيد “الفصح” اليهودي أعطى الجماعات المتطرفة مزيدًا من التشجيع على إمكانية فرض وقائع تهويدية في المسجد المبارك وتغيير الوضع القائم فيه.
تحريض عنصري
ووفقًا لأبو دياب، فإن غياب أية ردود فعل عربية وإسلامية ودولية جادة إزاء انتهاك حرمة الأقصى، شجع الجماعات المتطرفة على التمادي أكثر في عدوانها ومخططاتها التهويدية بشأن الأقصى.
ويؤكد أن هذه الجماعات تسعى، من خلال التحريض المباشر على الأقصى، إلى تحقيق مكاسب سياسية عن طريق توظيف النواحي التوراتية والدينية من أجل إنجاز أهم هدف تسعى إليه، وهو تغيير الوضع القائم وإقامة “الهيكل” المزعوم.
ويبين أن المتطرفين أصبحوا يستخدمون تلك الفيديوهات التحريضية بهدف تحقيق إنجاز في المسجد الأقصى، ومن ثم البناء على إنجازات أخرى، كما حققوا مطالباتهم في “زيادة أعداد المقتحمين، وساعات الاقتحام، وأداء الصلوات الجماعية والسجود الملحمي في المسجد”.
ويشير إلى أن نشر مثل هذه المشاهد الافتراضية تهدف لجس نبض الشارع العربي والإسلامي.
ويتابع “وبالتالي، فإن عدم وجود ردة فعل إزاء أي خطوة تفعلها الجماعات المتطرفة بحق الأقصى، فإن ذلك سيؤدي لاتخاذ خطوات أخرى ضد المسجد”.
وحسب المختص في شؤون القدس، فإن هؤلاء المتطرفين أصبحوا يتقدمون خطوة تلو الأخرى في تنفيذ مخطط تغيير الوضع القائم بالأقصى، وذلك بدعم من حكومة الاحتلال.
وحذر أبو دياب من خطورة التحريض العنصري على المسجد الأقصى، مطالبًا بالتدخل العربي والدولي العاجل لردع الجماعات المتطرفة ووقف مخططاتها بحق الأقصى.
0 تعليق