
إحدى الطرف تقول إن شخصا متنفذا اصطحب ابن أخته لدى تخرجه من الجامعة إلى إحدى المؤسسات ليجد له وظيفة، وحال دخوله إلى المؤسسة قرأ الشاب لافتة كبيرة معلقة مكتوب عليها “لا يوجد شواغر”، فتثاقلت مشيته، فقال له خاله: “مالك”. فقال: ما في شواغر يا خال. فضحك المتنفذ وشده من يده وقال: هذه اللافتة “مش إلنا يا خال”!!
هناك من يعتقد أن الطرفة السابقة تعبر عن حالنا مع قانون الجرائم الإلكترونية الذي حذر كثيرون من تمريره بالصيغة التي مررت به.
بحسب الأسباب التي قدمتها الحكومة في ذلك الوقت لتمرير قانون الجرائم الإلكترونية واقتنع بها غالبية النواب أنه يأتي “لتوفير الحماية للحقوق والحريات العامة والخاصة من الاعتداء عليها؛ كالابتزاز والاحتيال الإلكتروني والحض على العنف والكراهية وازدراء الأديان وانتهاك حرمة الحياة الخاصة…”.
ويرى هؤلاء أن المتتبع للفضاء الإلكتروني وما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي لا يرى أن القانون قد آتى أكله على الوجه الصحيح، والدليل أن وسائل التواصل الإلكتروني تعج بالمنشورات التي تحرض على العنف والكراهية وزرع الفتنة بين مكونات الشعب الأردني، وهذا على عكس ما جاء القانون ليحدّ منه.
في المقابل، يرى هؤلاء، أنه كان هناك صرامة في تنفيذ القانون، وصلت حد التعسف أحيانا، ضد فئة معينة تعارض التوجهات الحكومية.
ويستغرب هؤلاء سرعة المدعي العام في تحريك قضايا ضد تلك الفئة، وعدم تحريكه قضايا ضد من يحرضون على الفتنة والكراهية بين مكونات الشعب الأردني، وأولئك الذين ينصبون أنفسهم حكاما على الناس ويوزعون صكوك الوطنية على هؤلاء وينزعونها من هؤلاء دون أي اعتبار لدستور أو قانون أو قضاء.
ما كان يخشاه معارضو القانون من انتقائية وتعسف في استخدام القانون من قبل السلطة التنفيذية للتضييق على معارضيها، بل واستخدامه ضدهم، يبدو ماثلا.
وبعيدا عن القانون، فإن ما يجري من تحريض ضد مكون من مكونات الشعب الأردني بهذه الطريقة السافرة ودون أي رادع يدعو للقلق، وكان على الحكومة التحرك لوأده حتى دون وجود قانون أصلا، فتلك الحملة الحمقاء تفت في عضد الوحدة الوطنية، وتزعزع الاستقرار المجتمعي، وتجعل مكونا رئيسيا من مكونات المجتمع يشعر بالقلق على مستقبله ووجوده.
أدرك أن أولئك النافخين في الكير لا يمكن أن يوجهوا أو يحرفوا سياسة صاحب القرار الراسخة في مسألة اعتبار الوحدة الوطنية خط أحمر، وهو أمر خبرناه منذ عقود، لكن إصرار البعض على استغلال تلك الأصوات الناشزة لمآرب ضيقة وقصيرة النظر تنذر بالخطر.
0 تعليق