السبيل – خاص
في تحقيق مفصل نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية، تكشّفت سلسلة من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وخصوصًا في منطقة محور “نتساريم”.
وتكشف الروايات التي أدلى بها الجنود والضباط، عِظَم الفظائع المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين، وتفضح زيف الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي هو “الأكثر أخلاقية في العالم”.
“خط الجثث”.. سياسة قتل ممنهجة
يبلغ عرض محور “نتساريم” سبعة كيلومترات، ويمتد من مستوطنة “بئيري” حتى خط الشاطئ المحتل.
وهذه المنطقة أُخليت بالكامل من السكان الفلسطينيين، ودُمرت منازلها لإفساح المجال أمام بناء مواقع عسكرية وشق الطرق.
وأقام جيش الاحتلال في محور “نتساريم” خطًا غير مرسوم على الخرائط أُطلق عليه من قبل الجنود “خط الجثث”، وهو خط لم يُعترف به رسمياً، لكنه كان حقيقة ملموسة على الأرض. وبموجب تعليمات واضحة من جيش الاحتلال؛ فإن أي فلسطيني يقترب منه هذا الخط، حتى لو كان طفلًا على دراجة، يجب أن يُقتل فورًا.
وصرّح قائد في الفرقة 252 لصحيفة “هآرتس” قائلًا: “القوات الموجودة في الميدان لديها ما يسمى بخط الجثث. بعد إطلاق النار، لا يتم جمع الجثث على الفور، فتأتي الكلاب لتأكلها، ما يجعلها رمزًا للرعب لدى سكان غزة”.
اعترافات بجرائم ممنهجة
تحدث جنود الاحتلال عن حالات قتل تعسفي كانت تُنفذ بتوجيه مباشر من القادة، وتحولت إلى مصدر للتفاخر بين الوحدات. وروى أحد الجنود حادثة قتل صبي يبلغ من العمر 16 عامًا. قال: “أطلقنا النار عليه، وعندما اقتربنا منه وجدناه غارقًا في الدماء. بعد ساعات، تم إبلاغنا أنه ليس مسلحًا ولا ينتمي لأي تنظيم، لكنه كان بالفعل ميتًا”.
وأضاف الجندي: “في المساء، جاء قائد الكتيبة وقال إنه أمر عظيم أننا قتلنا إرهابيًا، وتمنى أن نقتل عشرة آخرين في اليوم التالي. وعندما اعترض أحد الجنود بأن الضحية كان مدنيًا؛ صرخ عليه القائد مؤكدًا أن كل من يعبر الخط هو إرهابي”.
وتحدث جندي آخر عن قتل أربعة فلسطينيين غير مسلحين. قال: “رأيناهم من خلال طائرة مسيرة، كانوا يسيرون على الأقدام بلا أسلحة. تقدمت دبابة وأطلقت مئات الرصاصات عليهم. قُتل ثلاثة فورًا، والرابع وُضع في قفص حديدي بعد تجريده من ملابسه. مر الجنود عليه يبصقون ويستهزئون به”.
أرقام مزيفة ومنافسة على القتل
ووفقًا لضباط الفرقة 252، كانت هناك منافسة بين الوحدات على تسجيل أكبر عدد من القتلى.
وقال أحد الضباط إنه “عندما تُعلن وحدة أنها قتلت 150، تسعى الوحدة التي تأتي بعدها لتسجيل 200. يتم تصنيف جميع القتلى كإرهابيين، حتى وإن كانوا مدنيين”.
وفي إحدى الحالات؛ أعلن متحدث الجيش أن 200 فلسطيني قتلوا خلال عملية في محور نتساريم. وبعد التحقيق، تبين أن 10 فقط كانوا نشطاء في حماس، والبقية مدنيون.
جيش بلا أخلاق.. فمن يحاسبه؟
وتظهر الشهادات أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بات يتصرف كميليشيا مسلحة مستقلة لارتكاب الجرائم، حيث تُمنح سلطات ميدانية واسعة للقادة لاتخاذ قرارات بالقتل والقصف دون الرجوع إلى أوامر عليا.
وأكد ضابط في الفرقة 252: “اليوم، يمكن لقائد كتيبة أن يأمر بشن غارة جوية أو احتلال منطقة بأكملها. لم تعد هناك قيود على استخدام النار”.
إن غزة، التي صمدت أمام آلة الحرب الإسرائيلية، كشفت للعالم زيف ادعاءات جيش الاحتلال بأنه الجيش الأكثر أخلاقا في العالم.. وأظهرت شهادات جنوده وضباطه إجرامه وفظاعة مجازره في أجلى صورة، ليبقى السؤال المعلق: من سيحاسب هؤلاء القتلة؟ وهل سيستمر العالم في صمته تجاه هذه الجرائم؟
0 تعليق