
علي سعادة
القرارات التي أعلنتها الحكومة فيما يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين، بحل الجماعة وما تبعه من قرارات، هي قرارات دستورية وشرعية لأي دولة في العالم ومن حقها حل أي حزب أو أي جماعة أو جميعه أو حتى شركة، إذا كان ذلك يخدم المصلحة العامة والمصلحة الوطنية، والمتضرر يلجأ إلى القضاء.
المحامي المعروف سميح البراري العجارمة أوضح على صفحته على الفيسبوك بأن قرار الحظر وحل الجماعة ومصادرة أموالها صدر قبل خمس سنوات، وبالنسبة لحظر وحل الجماعة تم تنفيذه ورقيا فقط بإلغاء ترخيصها وعدم التعامل معها رسميا، لكن لم يتم إغلاق مقراتها، ولم يتم تحويل من يثبت انتسابه لها إلى القضاء بتهمة الانتساب لجمعية غير مشروعة كما هو مفترض قانونا.
ما حدث قبل أيام قليلة هو إعلان الحكومة تنفيذ وإنفاذ القرار القضائي بحل الجماعة الصادر قبل سنوات بإغلاق مقراتها وحظر نشاطاتها ومنع التعامل معها من قبل مؤسسات المجتمع المدني والإعلام، ومنع الدفاع عنها لأنها غير مشروعة قانونا، وإحالة كل من يثبت انتسابه للجماعة المحلولة للقضاء بتهمة الانتساب لجمعية غير مشروعة.
وبالنسبة للشق المالي في القرار القضائي بمصادرة أموال الجماعة الصادر بذات القرار قبل خمس سنوات فقد تم قبل سنوات تعيين لجنة مالية لحصر أملاك الجماعة مالها وما عليها لتنفيذ قرار المصادرة، ولغاية اليوم لم تنتهي اللجنة من عملها، واليوم أعلن وزير الداخلية بقرار تسريع عمل اللجنة.
وبحسب الخبير القانوني العجارمة فإن حزب جبهة العمل الإسلامي لم يتم مسه بأية إجراءات من التي أعلنها وزير الداخلية، فلم يصدر أي قرار قضائي ضده، ولم يتم مس حزب الجبهة إلا في حدود بعض مقرات الحزب المشتركة مع الجماعة المنحلة التي وضعت الدولة يدها على موجوداتها التي ثبت أنها تتعلق بالجماعة وليس بالحزب، وذلك تنفيذا لقرار قضائي قطعي صدر قبل خمس سنوات.
الحزب مرخص قانونا، ولم يثبت ممارسته لأية نشاطات غير مشروعة، ولا يوجد أي سند قانوني لتجميد عضوية أعضاء الحزب في مجلس النواب، وتعي الدولة الأردنية أن مصلحتها العليا بعدم حل أي حزب إلا في حدود القانون بقرار قضائي إذا تحققت إحدى الجرائم التي حددها القانون لحل أي حزب، ولم يثبت ارتكاب حزب الجبهة أيٍ منها، لذلك لن يتم إحالة الحزب إلى القضاء كخطوة لحله.
علما أن المادة 36 من قانون الأحزاب ساري المفعول ذكرت على سبيل الحصر الجرائم التي إذا صدر بحق أي حزب قرار قطعي بالإدانة بارتكاب أيٍ منها فسيصدر قرار فضائي بحله، وهذه الجرائم هي:
أ- التحريض على تنظيم مظاهرات أو تجمعات ذات طابع مسلح.
ب- تشكيل تنظيمات أو مجموعات تهدف إلى تقويض نظام الحكم أو تغيير شكل الدولة أو المساس بالدستور.
ج- المساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر، في دعم أو تمويل أو الترويج للتنظيمات أو الجماعات الإرهابية أو التكفيرية.
وهذا يعني أن الحزب هو الآن في الدائرة الرمادية، دائرة المراقبة والتوقعات المفتوحة على مصراعيها، وخيار العودة إلى الدائرة البيضاء وتجنب السوداء يعود للحزب نفسه في كيفية تقديم نفسه للدولة وللمواطن.
وثمة نقطة أكثر أهمية مما ورد أعلاه تتعلق في جزء مفقود من القرار، وهو جزء سياسي وليس قانوني ويحتاج إلى نقاش هادئ، فالجماعة المحظورة في الواقع ليست مقرا أو أشياء مادية ملموسة، وهي أقرب إلى فكرة ومشروع بدأ منذ عام 1945، وربما تحتاج إلى البحث في الفكرة نفسها، فالقاعدة الانتخابية لها تقارب نصف مليون ناخب على مستوى القائمة الوطنية، ومع المتعاطفين وأهليهم فإن الرقم يتجاوز 2 مليون حسب تقديراتي، التي لا تستند إلى أرقام دقيقة أو معلومات رسمية أو غير رسمية، وهؤلاء سيبقون متواجدين ولن يتبخروا تحت أشعة يوم قائظ .
القفز من فوق هؤلاء باعتقادي “فخ استراتيجي” تزيد من كارثيته الضجة على منصات التواصل التي يشارك فيها للأسف عقليات خطرة تؤجج الانقسام وتحرض عليه بغطاء وطني يخبئ تحت عباءته مصالح شخصية وطائفة ودينية وإقليمية .
الضجيج في وسائل الإعلام ومنصات التواصل يجعل الرؤية ضبابية .
ويبدو أن حزب جبهة العمل الإسلامي هو الواجهة التي من الممكن أن تكون صوت غالبية أنصار هذا التيار، أو بقاء الوضع على ما هو عليه إلى حين تبدل الخارطة السياسية في الوطن العربي.
0 تعليق