ودع العالم اليوم (السبت) قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان حيث فقد العالم رمزًا دينيًا كبيرًا، وشخصية عرفت بالعطاء وخدمة الإنسانية والسلام، وبالدور البارز في تعزيز قيم التسامح والتعايش بين الأديان، ونشر رسالة المحبة والسلام في العالم، وتستذكر مملكة البحرين في هذه المناسبة الحزينة الزيارة التاريخية التي قام بها قداسة البابا فرانسيس في نوفمبر 2022، حيث التقى بحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه وشارك في "منتدى البحرين للحوار: الشرق والغرب من أجل تعايش إنساني".
وكانت هذه الزيارة موضع إجلال وتقدير من صاحب الجلالة الملك المعظم أيده الله كونها تلامس جوانب هامة من اهتمامات ومبادئ وقيم يؤمن بها جلالته، ويتبادلها معه البابا فرانسيس والتي تتمثل في السلام الإنساني والتعايش الحضاري وقد عبر جلالته عن هذا الجانب في كلمته الترحيبية بقداسة البابا فرانسيس: ( إننا على ثقة بأن زيارتكم هذه، التي تعني لنا الكثير، لما لكم من مكانة رفيعة وتقدير عظيم في العالم أجمع ومساع مباركة ومقدرة تحظى بالقبول والرضا على الدوام، ستترك أثرًا معنويًا وروحيًا كبيرًا على نفوس محبيكم في منطقتنا الخليجية والعربية، فقداستكم تتمتعون بخصال شخصية كريمة وفريدة، وسمات قيادية رفيعة، وإيمان جلي، نشارككم إياه، بدور الحوار والتواصل بين أهل الأديان السماوية الذين تجمعهم رسالة التوحيد وإعلاء كلمة الحق والعزم على الإصلاح.)
وتركت هذه الزيارة أثرًا كبيرًا في نفس قداسة البابا فرانسيس إذ وصف مملكة البحرين بأنها حاضنة للرابطة الإنسانية والعائلة الواحدة التي تربط الشعوب البعيدة حيث يقول قداسته في الكلمة الختامية لمنتدى البحرين للحوار: الشرق والغرب من أجل تعايش إنساني": (يتخذ هذا البلد اسمه من المياه المحيطة به: في الواقع، كلمة "البحرين" تذكر بـ "بحرين" اثنين، لنفكر في مياه البحر، التي تربط بين الأراضي وتوصل الناس بعضهم ببعض، وتربط بين الشعوب البعيدة. يقول المثل القديم "ما تقسمه الأرض، يوحده البحر"، وكوكبنا الأرض، إذا نظرنا إليه من عل، يبدو وكأنه بحر أزرق واسع، يربط بين شواطئ مختلفة، من السماء، يبدو أنها تذكرنا بأننا عائلة واحدة: لسنا جزرًا، بل نحن مجموعة واحدة كبيرة من الجزر، هكذا يريدنا الإله العلي، وهذا البلد، مجموعة جزر مكونة من أكثر من ثلاثين جزيرة، يمكن أن يكون رمزًا لهذه الإرادة الإلهية).
كما وجدت مبادرات البحرين في تعزيز التسامح الديني والحوار، التقدير الوافر من البابا فرانسيس وإعجابه بالمناخ الذي تتمتع به البحرين في حرية ممارسة الشعائر الدينية، احتضانها لجميع الأديان كنموذج في احترام التعددية الدينية وصون حقوق المعتقدات، واستضافتها لمؤتمرات الحوار الإسلامي المسيحي ومنتديات الوسطية والتعايش، بما يعكس التزام المملكة بنشر قيم التسامح على المستوى العالمي.
وتتسم العلاقات البحرينية مع حاضرة الفاتيكان بالاحترام المتبادل والتعاون البنّاء في مجالات الحوار الديني وخدمة الإنسانية، حيث بدأت العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البحرين والفاتيكان في 12 يناير 2000، وتتميز منذ ذلك الحين بالتعاون في مجالات عدة، خاصة ما يتصل بتعزيز الحوار بين الأديان وخدمة القضايا الإنسانية، وتوثيق الروابط التاريخية وتعميق التعاون بينهما، كما يتبادلان الرسائل والزيارات الرسمية لتقوية العلاقات الثنائية، ومنها الزيارة التي قام بها جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه إلى الفاتيكان في مايو 2014 بدعوة من البابا فرانسيس، ثم زيارة سعادة وزير خارجية الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين إلى مملكة البحرين في 19 مايو 2014، وزيارة قداسة البابا لمملكة لبحرين في نوفمبر 2022، وزيارة جلالته حفظه الله ورعاه للفاتيكان في 16 أكتوبر 2023، ومنها أيضًا الزيارة التي قام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله في شهر فبراير من عام 2020، وزيارة سعادة السفير المطران فرانسيسكو مونتيسيليو باديليا، سفير الكرسي الرسولي لدى الفاتيكان، المعتمد لمملكة البحرين والمقيم في دولة الكويت إلى مملكة البحرين، في ديسمبر 2016.
وستبقى شخصية قداسة البابا فرنسيس، خالدة في وجدان التاريخ بما قدمته من عطاء في خدمة الإنسانية والسلام وتعزيز قيم التسامح والتعايش بين الأديان، ونشر رسالة المحبة والسلام في العالم، واهتمامه بقضايا العدالة الاجتماعية والفقراء، وسيظل العالم يستذكر إيمانه الراسخ بثقافة التلاقي والسلام ونبذ الانقسام والخلافات، ودوره في تسليط الضوء على قضايا محورية كحماية البيئة، والموارد الطبيعية ومواقفه الداعمة للسلام ووقف الحروب والنزاعات وتضامنه مع الشعب الفلسطيني وحقه في العيش بسلام.
0 تعليق