شراكة القطاع الخاص والمدارس المهنية.. هل تسهم بتحقيق تطور اقتصادي وتكنولوجي؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

عمان – أكدت الدعوات الملكية والمطالبات التربوية، أهمية إقامة شراكات استراتيجية بين القطاع الخاص والمدارس المهنية، لتحسين جودة التعليم المهني والارتقاء بقدرته على مواكبة التحولات السريعة في سوق العمل.اضافة اعلان
وبينما ينظر لهذه الشراكات كوسيلة لضمان توفير الدعم المالي المستدام وإطلاق برامج تدريبية مبتكرة، ما يعزز كفاءة الطلبة والمعلمين ويؤهلهم للاندماج بسوق العمل، شدد خبراء في التربية على أن هذه الشراكات، خطوة حيوية لإدخال تخصصات جديدة، تتماشى مع التطورات الاقتصادية والتكنولوجية.
وبينوا في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، أن ما يضمن إعداد جيل يمتلك مهارات مواجهة تحديات المستقبل، لكنهم اكدوا في الوقت ذاته، أهمية أن تكون الشراكة مع القطاع بمؤسساته المتنوعة والمعنية بدعم التعليم والتعليم المهني ومشروع "بي تيك"، بخاصة شراكة استراتيجية دائمة، لذا على القائمين على التشريع بوزارة التربية والتعليم والوزارات الاخرى، مراجعة التشريعات، ومواءمتها لضمان عقد هذه الشراكات ونجاحها، وإرساء قدرة المؤسسات التعليمية لتحقيق مخرجات أكثر تنافسية.
وفي إطار توجيهاته السامية، وجه جلالة الملك عبدالله الثاني، العام الماضي، بمنح الأولوية لإنشاء مدارس تعليم وتدريب فني ومهني وتحديثها، والتعاون بفاعلية مع القطاع، لدعم جودة مخرجات التعليم المهني، كقطاع السياحة والفندقة وغيرها من القطاعات.
وزارة التربية، بدورها، تعمل على تحقيق التوجيهات الملكية، عبر تطوير المناهج، وتحسين البنية التحتية للمدارس المهنية واستحداث مدارس جديدة، وتطبيق برنامج  "بي تيك"، الذي يشمل 10 تخصصات (الأعمال والتكنولوجيا والهندسة والتجميل والضيافة والزراعة، السياحة والسفر والبناء والفن والتصميم والوسائط الإبداعية".
تحسين الإنتاجية وجودة المنتجات
وكان وزير التربية د. عزمي محافظة، اكد سابقا، أهمية هذا النوع من الشراكة بتطوير التعليم المهني، ونشر الوعي بأهميته، وقد أشار أثناء زيارته مؤخرا لأكاديمية "جاكوار لاند روفر" للتلمذة المهنية، إلى ضرورة انسجام مخرجات التعليم المهني مع احتياجات سوق العمل، ومواكبة المستجدات المتسارعة في الصناعة والتقنية والمعرفة.
وزير التربية الأسبق محمد أبو قديس، لفت لأهمية التعليم المهني بتوفير فرص عمل للخريجين، عبر تزويدهم بمهارات عملية لسوق العمل، ما يسهل عليهم الالتحاق بالقطاعات الصناعية والخدمية، مشيرا إلى أن تنفيذ برامج تعليم مهني، يساعد بتقليل نسبة البطالة، ويمكن الخريجين من البدء بمشاريعهم الخاصة كورش الكهرباء أو الميكانيك، ليخلق بذلك فرص عمل إضافية.
ورأى ابو قديس، ان العمالة المدربة، تسهم بتحسين الانتاجية وجودة المنتجات والخدمات وتنافسية الاقتصاد، لافتا الى ان وجود هذه العمالة يشجع الشركات المحلية والأجنبية على الاستثمار، ويقلل الاعتماد على العمالة الوافدة، مبينا أن التعليم المهني، محرك اساسي لخلق فرص عمل وتحفيز النمو، ونجاح مساره، يتطلب شراكة حقيقية مع القطاع الخاص الذي يمثل فعلا سوق العمل وفرص المستقبل.
إعداد جيل يمتلك مهارات مستقبلية
واوضح، أن هذه الشراكات خطوة حيوية لإدخال تخصصات جديدة، تتماشى مع التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتضمن إعداد جيل يمتلك مهارات مستقبلية، مشيرا لما يقع على عاتق القطاع من أدوار، في تحديد احتياجات السوق، وتوجيه المدارس لتعليم المهارات المطلوبة، وتوفير أماكن التدريب والمشاركة بتصميم المناهج، لمواكبة المتغيرات والمستجدات في السوق، بالإضافة للدعم المالي المباشر لبناء المدارس وتجهيزها، وتقليل الأعباء على الحكومة.
ولفت ابو قديس، للتحديات التي تواجه التعليم المهني، وأبرزها ضعف الثقة بين الشركات والمدارس، اذ أن هناك حاجة لبناء الثقة بيبنهما عبر إنشاء مجالس استشارية مشتركة، وتقديم حوافز حكومية كالإعفاءات الضريبية، مشيرا الى ان ذلك يتطلب وجود كوادر فنية وادارية مؤهلة للتواصل مع القطاع، وإقناعهم باهمية التعليم المهني لدعم هذا النوع من التعليم.
بدوره، قال الخبير التربوي د. محمد ابوغزلة، إن التطورات التكنولوجية المتسارعة والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فرضت على الأنظمة التعليمية الساعية للتميز بأن تستجيب لهذه التطورات، والعمل على تمكين الأفراد المتعلمين، بغض النظر عن محتوى التعليم وتنوعه بالمهارات للعيش والتفاعل معها، بخاصة في ظل حاجات السوق، والتي أصبحت تركز على المهارات أكثر من المؤهلات، ما يتطلب من القائمين على التعليم، إيجاد سبل لتحقيق ذلك، والبحث عن  مداخل وأدوات تساعدها بتحقيق أهدافها.
واضاف ابو غزلة، ان المشروع الاستراتيجي التي تبنته الوزارة "بي تيك"، وبدأت بتطبيقه وتوسعت في تخصصاته، يصب في هذا الاتجاه، ويتماشى مع احتياجات السوق، ويساعد بتسويق الكفاءات المحلية، لافتا الى انه لا يمكن للوزارة أن تتولى مسؤولية تنفيذ هذا المشروع وحدها، ويجب أن تكون هناك خطط وطنية للوزارات المعنية بالتخطيط والاقتصاد والعمل، والشراكة مع القطاع الخاص والمؤسسات والمجتمعات المهنية، وعقد شراكات لإجراء دراسات استشرافية وتحليلية لاحتياجات السوق، أو في إضافة تخصصات جديدة تواكب الاتجاهات المستقبلية والمستجيبة للتغيرات في السوق، ما سيصب بتحسين القدرة التنافسية للكوادر الوطنية.
منظومات تعليم تلبي حاجات العصر
وبين ان المسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص تحتم عليه الاستجابة للشراكة مع القطاع التعليمي، لما لها من دورحيوي وأساسي بدعم وتطوير التعليم  ومشروتع "بي تيك"، في ظل تسارع التطورات التكنولوجية وتحول أنماط سوق العمل العالمي، موضحا بأنها لن تكون مجرد شراكة فقط لتوفير الدعم المالي والتقني لإنشاء مختبرات ومراكز تدريب متخصصة في المدارس، وتزويدها بالأجهزة والمعدات، بل يجب أن ينظر لها ولدورها في صياغة منظومات التعليم، بما يلبي متطلبات العصر الرقمي والاقتصاد المعرفي، بدعم فتح تخصصات جديدة، وتطوير مناهجها.
 كما يمكن ان يسهم- وفقه- بتحديد معايير المهارات والكفاءات المطلوبة للتخصصات المستقبلية، تلك التي تبنتها او استحدثتها الوزارة، بما يحقق التكامل ومواءمة المناهج الدراسية مع احتياجات السوق الواقعية، وهذا سيقلل من الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق، ويؤدي لزيادة جاهزية الخريجين للانخراط الفوري فيه، كذلك دعم برامج الابتكار التعليمي، وتوفير البنية التحتية  للمدارس التي تطبق "بي تيك".
وأشار إلى أهمية الشراكة هذه في بناء جسور عملية بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق عبر التدريب المهني، وتوفير فرص عمل واستقطاب، كما يمكن لمؤسسات القطاع الخاص اعتماد برامج "بي تيك" كمعيار أساسي للتوظيف، ما يعزز من قيمة المشروع مجتمعيا، وهذا تجسيد لدور القطاع الخاص بتعزيز استدامة التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
شهادا لتخصصات "بي تيك"
كما يتوجب بحسبه، ان يجري التنسيق لوضع التعليمات لإصدار شهادة للتخصصات المهنية التي يتضمنها المشروع، لتمنح الملتحقين فيه الأولوية لشغل الوظائف في القطاعين العام والخاص، والعمل مع القطاع الخاص على وضع مسار للتدريب العملي في الشركات، لضمان ربطه بالتعليم النظري في المدارس المهنية، كما على الوزارة أيضا، وضع مزيد من الخطط والبرامج الإعلامية لاستقطاب ليس فقط القطاع الخاص من الشراكات والمؤسسات، بل والأشخاص الاعتباريين لتبني تمويل برامج أو برامج التحاق للطلبة وابتعاثهم للجامعات في الدول المتقدمة، وبمجالات في التخصصات المهنية التي يحتاجها السوق، والتنسيق مع جامعات محلية لتوفير تخصصات أو إنشاء كليات تقنية جديدة، لاستيعاب خريجي هذا المشروع.
من جهته، قال الخبير التربوي عايش النوايسة، أن الشراكة مع القطاع ركيزة أساسية لتحقيق التكامل بين التعليم والسوق، اذ تسهم بتوفير موارد مالية وخبرات تعزز جودة التعليم والتدريب المهني، موضحا أن القطاع الخاص يلعب دوراً محورياً بنقل احتياجات السوق للمؤسسات التعليمية، لضمان إعداد كوادر مؤهلة قادرة على تلبية متطلبات القطاعات.
تبني نهج تطويري للمسارات التعليمية
وأضاف أن الأردن يعاني من تحد يرتبط بالعلاقة بين التعليم وفرص العمل، بخاصة المرتبطة بالجانب المهني والتطبيقي الذي يحتاجه القطاع، ما يتطلب المواءمة بين مخرجات التعليم والسوق، لافتا الى ان معدل البطالة مرتفع جدًا، بلغ نحو 21 %، وهو رقم له انعكاسات كبيرة على النمو الاقتصادي والحياة الاجتماعية، ما يفرض على مؤسسات التعليم ضرورة تبني نهج تطويري للمسارات التعليمية، والتركيز على المهارات والتطبيقات التي يحتاجها السوق، ما يتطلب شراكة فاعلة مع القطاع، بما يتيح للطلبة فرصا حقيقة لبناء خبراتهم في مؤسساته، ويوفر منافع متبادلة للطرفين.
وتابع النوايسة، ان تخصصات "بي تيك"، والمزمع اضافتها، ركيزة أساسية في بناء جيل مؤهل لتحقيق التنمية والتنافسية، عبر إيجاد فرص عمل تتناسب مع التطورات المعاصرة وحاجات السوق، لافتا الى ان التعليم المهني يثري معارف المتدربين، ويركز على التطبيق العملي في نطاق التخصص المهني ضمن مشاغل مهنية مجهزة ومرتبطة بالمؤسسات في القطاعين العام والخاص، تعزز اكتساب المهارات المهنية وممارستها، بما ينعكس على جودة مخرجات التعليم المهني، ويوجد فرص عمل.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق