تيم سيباستيان ورنا الصباغ يكتبان: أول 100 يوم من عهد ترامب الثاني - الأول نيوز

cnn 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هذا المقال بقلم تيم سباستيان، صحفي بريطاني ومحاور تلفزيوني ومؤلف كتب، ورنا الصباع صحفية ومحررة استقصائية عربية. يتشارك الاثنان في منصة مستقلة على وسائل التواصل الاجتماعي تسلط الضوء على قضايا الساعة الإشكالية.

بعد حياة قضاها في بناء وتشييد أشياء، كشف دونالد ترامب أن موهبته الرئيسية تكمن في مجال آخر: التدمير.

في المائة يوم الأولى من ولايته الثانية، وجّه ترامب ضربات قاسية لمجموعة من الضمانات القانونية والضوابط المصممة لحماية المواطنين الأفراد من ممارسات الحكومة الاستبدادية الخبيثة.

فقد أصدر عفواً عن المجرمين المتورطين في تمرد السادس من يناير، واستهدف المهاجرين مشوهاً صورتهم بأنهم عصابات خطرة، حتى أولئك الذين توفر لهم المحاكم الأمريكية حماية خاصة.

شهدنا قاضية أمريكية تُقاد بالأصفاد، بعد اتهام الإدارة لها بعرقلة سياسة الرئيس في طرد المهاجرين غير الشرعيين، حيث دانتها المدعية العامة بام بوندي دون انتظار فحص وتدقيق الاتهامات أمام المحكمة.

هذه المشاهد المستوحاة من دليل الطغاة التقليدي لا يمكن إلا أن تكون مخيفة – وهذا هو المقصود. قالت بوندي: "يعتقد هؤلاء القضاة أنهم فوق القانون. لكنهم ليسوا كذلك. سنلاحقكم، وسنقاضيكم. وسنجدكم".

وليس مفاجئاً أن ترامب، المدان جنائياً، ينتقي القوانين التي يلتزم بها أو يتجاهلها حسبما يشاء.

بحلول مارس، كانت قد رفعت أكثر من 100 دعوى قضائية ضد إدارته، إضافة إلى إصدار القضاة أكثر من 12 أمراً قضائياً مؤقتاً تطعن في أفعاله.  لكنه تجاهل بعضها بصورة تامة، بحسب ما قاله القضاة.

لم يتردد مفوض الكفاءة لدى ترامب، إيلون ماسك، في صبّ الزيت على النار، إذ قال: "الطريقة الوحيدة لاستعادة حكم الشعب في أمريكا هي بعزل القضاة. يجب أن نعزلهم لإنقاذ الديمقراطية".

كرر نائبه جي دي فانس الرأي ذاته قائلاً بثقة نفس عالية: "لن يُسمح للقضاة بالسيطرة على السلطة التنفيذية المشروعة".

في حقبة أخرى غير حقبة ترامب، كانت هذه المعارك ستنتهي حتماً أمام المحكمة العليا. لكن من غير المرجح أن تسعى الهيئة المؤلفة من 9 قضاة - 6 منهم محافظون - إلى مواجهة كاملة مع الرئيس الحالي – خاصة وأن 3 منهم تم تعيينهم بفضل ترامب نفسه.

وعلى أي حال، فقد منحت المحكمة الرئيس حصانة من الملاحقة القضائية على أي أفعال رسمية يقوم بها أثناء توليه المنصب. لذلك، يدرك ترامب حدود المحكمة جيداً، ويسعى لاستغلالها.

بحلول منتصف أبريل، تجاهل ترامب حكماً بالإجماع من القضاة يقضي بإعادة رجل رُحّل بشكل غير قانوني إلى أمريكا الوسطى. بل، وكذب مكتبه حيال القرار، مدعياً أن المحكمة أصدرت حكماً لصالح ترامب.

ظهر في ولاية ترامب الثانية وبشكل أوضح مدى استسهال الرئيس ومسؤوليه بأمر التلاعب بالحقائق، مدركين أن ما يسموه بـ"الإعلام المزيف" وحده من سيهتم بذلك.

متحرراً من القيود، يواصل ترامب استخدام "كرة التدمير" الخاصة به، ضد أي شيء يقف في طريق تحقيقه للأرباح. امتنع ترامب بجرة قلم عن تطبيق أحد أهم قوانين مكافحة الفساد في حوزته – قانون مكافحة الممارسات الأجنبية الفاسدة – الذي كان يهدف إلى منع الشركات الأمريكية من رشوة المسؤولين الأجانب مقابل الحصول على عقود.

تحدث أنصار ترامب عن أن هذا القانون كان يضر بتنافسية الشركات الأمريكية مقارنة بغيرها. لكن الرسالة الضمنية من ترامب إلى رجال الأعمال الأمريكيين كانت واضحة: "اذهبوا ورشوا، افعلوا ما يلزم للفوز بالعقود".

يبدو أن أمريكا في عهده الثاني حريصة على الفوز بسباق إلى الهاوية، كما هي حريصة على الفوز بسباق إلى القمة.

تتوقع معظم الحكومات من موظفيها قول الحقيقة – لكن ترامب كسر القاعدة.

فقد أُجبر المتقدمون لوظائف اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري على ترديد الكذبة بأن الرئيس السابق جو بايدن سرق الانتخابات العامة في عام 2020. أو عليهم البحث عن عمل في مكان آخر.

ولم يكتفِ بالإصرار على تكرار أكاذيبه، بل انغمست الإدارة في جولات وصولات من الخيال المشوه. فبدأت تكذب على نفسها – تحديداً فيما يتعلق بأشخاص لم تعد ترغب بوجودهم في الولايات المتحدة.

خلال الأسبوعين الأخيرين، تبين أن الحكومة الأمريكية أعلنت وفاة أكثر من 1000 مهاجر غير شرعي، لوقف حصولهم على أي فوائد، أو أموال، أو غذاء، أو عمل، أو أوراق رسمية.

تزوير السجلات الحكومية يعتبر جريمة.

لكن التظاهر بأن اشخاص على قيد الحياة أصبحوا في عداد الموتى لكي تخرجهم من بلدك لا يمكن وصفه بأقل من تصرف عجيب غريب وفظ.

وقد تم توجيه الاتهامات، لكن البيت الأبيض التزم الصمت. ولا عجب أن وزارة الخارجية أغلقت مكتبها الذي كان يتابع حملات التضليل الإعلامي العالمي.

في الوقت ذاته، يقوم مفوضو ترامب، مثل نائبه جي دي فانس، بجولات حول العالم لإخبار الدول – كما فعل فانس في غرينلاند – أن سياساتها لا تتماشى مع سياسات الولايات المتحدة ويجب أن تتغير.

أما عن التحالفات، فقد دمر ترامب تقريباً الثقة بين أعضاء حلف الناتو بموقفه المؤيد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورفضه السماح للدبلوماسيين الأوروبيين أو الأوكرانيين بالمشاركة أو حتى إبداء الرأي في المناقشات التي يقودها صديقه ستيف ويتكوف.

ويتكوف، الثري والودود، يظهر نوعاً من الثقة المفرطة التي لا تولد إلا بسبب الجهل.

زعم أنه "صديق" لبوتين.

ونعم ابتسم بوتين له وصافحه – لكن "الصداقة" في حال كانت فعلا موجودة، لم تؤدِ لأي نتيجة.

حاول ويتكوف استرضاء الكرملين بتكرار رواياته: مدعياً أن أوكرانيا هي من بدأت الحرب. لكن بوتين استخدم ما يعجبه من المحادثة لمصلحته، آملاً بعقد صفقات مربحة بعد انتهاء الحرب – واستمر في قصف أوكرانيا.

في كييف، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوكراني، أولكسندر ميريجكو، إنه ينبغي طرد ويتكوف لآنه لم يعرف إن كان ويتكوف مبعوث ترامب أم بوتين.

هكذا ذهب وعد ترامب بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة أدراج الرياح.

لكن ترامب لوحده سينجح من حيث أخفق آخرين من قبل. قد يكون من الظلم القول إن دافع ترامب الأكبر لحل النزاع كان طمعه في معادن أوكرانيا النادرة. لكن الأمر بان كذلك.

حتى مع تصاعد القتال وسقوط المزيد من القتلى الأوكرانيين، واصل ترامب إثارة قضية المعادن من خلال التلويح بمسودة عقد المعادن علانية في وجوههم.

فمنذ أن أصبح رئيساً، لم يفوت فرصة لاستغلال منصبه لتحقيق مكاسب شخصية.

لكن ما يحركه حقاً – كما كان دوماً – هو توافر الفرصة الحقيقية للانتقام من أعدائه.

لذلك ليس مستغرباً أنه يلاحق الصحافة – مهدداً شبكة CBSبسبب تسجيلهم مقابلات تنتقد الرئيس، خاصة المقابلة التي أجرتها المؤسسة مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي.

في جولاته خارج واشنطن، وفي قاعة الإحاطة الصحفية بالبيت الأبيض، يحظى الإعلام الجديد وصحافيوه بالاهتمام – شاكرين للرئيس إجابتهم عن أسئلتهم ومنحهم فرصة الجلوس في المواقع الأمامية لتسجيل تصريحاته.

إنجاز ترامب الرئيسي هو أنه أصبح الخبر الرئيسي اليومي في عدد أكبر من الدول وعلى عدد أكبر من وسائل الإعلام أكثر من أي زعيم آخر في العالم. هذه هي ساحة معركته – وهو يهيمن عليها. الأكاذيب والتهريج حاضران دوما.

لكن بالنسبة لأنصاره، ترامب يُنجز، يتخذ القرارات، ويخوض المعارك.

في المقابل، أصبح صمت الديمقراطيين صارخاً ويزداد وضوحاً يوماً بعد يوم.

قد تتراجع نسب تأييد ترامب في استطلاعات الرأي – لكن بعد مرور 100 يوم على تنصيبه في ولايته الثانية، لا يزال خصوم ترامب السياسيون بلا خطة لمواجهته أو لوقف هجومه اليومي على سمعة أمريكا العالمية والتي كانت يوماً ما قلب العالم الحر.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق