الخطة الوطنية للنهوض بالمرأة.. مشروع طموح

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

استضاف المجلس الأعلى للمرأة، يوم الثلاثاء الماضي، نخبة من الإعلاميين والصحافيين والكتاب للتعرّف ومناقشة تفاصيل»الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية 2025-2026»، حيث كان واضحاً أن المجلس لا يريد أن يكتفي بإعلان خطة من فوق المنصات، بل أراد أن «يستأنس»، والكلمة هنا دقيقة، برأي السلطة الرابعة بوصفها عيون المجتمع وآذانه، والأهم من ذلك صوته.

فالصحافة والإعلام ليست فقط مرآة لما يحدث بل وسيلة فعّالة لإشراك الناس في فهم القرارات والسياسات الكبرى، وخصوصاً تلك التي تمسّ نصف المجتمع؛ المرأة.

في هذا اللقاء، لم يكن الطرح إعلامياً بارداً مليئاً بالمصطلحات التقنية، بل كان حواراً شفافاً حول تفاصيل الخطة، التي تأتي ضمن سلسلة جهود مستمرة منذ عقود لتعزيز مكانة المرأة البحرينية، بقيادة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة ملك البلاد المعظم رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، التي كانت حاضرة بروحها وتوجيهاتها في كل سطر وعبارة.

الخطة الجديدة جاءت امتداداً وتحديثاً للاستراتيجية الوطنية التي أُقرّت في 2005، وهي لا تكتفي بتكرار الشعارات، بل ترتكز على أربعة مجالات واقعية ومحددة؛ الاستقرار الأسري، المشاركة الاقتصادية، صنع القرار، وجودة الحياة.

وهي مجالات مرتبطة بالمجتمع بأسره، لأن نهضة المرأة لا يمكن فصلها عن نهضة العائلة، والمؤسسات، والاقتصاد، وحتى الخطاب الثقافي العام.

أكثر ما لفت الانتباه في العرض الذي قدمته الأستاذة لولوة العوضي، الأمين العام للمجلس، هو إصرار المجلس على البناء على ما سبق، لا القفز عليه.

فقد تضمّنت الخطة مراجعة للمبادرات السابقة، وتحليلاً للفجوات، وحرصاً على ألا تبقى أي فكرة جيدة حبيسة الأدراج. كما كان هناك تأكيد على وضع مؤشرات قابلة للقياس، وتحديد مفاهيم دقيقة لكل محور، وهو أمر مهم لقطع الطريق على التفسيرات الفضفاضة التي كثيراً ما تجهض الخطط.

في المقابل، كانت مشاركة الإعلاميين مفعمة بالاهتمام والأسئلة الذكية، ما يؤكد أن هناك رغبة حقيقية في نقل هذه الخطة من إطارها الرسمي إلى الفضاء العام، لقد طالب بعض الزملاء بضرورة تجديد الخطاب الإعلامي حول المرأة، لا كضحية ولا كمجرد قصة نجاح فردية، بل كقوة حقيقية تُسهم في التنمية، وتنتج، وتدير، وتبني.

أما على الأرض، فهناك مؤشرات لا يمكن تجاهلها؛ المرأة البحرينية اليوم حاضرة في مواقع القرار، موجودة بقوة في القطاع العام، وتشق طريقها بثبات في ميادين الاقتصاد. وهناك برامج داعمة، كبرنامج التمكين السياسي الذي بدأ منذ 2002، وسياسات سكنية واجتماعية بدأت بالفعل في معالجة الكثير من القضايا.

هنا يأتي دور الإعلام، لا كمرافق للخطة، بل كشريك نقدي، لأن القضايا الكبرى لا تحتمل المجاملات، فالمطلوب من الإعلام اليوم أن يتوقف عن تناول المرأة بوصفها «زينة المجالس» أو «نجمة يوم المرأة»، وأن يبدأ في مساءلة المؤسسات عن تنفيذ ما جاء في هذه الخطة، وقياس أثرها، ومتابعة تغير المؤشرات عاماً بعد عام.

الخطة الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية ليست ورقة عمل، بل وثيقة رؤية. وهي لن تنجح إلا إذا خرجت من مقر المجلس الأعلى للمرأة إلى كل بيت ومدرسة ومؤسسة، وعبر كل شاشة ومنصة ومنبر، وهنا يبدأ دورنا الحقيقي كإعلاميين بأن نكون جسوراً بين المجلس والمجتمع، بين الورقة والواقع، بين الطموح والتنفيذ.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق