بحلول 2030.. إنتاج 418 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...


عمان - بتاريخ 11/11/2024 كنت قد كتبت مقالا بعنوان احتياطيات النفط والغاز في الأردن! وكان على إثر الإعلان عن اكتشاف احتياطي من الغاز يصل إلى 9.4 تريليون قدم مكعب، وتساءلنا عندها بالكشف عن أي الاحتياطيات نتحدث (الاحتياطيات المؤكدة أو الاحتياطيات الممكنة أو الاحتياطيات المحتملة( وعن كيفية العمليات الحسابية التي تمت لهذه الغاية، والتي يصعب التحكم بها في منطقة الريشة، بسبب تواجد الغاز على شكل تجمعات غازية في أودية جليدية قديمة (channels)، ومن الممكن ان تكون في مصائد استراتغرافيه (Stratigraphic Traps) ليس في شكل التراكيب المتعارف عليها، مما يجعل الأمر في غاية الصعوبة، وفي جميع الأحوال فإن الأمر يتطلب بالكشف عن الموديل الجيولوجي للحقل مبيناً فيه النموذج الديناميكي (Dynamic model) والنموذج الاستاتيكي (Static Model). اضافة اعلان
إن التصريح الصادر يوم 24/4/2025 لوزير الطاقة "رفع إنتاجية غاز الريشة إلى 418 مليون قدم مكعب يوميا بحلول العام 2030" أصبح حديث الشارع، وكبقية أبناء المجتمع الأردني، الذي تفرحه الاخبار التي تساهم في الخروج من الازمة الاقتصادية للوطن (شريطة ان تكون دقيقة، ولكي لا تساهم في الإحباط وزيادة فجوة الثقة، وترفع من نسبة الإشاعات التي لا تخدم مصلحة الوطن)، الأمر الذي دفعني كمختص في الهندسة الجيوفيزيائية، والذي سبق أن درس التركيب العميق للقشرة الأرضية في الأردن واحتمالية تواجد النفط والغاز فيها، وكأحد أبناء سلطة المصادر الطبيعية سابقا بالتدقيق ومراجعة كافة المعلومات المتاحة. 
من هذا المنطلق، قمت بالعودة إلى التقارير الصادرة عن شركة البترول الوطنية ووزارة الطاقة والخطة الاستراتيجية للشركة، وحسب ما هو موثق ومعلن، ولكي لا اقع في الخطاء الذي كنت قد وقعت فيه والذي اعتذر عنه (حيث كنت قد كتبت في مقالي بتاريخ 11/11/2024، إلى أن إنتاج الغاز اليومي من حقل الريشة كان بواقع 45 مليون قدم مكعب، حيث تبين أن إنتاج الغاز لعام 2024 هو حوالي (16.714 مليون) ستة عشر مليون وسبعمائة وأربعة عشر الف قدم يومياً تقريباً (حسب تقرير شركة البترول الوطنية 29/1/2025)، وان الإنتاج لعام 2023 كان بواقع14.7 مليون قدم مكعب باليوم (حسب التقرير السنوي لوزارة الطاقة لعام 2023)، كما كنت قد كتبت ان خطة شركة البترول الوطنية الوصول الى 200 مليون قدم بحلول 2030، وتبين لي لاحقاً، بانه وحسب خطة الشركة للأعوام 2025 -2046 الوصول في عام 2029 الى 150 مليون قدم مكعب يومياً، وذلك بعد حفر 70 بئرا جديدة (حسب تصريحات مدير شركة البترول الوطنية تاريخ 9/11/2024 لتلفزيون المملكة "أشار الخصاونة إلى أن خطة الشركة للأعوام 2024-2029 تتضمن حفر 70 بئرا، 26 منها ضمن المناطق التطويرية، لإنتاج 150 مليون قدم مكعب في اليوم الواحد في عام 2029، بدلاً من 45 مليون قدم مكعب يتم إنتاجها اليوم، وكتاب شركة البترول بكتاب تاريخ 16/12/2024). بالإضافة إلى أنني كنت قد اعتمدت في مقالي السابق على تصريحات وزير الطاقة لتلفزيون المملكة تاريخ 20/6/2022 "إن خطط شركة البترول الوطنية هي زيادة كميات الغاز المتواضعة للوصول إلى 45 مليون قدم مكعّب بحلول نهاية العام الحالي. وتابع: خلال الثلاثة أعوام المقبلة الخطة بأن يصل الإنتاج إلى حوالي 200 مليون قدم مكعّب" (منشور أيضاً في موقع مدار الساعة الإخبارية)، وكذلك المعلومات الصادرة عن شركة البترول الوطنية ومنشورة بتاريخ 17/6/2023. 
إن التقرير الصادر عن شركة البترول الوطنية يبين بأن إنتاج الغاز من حقل الريشة، متذبذب، فعلى سبيل المثال بداء الإنتاج اليومي عام 1989 بواقع 12.3 مليون قدم مكعب، ليرتفع بتاريخ 15/12/1993 ليصل إلى 32.6 مليون قدم مكعب يومياً، وسجلت أعلى إنتاجية بتاريخ 23/7/2003 بواقع 37.8 مليون قدم مكعب يومياً، وهبط الإنتاج اليومي عام 2004 ليسجل 28.42 مليون قدم مكعب. 
لكن عند مراجعة كميات الإنتاج للأعوام من 2016 ولغاية 2024 يتبين بان الإنتاج عام 2016 (4.112 مليار قدم مكعب تقريباً)، عام 2017 (3.562 مليار قدم مكعب تقريباً)، عام 2018 (3.333 مليار تقريباً)، عام 2019 (3.5 مليار تقريباً)، عام 2020 (5.3 مليار تقريباً)، عام 2021 (6.51 مليار تقريباً)، عام 2022 (5.382 مليار قدم تقريباً) وعام 2023 (6.13 مليار قدم مكعب) وعام 2024 (6.1 مليار قدم مكعب)، حسب تقرير صادر عن شركة البترول الوطنية. 
كما تبين تقارير شركة البترول بأن عدد الآبار المحفورة في منطقة الريشة وصلت الى رقم 67 (ما تزال الأعمال تجري في عدد من الآبار مثل 64، 65، 66 والذي تم إعداد برنامج للحفر المائل فيه، 67، وغيرها (تم حفر عدد منها من قبل الشركة الكويتية)، واحياناً يتم العودة إلى الآبار القديمة مثل 25، و49 وغيرها. 
كما تبين بأن عددا من الآبار توقفت عن الإنتاج، مثل (الآبار رقم 8 و9 و16 و18 و24 و28. البئر 28 كان من المفروض أن يرفع إنتاج الحقل من 12 مليون قدم إلى 20.5 مليون قدم مكعب في عام 2019 حسب تصريحات وزير الطاقة خلال زيارة وفد مجلس الأعيان لحقل الريشة، والمنشور بتاريخ 25/3/2018 وأعلى كمية من الإنتاج لهذا البئر كانت 0.7 مليون قدم في 2019 ومتوقف منذ عام 2021، وكذلك الآبار 39 و45 و57) وبقية الآبار ينخفض إنتاجها مع الزمن (البئر 48 كان الإنتاج اليومي 6.791 مليون قدم مكعب اعتبارا من 15/8/2019، انخفض إلى 0.838 مليون قدم مكعب عام 2024، والبئر 49 الذي كان انتاجه 6.09 مليون قدم مكعب عام 2020، انخفض الى 2.874 مليون قدم عام 2024، والبئر 53 الذي كان ينتج 6.521 مليون قدم مكعب عام 2021، انخفض الإنتاج منه الى 2.672 مليون قدم عام 2024) ناهيك عن الآبار غير المنتجة من الأصل.
كما تبين، أن الآبار المساهمة في الإنتاج لعام 2024 بلغ عددها 21 بئراً من اصل 59 بئرا الواردة في التقرير (كون بقية الآبار وحتى البئر 67 لم يعلن عن نتائجها)، وقد سجل أعلى إنتاج في البئر 59 بواقع 8.469 مليون قدم مكعب يومياً (بداء الإنتاج منه بتاريخ 11/1/2024، وسبق ان أعلنت الشركة بتاريخ 18/4/2024 بان انتاجه
14 - 15 مليون قدم مكعب يومياً)، يليه البئر رقم 49 بكمية انتاج 2.874 مليون قدم مكعب يومياً (بداء الإنتاج 15/12/2019، كان الإنتاج منه 6.791 مليون قدم مكعب عام 2020) والبئر 53 بإنتاج 2.672 مليون قدم مكعب يومياً (بداء الإنتاج 9/4/2021، وكان 6.521 مليون قدم مكعب)، واقل كمية نتاج كانت بواقع 0.012 مليون قدم مكعب يومياً في الآبار 22 و 38 وبقيت الآبار سجل كل منها كميات إنتاج تتراوح من 0.123 إلى 0.838 مليون قدم مكعب يومياً. علماً بأن هناك تقريرا صحفيا منشورا بتاريخ 2/2/2025 بأن الإنتاج من حقل الريشة ارتفع إلى 55 مليون قدم مكعب؟ وهذا أمر يثير الاستغراب.
إن مثل هذا التقرير يبين بأن عدد الآبار المنتجة (بغض النظر عن كميات الإنتاج، المتدنية في معظمها)، يشكل 35.5 % من الـ 59 بئرا الواردة في التقرير. وعند الاخذ بعين الاعتبار بأن الشركة أعلنت بتاريخ 6/4/2025 عن طرح عطاء لحفر 80 بئرا على أساس تسليم مفتاح، خلال 3 سنوات، بكلفة تقدر بـ87 مليون دينار؟ (من التجارب السابقة فإن تكلفة الحفر وتصوير الآبار وتجهيزها ستكون أعلى من هذا الرقم) تغطي الحكومة جزءا من الاحتياجات التمويلية (لم يعلن عن مقدارها)، والباقي من إيرادات بيع الغاز من حقل الريشة؟ وفي حال الأخذ بنسبة الآبار المنتجة خلال 2024 والبالغة 35.5℅، لا بل سنكون متفائلين بان نصف الابار المنوي حفرها ستكون منتجة، وافتراض أن إنتاجها سيكون كما هو في الآبار 48 عند بداية الإنتاج بتاريخ 15/8/2019 (6.791 مليون قدم مكعب، وانخفض الى  0.838 مليون قدم في 2024) والبئر 49 (بلغ الإنتاج منه 6.791 مليون قدم عام 2020 وانخفض إلى 2.874 مليون في 2024، والبئر 59 الذي بدأ الإنتاج منه في 11/1/2024 وينتج 8.469 مليون قدم مكعب (حسب تقرير الشركة)، وفي حال الافتراض بأن الآبار المنتجة سيصل عددها إلى 40 بئراً (50 %) من الآبار التي سيتم حفرها واعتبرنا متوسط الإنتاج متساويا لكل منها، وبواقع 5 ملايين قدم مكعب يومياً (وهذا افتراض غير واقعي حسب تاريخ إنتاج الآبار في الحقل الوارد في تقرير الشركة للسنوات 2016-2024) فإن كميات الإنتاج التي سنحصل عليها بحلول 2030 سيكون 200 مليون قدم مكعب يوميا (40 بئرا × 5 = 200)، ويضاف اليها كميات الإنتاج التي يعلن عنها بانها ستكون هذا العام 55 مليون قدم مكعب (منشور بتاريخ 2/2/2025 بان الإنتاج من حقل الريشة ارتفع الى 55 مليون قدم مكعب، ولم أجد في تقرير الشركة أي إشارة لمثل هذا الرقم) فإن أعلى إنتاج ممكن الوصول اليه، سيكون بحدود 250 مليون قدم مكعب يومياً (دون الأخذ بعين الاعتبار بأن عددا من الآبار المنتجة اليوم ستكون قد توقفت عن الإنتاج، وهو أمر طبيعي)، وبالتالي فإن مثل هذا الاستنتاج يكون أقرب إلى خطة شركة البترول الوطنية، وليس إلى التصريح باننا سنصل إلى إنتاج  418 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً بحلول 2030، وهو الإنتاج الذي يفوق الاستهلاك اليومي للأردن بحوالي 78 مليون قدم مكعب (حيث يقدر الاستهلاك اليومي 340 مليون قدم مكعب من الغاز، حسب تصريحات سابقة).
وفي جميع الأحوال إذا وصلنا إلى إنتاج 150 - 200 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً بحلول 2030، فهذا يعتبر بحد ذاته انجاز كبير يسجل للوزارة ولشركة البترول الوطنية.
إن مثل هذا الأمر، ان تحقق سيكون بكل تأكيد منعطف جديد في عملية النمو الاقتصادي وسيفتح الآفاق لمزيد من الاستثمار وتشغيل الأيدي العاملة (سيسعد كافة أبناء المجتمع الأردني)، مع التأكيد على ثقتنا بالكفاءات الأردنية القادرة على تقديم الإنجازات التي تخدم المصلحة الوطنية وبالطرق المختلفة.
ان النفط الموجود في حقل حمزة (منطقة الأزرق)، والمكتشف عام 1984 من قبل سلطة المصادر الطبيعية (التي انفقت على التنقيب عن النفط والغاز ما يزيد على 100 مليون دينار خلال الأعوام 1980-1995)، وبعد تجربة الشركات الدولية التي لم تحقق نتائج إيجابية منذ عام 1947 حتى 1980، الا ان حقل حمزة أعاد اهتمام بعض الشركات التي عملت في أكثر من منطقة في الأردن ولم تصل الى نتائج إيجابية. وهنا لا بد أن نذكر أن عودة بعض الشركات خلال النصف الثاني من العقد الأول من هذا القرن، يعود الفضل فيها لجهود جلالة الملك خلال أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في البحر الميت عام 2007 مثل شركة بتريل الأيرلندية، وشركة جلوبال بتروليوم الهندية، وشركة سنوران الأميركية، وشركة ونيفرسال للطاقة، ولم تصل إلى نتائج إيجابية.
إن الإنتاج من حقل حمزة كان حوالي 500 برميل يومياً، وتراجع الى 5-10 برميل عام 1989، حيث توقف الإنتاج منه. 
في عام 2019، أطلقت الحكومة مشروعاً لإعادة تأهيل الحقل وعلى مراحل. المرحلة الأولى (تأهيل الحقل)، والمرحلة الثانية (إعادة تأهيل الآبار والبدء بعملية الإنتاج عن طريق تطبيق أسلوب الضخ باستعمال المضخات الغاطسة)، والمرحلة الثالثة (حفر آبار جديدة). أعلن في 7 تموز 2021، عن تدشين مرحلة التأهيل الثانية لرفع الطاقة الإنتاجية إلى ألفي برميل يومياً، وسبق أن تم التصريح بان الحقل ينتج 500 برميل يومياً (تصريح وزير الطاقة لصوت المملكة ومنشور بتاريخ 20/6/2022). كما تم المباشرة في أعمال الحفر في نهاية العام 2023 (حسب تصريح وزير الطاقة تاريخ 24/1/2024)، وأشار آنذاك الى ان العمل يجري منذ شهرين لحفر 3 آبار جديدة وتطوير نموذج ديناميكي لتحليل البيانات وتحديد الاحتياطيات، وخلال زيارة معالي الوزير لتفقد أعمال الحفر بتاريخ 6/4/2024، أشار إلى أن نتائج البئر 18 ستظهر خلال أسابيع، وبئر 19 الذي استخدم فيه أسلوب الحفر الأفقي، من المتوقع أن ينتهي الحفر فيه خلال شهرين منذ ذلك التاريخ.
وعلى الرغم من انتهاء أعمال الحفر في حقل حمزة، منذ عدة أشهر، ومغادرة شركة ادنوك الموقع والانتقال للحفر في منطقة السرحان التطويرية الخاصة، الا انه لم يتم الحديث سلباً او ايجاباً عن النتائج التي خلصت اليها أعمال المرحلة الثالثة من إعادة تأهيل حقل حمزة (نتائج الحفر)، من منطلق المصارحة والشفافية، والتي عودنا عليها جلالة الملك وسمو ولي العهد. 
إن أعمال تأهيل حقل حمزة، واستخدام المضخات الغاطسة، أسفر عن رفع كميات الإنتاج، حيث بلغت 107880 برميل عام 2021، ولتنخفض الى 94.675 برميل عام 2022، والى 43.988 برميل عام 2023 (حسب بيانات وزارة الطاقة، وحسب المنشور بتاريخ 26/8/2024)، وهناك معلومات تشير إلى أن كميات الإنتاج لعام 2024 انخفضت الى حوالي 19 ألف برميل (على الرغم من وجود تصريح بتاريخ 26/8/2024 بأن الإنتاج اليومي من حقل حمزة يبلغ 200 برميل يومياً، إلا أن تقرير المملكة تاريخ 2/2/2025 يشير إلى 70 برميلا يومياً). 
عند احتساب الكميات المنتجة من النفط من عام 2021 الى 2024 نجد انها تقريباً تصل الى 265.543 برميلا (احتياجات الأردن اليومية تقدر بـ 150,000 برميل يومياً تقريباً، حسب تصريحات معالي وزير الطاقة تاريخ 20/6/2022، وبيانات وزارة الطاقة، وبالتالي فإن هذه الكمية تعادل احتياجات الأردن ليومين وثلث تقريباً)، وان قيمتها الإجمالية ستكون حوالي 18.588 مليون دولار (على اعتبار سعر برميل النفط 70 دولارا). لكن بعد احتساب خدمات كلفة إدارة العمليات (شركة البترول 30 % من الإنتاج، حسب المعلومات المتوفرة من الشركة البترول)، وكلفة الطاقة والنقل وأعمال الحفر في المنطقة وغيرها، لا ندري كم سيتبقى من الإيرادات المالية الفائضة والتي سيتم استخدامها لتغطية تكاليف عطاء المسح الزلزالي ثلاثي الابعاد (3D) البالغ قيمته 29.035.038 دولارا (تسعة وعشرون مليونا وخمسة وثلاثون ألفا وثمانية وثلاثون دولارا)، حيث كان هناك تصريح منشور بتاريخ 29/4/2024 /بترا "يأتي هذا المشروع، الذي تنفذه الوزارة بتمويل من عائدات حقل حمزة النفطي" ومنشور ايضاً بتاريخ 29/10/2024 ومنشور أيضاً في جريدة الغد بتاريخ 21/4/2025. كما إشارات التصريحات بأن هذا المسح يسهم في توفير قاعدة بيانات لفهم التراكيب الجيولوجية تحت السطحية في منطقة الدراسة، ومن ثم تحليلها لاستخلاص النتائج التي ستشكل خارطة الطريق للخطوات المقبلة، لافتا سيتم تعيين شركة عالمية لمعالجة البيانات وتحليلها (وهنا يظهر السؤال، هل تكاليف العطاء تشمل تغطية تكاليف الشركة العالمية التي ستقوم بمعالجة البينات لاحقاً، ام انها تكلفة إضافية؟). وفي جميع الأحوال، إذا اضفنا المبالغ المالية المرصودة في الموازنة العامة لعام 2025 والبالغة 4.5 مليون دينار (6.35 مليون دولار) للتنقيب عن البترول والثروات الطبيعية (منشور بتاريخ 25/11/2024) وغيرها من التبرعات المقدمة من الشركات والمتبقي من أمانات إيرادات حقل حمزة، فأنها لا تكفي 50 % من قيمة عطاء المسح السيزمي 3D لمنطقة الجفر لوحدها؟ فكيف سيكون الحال إذا قمنا بالعمل على إجراء مسوحات ثلاثية الأبعاد في المناطق الأخرى (عندها سنتحدث عن ملايين الدولارات، من اين ستدفع).
كما يظهر السؤال، في حال كانت النتائج غير مبشرة (يجب أن يتم أخذ كافة الاحتمالات)، فهل ستكون المنطقة جاذبة لأي من الشركات بعد ذلك؟، خاصة أن الشركات الراغبة في العمل في أي منطقة، فأنها تعمل على تقييم كافة المعطيات الجيولوجية والجيوفيزيائية ونتائج الحفر والبنية التحتية بنفسها، وتأخذ بعين الاعتبار معامل الخطورة قبل توقيع أي مذكرة تفاهم أو اتفاقية. وهنا لدينا سؤال، هل سيكون لدينا فرصة لاستقطاب الشركات الدولية لإعادة التقييم، كما هو في رسالة شركة BGP تاريخ 7/8/2024، التي طلبت مزيداً من المعلومات لتحديد خطة التقييم والموافقة للعمل في منطقة الجفر.
إننا بكل ثقة ندعم توجهات الوزارة باستقطاب شركات متخصصة لمنحها الامتياز لاستكشاف النفط والغاز في المملكة، على أن تكون المسوحات السيزمية ثلاثية الأبعاد والحفر وغيرها من الأعمال على نفقة الشركات، وهو النجاح الذي حققته الوزارة في توقيع مذكرات تفاهم لتقييم الاحتمالات البترولية والغازية في كل من منطقتي السرحان وغرب الصفاوي (منشور بتاريخ 2/2/2025)، الأمر الذي لا يكلف الخزينة أي مبالغ ماليه، كما في منطقة الجفر. 
إن المعلومات المتوفرة في أرشيف سلطة المصادر الطبيعية (تم نقله لوزارة الطاقة) وهو غني بالمسوحات الجيولوجية والجيوفيزيائية مثل المغناطيسية والجاذبية والسيزمية ثنائية الابعاد، وثلاثية الابعاد في بعض المناطق والابار المحفورة والتي يزيد عددها عن 125 بئرا، تعتبر كافية لاجتذاب الشركات العالمية وذلك لتخفيف عامل المخاطرة المالية، خاصة أن الأردن يصنف من الدول عالية المخاطر في مجال التنقيب عن النفط.
كما سبق وأن أشرت في لقاء صحفي بتاريخ 23/4/2008، إلى أن ما يشاع عن اكتشافات نفطية كبيرة في منطقة البحر الميت، يحتاج إلى تراكيب جيولوجية غير متاحة (كان ردا على ادعاء احدى الشركات باكتشاف كميات ضخمة من النفط والغاز في منطقة البحر الميت، وتم تسجيل قضية ضد الحكومة من قبل تلك الشركة في ذلك الوقت)، وبنفس الوقت، يجب الإشارة الى ان النفط الموجود في حقل حمزة هو ليس تركيب كبير بل عبارة عن مصيدة تكتونية (Tectonic Trap)،  وكذلك غاز الريشة والموجود على شكل تجمعات في الأودية الجليدية القديمة (Channels)، أو في مصائد استراتيغرافية (حسب تقارير الجيولوجيا التركيبية التي كنت قد اطاعت عليها خلال عملي في سلطة المصادر الطبيعية). 
اننا الان أصبحنا في وضع يصعب فيه اقناع الشارع الأردني في حال لم نصل الى كميات الإنتاج التي تم الإعلان عنها )418 مليون قدم مكعب من الغاز بحلول 2030)، وإذا لم نصل الى نتائج إيجابية في أعمال التنقيب عن النفط في الجفر وغيرها من المناطق (التي ينتظرها الشارع الأردني)، وسيعود الشارع إلى تقبل الاشاعات المختلفة والتي لسنا بحاجة لها، اقلها ان النفط موجود إلا أن التكتم عليه تعود لأسباب سياسية. 
كما أرى بانه من الأفضل ترك الباب مفتوحا في هذا المجال، وان لا نفرط في التفاؤل، وان نستمر في اعمال التسويق ولا يهم المدة الزمنية، حتى ولو كررنا الدراسات، كأعمال التنقيب في وادي عربه (ننقب عن النحاس والذهب والرصاص والزنك وغيرها منذ ستينات القرن الماضي، وما زلنا ننقب)، وغيرها الكثير، ولا ضير في ذلك ما دامت تقوم به الشركات دون تحميل الموازنة العامة اية مبالغ مالية.

*مركز عبر المتوسط للدراسات الإستراتيجية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق