الإعلان عن تأجيل المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، يؤكد أن سير تلك المفاوضات لم يكن بالشكل المطلوب، وأن التفاؤل الذي أبداه الطرفان الأمريكي والإيراني ليس سوى حديث لـ«الإعلام فقط»، وإن المفاوضات لم تكن جيدة بين الطرفين أصلاً.
ولعل وصف نتائج تلك المفاوضات بـ«المبهمة» كان صحيحاً، حيث لم يتم الإعلان عن نتائجها في الجولات الثلاث السابقة للمفاوضات، وفوق كل هذا تم تأجيل الجولة الرابعة لأجل غير مسمى، كما قالت الولايات المتحدة، مما يؤكد أن نقاط الاختلاف أو الخلاف بين الطرفين، كان أكثر من اتفاقهما أو تفاهمهما، بدليل أنه وبمجرد الإعلان عن تأجيل جولة المفاوضات الرابعة، خرج كلا الطرفين الأمريكي والإيراني منتقداً الآخر، وتبادلا الاتهامات والتهديدات، وكأنهما لم يكونا في مفاوضات وحوارات «دبلوماسية».
وبالمنطق، لو كانت الجولات تسير وفق ذلك «التفاؤل» الذي حاولت الأطراف المجتمعة تصويره للرأي العام، لكانت الجولة الرابعة قائمة في موعدها «السبت»، أو على الأقل لكان التأجيل إلى وقت قريب معلوم ومعلن، وليس مجهولاً، فهل وصل الطرفان إلى طريق مسدود في مفاوضاتها؟ بحيث وجدا أن «التأجيل» هو الأنسب؟ حتى يراجع كلاهما نفسه، ويعيدا ترتيب أوراقهما للمستقبل، ولكن هذا في حال التأجيل «الطبيعي»، والذي يتم عادةً تحت ظروف قاهرة، أجبرت كلا الطرفين على التأجيل، وسرعان ما يتم الإعلان عن الموعد الجديد لجولة المفاوضات، خاصة وأن «التفاؤل» كان سائداً بينهما، أو هكذا تم التصريح للإعلام.
أعتقد أن الجولات الماضية لم تكن ناجحة، ولم تسر بالشكل المطلوب، لعل ذلك بسبب وضع شروط صعبة من قبل الطرفين، فإيران يهمها رفع العقوبات، و«الثقة» في برنامجها النووي، كما قال وزير خارجيتها عباس عراقجي، فيما لا تريد الولايات المتحدة تطوير إيران لبرنامجها النووي، ولا تأجيجها للصراع في الشرق الأوسط، ودعمها لوكلائها الإرهابيين في المنطقة، كما صرحت وزارة الخارجية الأمريكية، بل إن الرئيس الأمريكي هدد بشكل صريح وواضح – في حسابه على منصة «تروث سوشيال» - أي دولة أو جهة تشتري منتجات بتروكيماوية من إيران، وجاء هذا التصريح بمجرد الإعلان عن تأجيل المفاوضات في جولتها الرابعة، فيما وصفت إيران مواقف الولايات المتحدة بالمتناقضة، مشككة في نوايا واشنطن، وهذا تأكيد جديد على أن المفاوضات السابقة لم تسر بالشكل المطلوب.
إن الولايات المتحدة وإيران تدركان أن عدم تفاهمهما، وتصلبهما في مواقفهما، يجعل من كل الاحتمالات السيئة قائمة وواردة، وهذا لن يصب في صالح استقرار المنطقة وأمنهما، لذلك نرجو منهما العودة سريعاً لطاولة المفاوضات، وإعادة تفعيل الحوار، وتغليب لغة العقل، وتقديم النهج الدبلوماسي، تجنباً لأي قرارات خاطئة قد لا تحمد عقباها.
0 تعليق