استطلاع الـ 200 يوم

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عبد الله المجالي

استطلاع الـ 200 يوم
عبد الله المجالي
لست هنا بصدد التشكيك في صدقية وحرفية مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية؛ فهو المركز الذي دأب على إجراء استطلاعات رأي وطنية.

شخصيا شاركت المركز حين كنت طالبا في الجامعة الأردنية كباحث ميداني، حيث تم إجراء دراسة موسعة حول رأي الأردنيين في الديمقراطية، وشملت العينات جميع محافظات المملكة، وكان فريقنا مسؤول عن استطلاع آراء المواطنين في مناطق الشمال، ولا أكتمكم أنها كانت تجربة رائعة بكل المقاييس.

على العموم فقد توقفت كثيرا عند نتائج الاستطلاع الأخير للمركز الذي جاء بمناسبة مرور 200 يوم على تشكيل حكومة الدكتور جعفر حسان، فهي نتائج أقل ما يقال عنها أنها مثيرة حتى بالمقاييس الإحصائية.

ليس لأن الاستطلاع أظهر أن 74% من الأردنيين يعتقدون أن الأمور في الأردن تسير بالاتجاه الإيجابي، بل لأن تغيرا حادا حصل في رأي الأردنيين خلال 100 يوم فقط، حيث كانت النسبة في استطلاع قبل 100 يوم أن 55% فقط يعتقدون أن الأمور تسير بالاتجاه الإيجابي.

كل النتائج في الاستطلاع ينطبق عليها وصف الإثارة من ناحية إحصائية، فالفروق كبيرة جدا، ويصعب أن تحصل خلال فترة زمنية قصيرة خصوصا إذا لم تشهد تلك الفترة أي تحولات أو أحداث كبيرة.

فقد أظهر الاستطلاع أن نسبة ثقة الأردنيين بمجلس النواب ارتفعت خلال 100 يوم من 25% إلى 39%، والثقة في الأحزاب ارتفعت من 19% إلى 25%، وبمؤسسات المجتمع المدني من 43% إلى 54%، وبالمدارس الحكومية من 55% إلى 64%، وبالجيش العربي من 91% إلى 99%، وبالمخابرات العامة من 89% إلى 99%، وبالتلفزيون الأردني من 49% إلى 66%.

ما يزيد الإثارة، وربما الحيرة، أن الأرقام التي أظهرها الاستطلاع الأخير لم تحصل من استطلاعات من قبل.

من نافلة القول أن دور المركز هو إجراء الاستطلاعات كجهة أكاديمية فنية حيادية وليس دوره تقديم تحليل تفصيلي للنتائج أو تفسير لها.

ومع ذلك فإن تحليل النتائج وتفسيرها يقع على عاتق مؤسسات أخرى، كالمؤسسات الإعلامية، ومن هنا فهناك ما يشبه الطفرة قد حدثت في آراء الأردنيين، وهذا يصعب تفسيره.

لا أدري إن حدث تغير في طبيعة إجراء الاستطلاع أو العينة أو طبيعة الأسئلة أم لا، لكن إن ظلت الإجراءات كما هي فهذا يعني أن الإثارة والحيرة ستكون أكبر.

وكما قلنا آنفا فإن الفترة خلت من أي تحولات أو حوادث كبيرة أدت إلى ارتفاع نسبة التفاؤل والثقة لدى الأردنيين؛ فلم يحدث مثلا أن أعلن عن اكتشافات نفطية أو غاز بكميات تجارية كبيرة، أو أعلن عن عشرات آلاف فرص العمل الحقيقية، أو ما شابه.

ومع ذلك يمكن القول أن الحدث الذي أشغل بال الأردنيين والذي وقع خلال فترة إجراء الاستطلاع وهي 17 إلى 27 نيسان، هي كشف المخابرات عن خلايا مسلحة، والتي كانت في 16 نيسان، وبعدها جلسة مجلس النواب الشهيرة لمناقشة ما كشفت عنه المخابرات في 21 نيسان وقرار وزير الداخلية حظر جماعة الإخوان المسلمين في 23 نيسان.

لقد امتازت تلك الفترة بالاحتقان والتوتر ومحاكمة الناس على آرائهم عبر وسائل التواصل، وأشاعت جوا من الخوف والترهيب الفكري، وسردية باتجاه واحد، وأظهرت كل رأي مخالف للتوجه الحكومي وكأنه “خيانة وطنية”؛ ساهم في إنتاجها جلسة مجلس النواب الشهيرة ووسائل الإعلام الرسمية.

فهل لعبت تلك الأجواء دورا في تغيير رأي الأردنيين وقدرتهم على التعبير عن آرائهم بحرية؟!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق