المواجهة الهندية – الباكستانية والتنين الصيني

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
مهند أبو فلاح

الاشتباكات العنيفة بين الجارتين اللدودتين الهند والباكستان الدائرة حاليا على امتداد المناطق الحدودية لا سيما في منطقة كشمير المتنازع عليها بين البلدين ليست الأولى من نوعها ، لكن تسليط الاضواء اعلاميا على نوعية الطائرات المقاتلة الهندية التي تم إسقاطها من قبل سلاح الجو الباكستاني يوحي بوجود أجندة خفية لدى جهات تقف من وراء التصعيد الأخير بين الجارين النوويين .

الحديث عن طائرة رافال التابعة لسلاح الجو الهندي الفرنسية الصنع التي تم اسقاطها من قبل سلاح الجو الباكستاني باستخدام طائرات صينية الصنع يوحي بوجود من ينفخ في كير الفتنة والأزمة بين البلدين ولا سيما أن إقليم كشمير المحاذي لمنطقة التيبت في أعالي جبال الهملايا كان مسرحاً لحرب قصيرة دامية بين الهند و الصين في مطلع ستينيات القرن الماضى ولا يخفى على المتابعين للمشهد السياسىي في شبه القارة الهندية رغبة الدوائر الحاكمة في نيودلهي بتهيئة الرأي العام المحلي لصفقات سلاح جديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.

لوبيات الصناعات الحربية المتنفذة في البيت الاسود بواشنطن و في أروقة البنتاجون (وزارة الدفاع الأمريكية) ولجنة الدفاع في الكونجرس ليست معنيةً فحسب بجني المزيد من الأرباح و المكاسب المالية عبر صفقة ضخمة تعقدها مع ثاني أكبر دول العالم سكانيا بعد الصين الا و هي الهند، بل هي راغبةٌ في خلق صراع مسلح دموي بين كلا البلدين لوضع حد لاقوى قوة اقتصادية صاعدة على مستوى العالم في إشارة إلى النظام الشيوعي الحاكم في بكين.

النمو المتسارع للاقتصاد الصيني يشكل تهديدا حقيقيا للاقتصاد الأمريكي في بلد رأسمالي يهيمن عليه رجال الأعمال من أصحاب رؤوس الأموال الضخمة الذين يضغطون بقوة على الإدارة الأمريكية لاتخاذ خطوات عملية ملموسة لوضع حد نهائي للتفوق الصيني على منتوجاتهم في مختلف أسواق العالم التجارية، و هو امر لا يمكن تحقيقه و هذا ما عبرت عنه سياسة الرئيس الجديد في البيت الأبيض دونالد ترامب من خلال اتخاذ سلسلة إجراءات اقتصادية للحد من تدفق البضائع و السلع الصينية المنشأ إلى الأسواق الأمريكية.

صناع القرار في واشنطن يدركون أنه لا سبيل لإيقاف عجلة التنمية الاقتصادية الصينية المتسارعة الا عبر استدراج الصين إلى مواجهة عسكرية مع دولة تملك الموارد البشرية اللازمة لمواجهة بكين، وهو امر غير متوفر فعليا الا في الهند التي تشكو في حقيقة الأمر من ضعف فعلي في ترسانتها العسكرية لاسيما الجوية منها التي يرجع جزءٌ لا يستهان به منها الى حقبة الحرب الباردة .

الدوائر الليبرالية الحاكمة في نيودلهي تبدو معنية اكثر من اي وقت مضى في مواجهة الصين ليس لأنها راغبة في الحصول على بعض العمولات المالية من صفقات سلاح تعقد مع القوى الغربية فقط، بل لأنها تشعر بتهديد مضاعف لوجودها في سُدة الحكم في بلادها في أعقاب سقوط النظام الملكي الحاكم في نيبال المجاورة الواقعة بين الهند و الصين و قيام الجمهورية فيها على يد الثوار الماويين في بلد كان ينظر إليه باستمرار باعتباره جزءًا من الحديقة الخلفية للهند .

انتصار الثوار الماويين في نيبال اعطى زخما هائلا و قوة دفع معنوية رهيبة لنظرائهم في الهند الذين يخوضون كفاحا مسلحا متواصلا ضد النظام الحاكم في نيودلهي منذ عدة عقود في أكثر من عشر ولايات هندية مما يعيق كثيرا من الاستثمارات الغربية في البلاد، ويشكل خطرا داهما على مصالح الطبقة البرجوازية الحاكمة في الهند، والمرتبطة فكريا و اقتصاديا بالنظام الرأسمالي الليبرالي العالمي .

حسابات حكام نيودلهي تتقاطع و تتلاقى الى حد بعيد مع مصالح الدوائر الامبريالية في واشنطن ولندن وغيرهما الراغبة في إعادة صياغة المشهد الاقتصادي العالمي بما يتلاءم مع العقلية الشيطانية المتحكمة في تفكيرها، والنابعة من تلك النظريات التي وضعها عالم الجغرافية السكانية الانجليزي مالتوس في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي و التي ترى في الحروب المدمرة وسيلة إيجابية للتخلص من مشكلات الانفجار السكاني و التزايد المضطرد في عدد سكان العالم على نحو لا يتناسب مع الزيادة في انتاج الغذاء عالميا .

العقلية الشيطانية لتجار الحروب و مصاصي دماء البشرية ليست مستغربة لدينا نحن معشر العرب المؤمنين بالله، فهي تذكرنا بقول الحق عزّ و جلّ في محكم تنزيله العربي المجيد في معرض وصفه لأسلاف هؤلاء من عبيد آل روتشيلد و روكفلر من المرابين الصهاينة اليهود أحفاد الصعلوك شايلوك: “كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا و الله لا يحب المفسدين” (سورة المائدة – الآية ٦).

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق