«الموت».. حينما يخطف من نحب!

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لا شيء يعصف بالوجدان كما يفعل فقد قريب أو صديق.

في لحظة، يتوقف الزمن، وتتحول الحياة إلى مشهد صامت. تتغير الوجوه، تتبدد الكلمات، وكل شيء حولنا يبدو غريباً. ورغم قسوة الألم، إلا أن هذا الفقد يحمل في طياته دروساً عميقة، تغير نظرتنا للعالم ولأنفسنا.

كثيرون ممن فقدوا أحبابهم يقولون: لم أعد أرى الحياة كما كنت. إذ فجأة، تصبح التفاصيل التي تشغلنا بلا معنى، مشاحنات العمل، سباق المظاهر، اللهاث وراء المادة.

ويحلّ مكانها وعي جديد بأن الوقت محدود، وأن من نحبهم قد يرحلون دون سابق إنذار، وأن الحياة قصيرة جداً جداً.

الوفاة تُفجّر أسئلة وجودية، إذ يسأل الإنسان نفسه ما الجدوى من كل هذا الجري؟! ماذا سيبقى بعد رحيلي؟! والأهم، هل أحببت بما يكفي؟! هل سامحت؟! هل عشت بصدق؟!

هذه الأسئلة، رغم ثقلها، تُوقظ الإنسان من سباته اليومي، وتدعوه ليعيش بقلب أكثر حضوراً واتزاناً.

حين نبكي على من نحب، فنحن لا نبكي فقط على غيابه، بل على المعنى الذي كان يمثّله في حياتنا، وعلى الوقت الذي ربما لم نستثمره معه، وعلى الحب الذي لم يُقَلْ.

لكن هذه الدموع، وإن بدت مؤلمة، هي بدايةٌ للتغيير الداخلي؛ هي ما يجعلنا نُقبِل على من بقوا بحب أكبر، وعلى الحياة بنيّة أصفى.

الفقد يترك أثراً لا يُمحى، لكنه أيضاً يصقل الروح. من مرّ بتجربة كهذه يصبح أكثر تعاطفاً مع آلام الآخرين، ويتوقف عن إطلاق الأحكام السطحية، كما أنه سيعرف قيمة لحظة الصدق، وكلمة الاعتذار، ودفء العائلة.

قد يبدو موت من نحب نهاية، لكنه في حقيقة الأمر بداية لنسخة أكثر إنسانية منّا. فالذين يرحلون يتركون فينا شيئاً منهم، لا يموت. وبدل أن نستسلم للحزن، يمكننا أن نجعل منهم مصدر إلهام لنعيش كما كانوا يتمنّون لنا، بأن نكون أقوى، أصدق، وأكثر قرباً من إنسانية الحياة.

اتجاه معاكس

مثال للصلابة، صاحب رأي شجاع، رجل بمعنى الكلمة، شهم مع الجميع، رافض لرؤية الظلم، حبه صريح للبحرين، لم يجامل فيها إطلاقاً، يعرف من كان في ساحة الشرفاء بالبسيتين ما أعني، يوم تدخل كالبطل رادعاً مسلحاً استهدف جموع المخلصين.

رحلت سريعاً، لكن ذكرك لن يُمحى، لن ننسى ابتسامتك الدائمة، حتى وأنت تصارع المرض، وكأنك تقول: «أترككم في عناية الله، ذاهباً لرحمته وكرمه راضياً».

ابن العم عبدالوهاب السيد، وداعاً يا أخي البطل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق