loading ad...
سنة بعد سنة، بل يوما بعد يوم، تزداد الحالة العربية تراجعا، إذا أخذنا الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي المطرد والمزيد من التكتل والتشبيك الاقتصادي واللوجستي والثقافي مقياسا لعدم التراجع أو للتقدم. اضافة اعلان
وحين يسمع المواطن التصريحات والبيانات التي تصدر عن كل لقاء عربي، ابتداء من مؤتمرات القمة مرورا إلى زيارات الشخصيات السياسية والسفراء، تدوي في أذنية عبارات التعاون، والأقطار الشقيقة، والفرص، والاستثمارات، والمشاريع المشتركة، والإعمار، والتعاون في الطاقة والمياه والعلوم والتكنولوجيا والتجارة، وغير ذلك من عبارات وكلمات تتردد وتتكرر منذ 60 عاما أو أكثر. ولكن لا شيء على أرض الواقع يتحقق، ولا برنامج يدوم، ولا مشاريع مشتركة، ولا خطوط سكة حديد تربط البلدان العربية المتجاورة، ولا مشاريع للمياه أو الطاقة أو الزراعة. هذا بينما يلتقى الزعماء الأوروبيين بدون ضجيج لتجد القرارات الفاعلة والكلمات القليلة، والالتزام من جميع الشركاء. ليس لدى الأوروبيين على الرغم من اختلاف لغاتهم وتنوع ثقافاتهم وتباين تطلعاتهم، ليس لديهم العبارات الرنانة والصور الوهمية والاختراعات اللفظية التي يسمعها المواطن العربي.
والسؤال لماذا ؟على الرغم من أن الجامعة العربية مثلا هي أقدم منظمة إقليمية في العالم؟ لماذا لم ينجح العرب في أي عمل مشترك ذي تأثير ونجح غيرهم في التكتل والتماسك ومن ثم التأثير؟ بل نلاحظ أن المنطقة العربية أصبحت مسرحا مفتوحا للتدخلات الأجنبية المباشرة سواء من دول أو مؤسسات أو حتى من جماعات؟ كما نراه في سورية وليبيا والعراق ولبنان واليمن، أو بطريقة غير مباشرة كما نرى في معظم الأقطار العربية. ما الذي يجعل ألمانيا وفرنسا يتوافقان على التحالف الحقيقي، والسياسات المتماثلة أو غير المتناقضة على الرغم من أن الحروب بين المانيا وفرنسا تعود إلى مئات السنين، كان آخرها احتلال ألمانيا النازية لفرنسا ودخولها باريس لينزح منها مليون فرنسي ؟ هذا بينما لم تنشأ صدامات أو حروب بين الأقطار العربية ونعني بين الشعوب العربية. ما الذي يجعل الأقطار العربية والالتقاء العربي بل التفكير العربي يتراجع، وعلى مدى 60 عاما، من حلم في دولة متوحدة إلى الإنكفاء لكل دولة؟ وتغيرت العبارات تدريجيا من الوطن العربي إلى العالم العربي إلى المنطقة العربية إلى الأقطار العربية إلى الشرق الأوسط، لتدخل معها تركيا وإيران وتتسلل إسرائيل ؟. لماذا تذهب كل اللقاءات العربية على مختلف المستويات هباء وكان الجهود والمحاولات
والتطلعات يبتلعها ثقب أسود فلا يبقى لها أثر؟ والسؤال هذا وان كان يبدو تاريخياً، إلا أنه في الواقع سؤال من أجل المستقبل المتسارع التغيير. فاستمرار الحالة العربية على ما هي عليه يحمل من الأخطار أضعاف أضعاف ما يبدو على السطح، خاصة وأن الرؤية الاستعمارية التقليدية للمنطقة لم تتغير في الجوهر، وأن تغيرت في الأساليب والتكتيكات، هناك أسباب كثيرة وراء تنامي هذه الحالة وتفاقمها، ولعل الأسباب التالية تقع على رأس القائمة:
اولاً: إن الأنظمة العربية تعطي الأولوية والأهمية للنظام بأشخاصه، مع الاحترام، وليس للدولة بشعبها ومواردها ومستقبلها.
ثانياً: إن الكثير من الانظمة العربية تستمد قوتها وشرعيتها من الدعم الأجنبي الظاهر أو الخفي وليس من الدعم الوطني. واذاك يتوارى الوطني مقابل الاجنبي.
ثالثاً: إن الإفراط في الاعتماد على المساعدات والمنح والقروض
والهبات يحمل معه تهميشاً للدور العربي المشترك وتصغيرا لأي تحالفات عربية.
رابعاً: إن الاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات العربية وخاصة الاجتماعات السياسية لا تنطلق من إيمان حقيقي بضرورة العمل المشترك باعتباره ضمانة لمستقبل أفضل، وانما هي في كثير من الأحيان استرضاء للرأي العام واجتذابا للانتباه الدولي.
خامساً: غياب الجدية في مواضيع المشاريع المشتركة وخاصة الإستراتيجية منها. إذ لا يرافق الضجيج الإعلامي حول تلك المشاريع تخصيص موازنات للتنفيذ ولا قرارات برلمانية تؤكد الالتزام بها ولا برامج زمنية تحكم الأداء.
سادساً: سيطرة النزعة الفردانية على السلوكات السياسية والاقتصادية. إذ لا يؤمن النظام العربي بان دولته بحاجة إلى تحالف إستراتيجي حقيقي مع الدولة العربية المجاورة. بل يعتقد أن نظامه بمفرده قادر على الاستمرار والبقاء مهما كان الثمن كما فعل نظام الأسد في سورية والقذافي في ليبيا.
سابعا: ضعف مؤسسات الدولة الإدارية والمالية والسياسية وهشاشتها في معظم الأقطار العربية أمام سلطة النظام.
ثامنا: إن غياب المشاريع الإستراتيجية المشتركة يتيح للنظام الحاكم أن يتحلل من التزاماته بسهولة بل قطع العلاقات أو تجميدها لأسباب تخص النظام وليس الدولة.
تاسعا: إن ضعف المنطقة العربية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وتواضع مستوى الأمن الغذائي والأمن المائي وأمن الطاقة
واستمرار حالة التخلف لا تشكل مصدر قلق لمعظم الأنظمة العربية لغياب الرؤية المستقبلية.
عاشرا: إن إسرائيل ككيان استعماري توسعي ترى قوتها في ضعف الفلسطينيين والعرب وتشتتهم، وتعمل على فرض سيطرتها وإدارة العالم العربي من خلال التحكم بالمفاصل الإستراتيجية العربية، سواء باستخدام المظلة الأميركية الأوروبية في وجه القانون الدولي
ومؤسساته، أو التفوق العسكري، أو الدسائس والفتن التي تثيرها مباشرة أو من خلال وكلائها أو تصدير أزماتها للمنطقة العربية
وغير ذلك.
واخيراً فإن الحالة العربية اذا استمرت على هذه « الفردانية والإنكفائية» التي ترفض المؤسسات وتتجنب التكتل والتعاون والمشاريع الإستراتيجية المشتركة، وفي ظل التغيرات المناخية وما تحمله من نقص المياه وارتفاع الحرارة والتصحر، هذه الحالة مهددة بالتفاقم باتجاه مزيد من التراجع واستفحال هجرة العقول والمهارات، واستفراد الدول الاجنبية في هذه الاقطار تدريجياً. فهل ينظر الزعماء إلى المستقبل بجدية ومسؤولية، ويدركون تغيير موازين القوى الإنسانية والطبيعية؟ ويعملون معا للخروج من الثقب الأسود من خلال العلم والتكنولوجيا والفكر المستنير والتعاون الحقيقي الدائم للدول والشعوب؟ تلك هي المسألة.
وحين يسمع المواطن التصريحات والبيانات التي تصدر عن كل لقاء عربي، ابتداء من مؤتمرات القمة مرورا إلى زيارات الشخصيات السياسية والسفراء، تدوي في أذنية عبارات التعاون، والأقطار الشقيقة، والفرص، والاستثمارات، والمشاريع المشتركة، والإعمار، والتعاون في الطاقة والمياه والعلوم والتكنولوجيا والتجارة، وغير ذلك من عبارات وكلمات تتردد وتتكرر منذ 60 عاما أو أكثر. ولكن لا شيء على أرض الواقع يتحقق، ولا برنامج يدوم، ولا مشاريع مشتركة، ولا خطوط سكة حديد تربط البلدان العربية المتجاورة، ولا مشاريع للمياه أو الطاقة أو الزراعة. هذا بينما يلتقى الزعماء الأوروبيين بدون ضجيج لتجد القرارات الفاعلة والكلمات القليلة، والالتزام من جميع الشركاء. ليس لدى الأوروبيين على الرغم من اختلاف لغاتهم وتنوع ثقافاتهم وتباين تطلعاتهم، ليس لديهم العبارات الرنانة والصور الوهمية والاختراعات اللفظية التي يسمعها المواطن العربي.
والسؤال لماذا ؟على الرغم من أن الجامعة العربية مثلا هي أقدم منظمة إقليمية في العالم؟ لماذا لم ينجح العرب في أي عمل مشترك ذي تأثير ونجح غيرهم في التكتل والتماسك ومن ثم التأثير؟ بل نلاحظ أن المنطقة العربية أصبحت مسرحا مفتوحا للتدخلات الأجنبية المباشرة سواء من دول أو مؤسسات أو حتى من جماعات؟ كما نراه في سورية وليبيا والعراق ولبنان واليمن، أو بطريقة غير مباشرة كما نرى في معظم الأقطار العربية. ما الذي يجعل ألمانيا وفرنسا يتوافقان على التحالف الحقيقي، والسياسات المتماثلة أو غير المتناقضة على الرغم من أن الحروب بين المانيا وفرنسا تعود إلى مئات السنين، كان آخرها احتلال ألمانيا النازية لفرنسا ودخولها باريس لينزح منها مليون فرنسي ؟ هذا بينما لم تنشأ صدامات أو حروب بين الأقطار العربية ونعني بين الشعوب العربية. ما الذي يجعل الأقطار العربية والالتقاء العربي بل التفكير العربي يتراجع، وعلى مدى 60 عاما، من حلم في دولة متوحدة إلى الإنكفاء لكل دولة؟ وتغيرت العبارات تدريجيا من الوطن العربي إلى العالم العربي إلى المنطقة العربية إلى الأقطار العربية إلى الشرق الأوسط، لتدخل معها تركيا وإيران وتتسلل إسرائيل ؟. لماذا تذهب كل اللقاءات العربية على مختلف المستويات هباء وكان الجهود والمحاولات
والتطلعات يبتلعها ثقب أسود فلا يبقى لها أثر؟ والسؤال هذا وان كان يبدو تاريخياً، إلا أنه في الواقع سؤال من أجل المستقبل المتسارع التغيير. فاستمرار الحالة العربية على ما هي عليه يحمل من الأخطار أضعاف أضعاف ما يبدو على السطح، خاصة وأن الرؤية الاستعمارية التقليدية للمنطقة لم تتغير في الجوهر، وأن تغيرت في الأساليب والتكتيكات، هناك أسباب كثيرة وراء تنامي هذه الحالة وتفاقمها، ولعل الأسباب التالية تقع على رأس القائمة:
اولاً: إن الأنظمة العربية تعطي الأولوية والأهمية للنظام بأشخاصه، مع الاحترام، وليس للدولة بشعبها ومواردها ومستقبلها.
ثانياً: إن الكثير من الانظمة العربية تستمد قوتها وشرعيتها من الدعم الأجنبي الظاهر أو الخفي وليس من الدعم الوطني. واذاك يتوارى الوطني مقابل الاجنبي.
ثالثاً: إن الإفراط في الاعتماد على المساعدات والمنح والقروض
والهبات يحمل معه تهميشاً للدور العربي المشترك وتصغيرا لأي تحالفات عربية.
رابعاً: إن الاجتماعات واللقاءات والمؤتمرات العربية وخاصة الاجتماعات السياسية لا تنطلق من إيمان حقيقي بضرورة العمل المشترك باعتباره ضمانة لمستقبل أفضل، وانما هي في كثير من الأحيان استرضاء للرأي العام واجتذابا للانتباه الدولي.
خامساً: غياب الجدية في مواضيع المشاريع المشتركة وخاصة الإستراتيجية منها. إذ لا يرافق الضجيج الإعلامي حول تلك المشاريع تخصيص موازنات للتنفيذ ولا قرارات برلمانية تؤكد الالتزام بها ولا برامج زمنية تحكم الأداء.
سادساً: سيطرة النزعة الفردانية على السلوكات السياسية والاقتصادية. إذ لا يؤمن النظام العربي بان دولته بحاجة إلى تحالف إستراتيجي حقيقي مع الدولة العربية المجاورة. بل يعتقد أن نظامه بمفرده قادر على الاستمرار والبقاء مهما كان الثمن كما فعل نظام الأسد في سورية والقذافي في ليبيا.
سابعا: ضعف مؤسسات الدولة الإدارية والمالية والسياسية وهشاشتها في معظم الأقطار العربية أمام سلطة النظام.
ثامنا: إن غياب المشاريع الإستراتيجية المشتركة يتيح للنظام الحاكم أن يتحلل من التزاماته بسهولة بل قطع العلاقات أو تجميدها لأسباب تخص النظام وليس الدولة.
تاسعا: إن ضعف المنطقة العربية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وتواضع مستوى الأمن الغذائي والأمن المائي وأمن الطاقة
واستمرار حالة التخلف لا تشكل مصدر قلق لمعظم الأنظمة العربية لغياب الرؤية المستقبلية.
عاشرا: إن إسرائيل ككيان استعماري توسعي ترى قوتها في ضعف الفلسطينيين والعرب وتشتتهم، وتعمل على فرض سيطرتها وإدارة العالم العربي من خلال التحكم بالمفاصل الإستراتيجية العربية، سواء باستخدام المظلة الأميركية الأوروبية في وجه القانون الدولي
ومؤسساته، أو التفوق العسكري، أو الدسائس والفتن التي تثيرها مباشرة أو من خلال وكلائها أو تصدير أزماتها للمنطقة العربية
وغير ذلك.
واخيراً فإن الحالة العربية اذا استمرت على هذه « الفردانية والإنكفائية» التي ترفض المؤسسات وتتجنب التكتل والتعاون والمشاريع الإستراتيجية المشتركة، وفي ظل التغيرات المناخية وما تحمله من نقص المياه وارتفاع الحرارة والتصحر، هذه الحالة مهددة بالتفاقم باتجاه مزيد من التراجع واستفحال هجرة العقول والمهارات، واستفراد الدول الاجنبية في هذه الاقطار تدريجياً. فهل ينظر الزعماء إلى المستقبل بجدية ومسؤولية، ويدركون تغيير موازين القوى الإنسانية والطبيعية؟ ويعملون معا للخروج من الثقب الأسود من خلال العلم والتكنولوجيا والفكر المستنير والتعاون الحقيقي الدائم للدول والشعوب؟ تلك هي المسألة.
0 تعليق