«عصفور المدير»!

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في العديد من أماكن العمل، قد تلاحظ وجود موظف يبدو وكأنه يتتبع كل ما يدور حوله بدقة، ثم ينقل هذه التفاصيل مباشرة إلى الإدارة. هذا النوع من الأشخاص يُعرف أحياناً بين الزملاء بلقب مثل «عصفور المدير»، وغالباً ما يُثير الجدل داخل بيئة العمل.

يتنقل هذا الشخص بين المكاتب، يستمع للأحاديث، ويراقب التفاعلات، ثم يقدم تقاريره، أحياناً بشكل مبالغ فيه أو غير دقيق للإدارة.

ما يجعل الأمر أكثر إرباكاً هو أن بعض هؤلاء يقومون بذلك بترخيص من الإدارة نفسها، في حين أن آخرين يتصرفون من تلقاء أنفسهم بدافع اجتهاد شخصي أو بدافع آخر.

غالباً ما يضيف هذا النوع من الموظفين تفسيراته الخاصة، أو يضخم المواقف، وقد يختلق بعض التفاصيل.

هذه السلوكيات تخلق حالة من التوتر والريبة داخل فرق العمل، مما يؤدي إلى تدهور مستوى التعاون وفقدان الثقة المتبادلة.

قد يكون دافع هذا الموظف هو رغبته في التقرب من أصحاب القرار داخل المؤسسة، ظناً منه أن ذلك قد يمنحه امتيازات خاصة أو يحسّن صورته المهنية.

وقد تكون المسألة مرتبطة بعدم الثقة بالنفس أو بالشعور بالنقص، فيلجأ إلى الإضرار بالآخرين ليبدو أكثر أهمية.

أحياناً تكون هناك دوافع تتعلق بالغيرة المهنية، أو حتى ميول نفسية تدفعه للتلذذ بإثارة المشاكل والتأثير على الآخرين.

وجود مثل هذه الشخصيات داخل المؤسسات يهدّد القيم المهنية، ويقود إلى بيئة يسودها الحذر والشك، بدلاً من الانفتاح والتعاون. وقد يزداد الأمر سوءاً إذا تجاوب المسؤولون مع هذه الممارسات، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات مبنية على معلومات مغلوطة أو مضللة.

لذلك، وقبل التفكير في كيفية التعامل مع هذا النمط من الموظفين، يجب التأكيد على أهمية عدالة الإدارة نفسها. فالمسؤول الواعي لا يسمح بأن تُبنى قراراته على نقل الكلام أو المراقبة السرية. أما إذا كانت الإدارة تشجع هذا السلوك، فهنا تقع المشكلة الحقيقية.

إذا كنت تعمل في بيئة يوجد فيها من يحاول استدراجك أو التجسّس عليك، فحافظ على هدوئك، وابتعد عن ردود الأفعال العاطفية. كن دقيقاً في حديثك، ولا تشارك بمعلومات شخصية، وركز على التوثيق وربط تصرفاتك بالأنظمة والسياسات الرسمية. التعامل المهني والمتزن هو أفضل وسيلة لحماية نفسك.

وفي حال تأكدت أن ثقافة العمل نفسها تشجع على مثل هذه التصرفات، فقد يكون من الأفضل التفكير في الانتقال إلى بيئة أكثر احترافية وعدالة.

في النهاية، هذا النوع من الموظفين ليس مجرد فرد مزعج، بل انعكاس لثقافة إدارية مشوهة إن وُجدت. مواجهته لا تكون بالتصعيد أو العداء، بل بالوعي، والحذر، والتمسك بالقيم المهنية.

فربما ينجح في كسب بعض النفوذ مؤقتاً، لكنه غالباً ما يفقد الاحترام والثقة، وهذان رأسمال أي بيئة عمل صحية.

وتذكر بأن الله يرى كل شيء، وحسابه وعقابه على السلوكيات الخاطئة المؤذية يكون عاجلاً أو آجلاً، وما أخطر أن يكون آجلاً، يوم تحاسب كل نفس على ما كسبت.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق