مصلحة لا عاطفة

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مع كل قمة عربية بما في ذلك قمة بغداد أمس يتجدد تساؤل مبرر: هل مازالت الملفات الاقتصادية التي تُنقل من طاولة قمة عربية إلى أخرى مثل السوق العربية المشتركة للكهرباء والعملة العربية ومنطقة التجارة الحرة العربية والاتحاد الجمركي العربي، صالحة للنقاش وسط التطورات العالمية والتكتلات الاقتصادية الدولية؟

في الواقع، النظر إلى هذه الملفات من وجهة نظر براغماتية ومن زاوية المصلحة المباشرة لكل دولة عربية، يضمن لها التنفيذ الفعلي والفرص الهائلة لتحويل المشاريع والأفكار إلى حقائق واتفاقيات على أرض الواقع.

المشهد الاقتصادي العالمي يتغير اليوم بسرعة التكتلات، والدول العربية لو اجتمعت على مشاريع محددة وواضحة العائد، ستكون كتلة ثقيلة يصعب التنافس معها، وتتوفر في الوطن العربي جميع مقومات التكامل الاقتصادي، إذ يعد من أغنى مناطق العالم في احتياطي البترول الخام، إذ تشكل حصة الدول العربية من إجمالي الاحتياطي المؤكد العالمي 55.7%، وتشكل حصته 26.5% من إجمالي الاحتياطي المؤكد من الغاز الطبيعي عام 2020، كما بلغت مساحة الأراضي القابلة للزراعة في الدول العربية نحو 197 مليون هكتار، ويشكل إجمالي مساحة المراعي الطبيعية نحو 375.9 مليون هكتار، بينما قدرت مساحة الغابات بنحو 37.4 مليون هكتار، ويعد الوطن العربي سوقاً واسعة قوامها 361 مليون نسمة، وهي سوق مؤهلة لتحقيق التكامل الاقتصادي، وناتج محلي إجمالي للدول العربية بلغ 3.6 تريليون دولار خلال العام 2024.

ومع التطورات الجارية في المنطقة، لاتزال أمام الدول العربية الكثير من الفرص، مثل الاتفاقيات الثنائية أو الجماعية تحت مظلة جامعة الدول العربية، والتي تضمن التخطيط لمشاريع صغيرة قابلة للتنفيذ وتُثمر سريعاً.

على سبيل المثال، يمكن إنشاء تحالفات بين الشركات الدوائية العربية لإنتاج أدوية وتوزيعها داخل السوق العربية بدون رسوم جمركية ليكون المكسب مزدوجاً من خلال تقليل الاعتماد على الخارج وخلق صناعة عربية قوية توفر فرص عمل، وتدعم الأمن الصحي.

ويضم العالم العربي مواقع سياحية من بين الأفضل عالمياً، لذا يمكن أن يتحول ذلك إلى فرصة أيضاً للتكامل السياحي الذي ينهض بالاقتصادات العربية، من خلال إصدار تأشيرة سياحية عربية موحدة مثل شنغن الأوروبية تسمح للسياح بالتجول بين عدة دول بعملية واحدة، وعمل باقات سياحية مشتركة، والترويج للعالم العربي كوجهة واحدة متنوعة بدلاً من منافسة الدول العربية بعضها بعضاً.

والقطاع الخاص في المنطقة العربية شريك أساسي في هذا التكامل حيث يشكل نسبة كبيرة تفوق 75% من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية والبالغة قيمته تقريباً 4 تريليونات دولار، وبالتالي لن تقل مساهمة هذا القطاع عن حدود 3 تريليونات دولار، فضلاً عن مساهمته الكبيرة في عمليات التوظيف.

الاندماج الاقتصادي العربي أصبح ضرورة تُمليها تعقيدات الواقع العالمي وتحديات المستقبل، ففي عالم يزداد ترابطاً، حيث تتحول التكتلات الاقتصادية إلى أدوات محركة تُعيد تشكيل موازين القوى العالمية، تزيد أهمية التجارة البينية العربية، وحاجتها لمزيد من النمو، مع العمل على ضبط المواصفات والمعايير وإيجاد منظومة متكاملة للنقل واللوجستيات في المنطقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق