بتنظيم من مجلس الشورى وحضور السيد علي بن صالح الصالح رئيس المجلس، انطلقت صباح اليوم (الأحد)، أعمال منتدى " نحو تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة"، بمشاركة الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد الوطني كمتحدث رئيسي، وعدد من الوزراء والمسؤولين من القطاعين والخاص، حيث يقام المنتدى بدعم من بنك البحرين والكويت وبنك البحرين الوطني.
وجاء المنتدى ضمن المبادرات النوعية لمجلس الشورى، الهادفة لتفعيل توجيهات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظَّم، حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، من أجل تعميق مسارات التشاور والتعاون بين المؤسسات الدستورية، ووضع الرؤى والأفكار الداعمة لاستدامة التنمية الاقتصادية، وبما يعكس طموحات وتطلعات المجتمع.
وخلال كلمته لافتتاح أعمال المنتدى، أكد السيد علي بن صالح الصالح رئيس مجلس الشورى أن مملكة البحرين شهدت خلال السنوات الماضية تحولاً نوعياً في بنية اقتصادها الوطني، مستندة إلى رؤية واضحة رسمت معالمها القيادة الحكيمة، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسـى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وبمتابعة حثيثة وجهود رفيعة ومتواصلة من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، لافتًا إلى أن مملكة البحرين نجحت في تعزيز مؤشرات النمو، وتنويع مصادر الدخل، وتحقيق تطلعات المواطن البحريني، والانتقال من مرحلة التعافي الاقتصادي إلى النمو المستدام، عبر منظومة تطوير اقتصادية هيكلية تراعي الاستدامة والعدالة والفرص المتكافئة.
وأوضح رئيس مجلس الشورى أن "هذا المنتدى الحيوي في مناطاته وأهدافه، يأتي في توقيت دقيق ومفصلي في مسيرة التنمية الاقتصادية في مملكة البحرين، إذ إننا نخطو بخطى واثقة نحو مرحلة جديدة من التخطيط الاستراتيجي".
وأشاد رئيس مجلس الشورى بما تضمنته الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين (2025 – 2026) من توجّهات واضحة تعكس حرص الحكومة الموقرة والسلطة التشريعية، على تعزيز أطر الحماية الاجتماعية وتوفير سبل العيش الكريم للمواطنين، مؤكدًأ أن هذا الإنجاز تحقق كثمرة للتعاون البنّاء ونتيجة للتوافق الوطني المسؤول بين السلطتين، بما يعكس مستوى النضج السياسي، الذي باتت تتمتع به العملية السياسية في مملكة البحرين، وهو ما يؤكد على التزام السلطتين في دعم المواطن البحريني وتلبية تطلعاته، لاسيما في مجالات الدعم الحكومي والمشاريع الإسكانية ذات الأولوية.
وقال رئيس مجلس الشورى: "إننا اليوم وفق الرؤية الملكية السامية والاستشرافية لحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه، ننتقل إلى مرحلة جديدة تتطلب منّا تفكيراً استراتيجياً عميقاً وتحليلاً شاملاً للفرص والتحديات، بما يضمن بناء اقتصاد وطني رصين، ومرن، ومتنوع، قادر على المنافسة الإقليمية والدولية، وبما يعزز من مكانة المملكة كمركز مالي وتجاري متطور في المنطقة".
وأشار رئيس مجلس الشورى إلى أن هذا المنتدى المبارك يأتي كمنصة جامعة لكافة الأطراف المعنية، من القطاع الحكومي، والسلطة التشريعية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والمجتمع الأكاديمي، لتبادل الرؤى والأفكار، وتحقيق أقصـى درجات التكامل المؤسسـي في بحث ملامح الرؤية الاقتصادية الوطنية المستقبلية، وذلك بالاعتماد على رأس المال البشري المؤهل، والاستفادة من تطبيقات التكنولوجيا الحديثة، والابتكار، والاستثمار الذكي، مع التركيز على قيم العدالة والاستدامة والتنافسية، وتمكين جميع فئات المجتمع البحريني من المشاركة في صنع المستقبل المزدهر لوطننا الغالي.
ونوّه رئيس مجلس الشورى إلى أنَّ السلطة التشريعية تؤكد التزامها الراسخ بدورها المحوري في دعم المسارات الوطنية الكبرى، إلى جانب التزامها الجدي بإجراء دراسة معمقة وشاملة لكافة التوصيات والمخرجات التي سينتهي إليها هذا المنتدى المبارك، بما في ذلك مراجعة السياسات والتشريعات ذات العلاقة، وتقييم مدى ملاءمتها لمتطلبات المرحلة المقبلة، مؤكدًا العمل على تحديث الأطر القانونية والتنظيمية بما يسهم في خلق بيئة محفّزة للاستثمار، وداعمة للابتكار، وقادرة على مواكبة المتغيرات الاقتصادية العالمية.
وأضاف رئيس مجلس الشورى "سنسعى إلى تعزيز آليات التشاور مع الجهات الحكومية، والقطاع الخاص، والمؤسسات المالية والمصرفية، والمجتمع المدني، بما يعزز المنظومة التشريعية الاقتصادية لتكون أكثر مرونة وتنوعًا وفاعلية، متطلعًا إلى أن يكون المنتدى ومخرجاته انطلاقة لمرحلة جديدة من التفكير الوطني الاستراتيجي، وعنوانًا حقيقيًا للتكامل المؤسسـي في مملكة البحرين، مؤكدًا الثقة في أن ما سيخرج به هذا المنتدى من رؤى وتوصيات مدروسة، ستكون قادرة على الاستجابة لتحديات اليوم، وبناء مستقبل مزدهر لأجيال الغد.
وأعرب رئيس مجلس الشورى عن بالغ التقدير للمتحدثين ومديري الجلسات لإسهاماتهم القيمة، في إثراء النقاشات وتحقيق الأهداف المنشودة.
وتقدَّم رئيس مجلس الشورى بجزيل الشكر والتقدير للسيد خالد حسين المسقطي رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية، وأعضاء اللجنة المحترمون، ولكل من ساهم في تنظيم هذا المنتدى، وفي مقدمتهم السيدة كريمة محمد العباسي، الأمين العام لمجلس الشورى، على ما بذلوه من جهودٍ كبيرة وتنظيم رفيع المستوى، بما كان له بالغ الأثر في تهيئة الأرضية الملائمة لانطلاق أعمال هذه الفعالية الوطنية المهمة على أكمل وجه، معربًا عن جزيل الشكر والتقدير إلى بنك البحرين والكويت، وبنك البحرين الوطني، على رعايتهم المقدّرة لهذا المنتدى، الأمر الذي يعكس التزامهم الراسخ بدعم المبادرات الوطنية وتعزيز مسيرة التنمية الاقتصادية والمعرفية في مملكة البحرين.
وخلال كلمة الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد الوطني التي ألقاها في الجلسة الرئيسية للمنتدى بعنوان "مقومات اقتصاد مملكة البحرين والتوجهات المالية والاقتصادية المستدامة"، أكد أن مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، حققت إنجازات اقتصادية بارزة بفضل الرؤى الاستراتيجية والخطط المالية والاقتصادية الشاملة التي تتبناها وتعمل على تنفيذها بكل حرصٍ وإتقان، والهادفة إلى تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز الأداء المالي، وتنافسية الاقتصاد الوطني وتهيئته لمواكبة المتغيرات المستقبلية.
وأشار وزير المالية والاقتصاد الوطني إلى أن رؤية البحرين الاقتصادية 2030 التي تم إطلاقها عام 2008، رسمت ملامح واضحة للتطور والنمو وأسهمت في الانتقال من اقتصادٍ قائم على النفط إلى اقتصاد منتج ومتنوع قادر على المنافسة عالمياً، بما يحقق التطلعات والأهداف المنشودة.
جاء ذلك لدى مشاركة في الجلسة الرئيسية بعنوان "مقومات اقتصاد مملكة البحرين والتوجهات المالية والاقتصادية المستدامة" في منتدى "نحو تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة" الذي نظمته الأمانة العامة لمجلس الشورى، بحضور السيد أحمد بن سلمان المسلم رئيس مجلس النواب، والسيد علي بن صالح الصالح رئيس مجلس الشورى، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين من القطاعين العام والخاص.
وخلال الجلسة استعرض الوزير البرامج الهادفة إلى تعزيز التنوع الاقتصادي وجذب الاستثمارات، ومنها تسهيل الإجراءات الحكومية لممارسة الأعمال التجارية، وتوفير بيئة تنظيمية وتشريعية داعمة، وذلك من خلال المراجعة المستمرة للقوانين والتشريعات الداعمة للاستثمار، بالإضافة إلى شفافية الإجراءات والخدمات، والتركيز على تطوير الخدمات اللوجستية، وتطوير سوق العمل من خلال التوسع في برامج صندوق العمل "تمكين"، وتعزيز قطاع التعليم وتطوير قطاع الخدمات المالية، وتعزيز البنية التحتية لقطاع الاتصالات، والاستثمار في رأس المال البشري وتحفيز الابتكار وتنمية القطاعات الواعدة.
كما أشار وزير المالية والاقتصاد الوطني إلى أن مملكة البحرين أطلقت خطة التعافي الاقتصادي في نهاية شهر أكتوبر من عام 2021، والتي تضمنت العديد من الأولويات منها خلق فرص عمل واعدة لجعل المواطن الخيار الأول في سوق العمل، وتسهيل الإجراءات التجارية وزيادة فعاليتها، وتنمية القطاعات ذات الأولوية، إلى جانب تعزيز مساعي الاستدامة المالية والنمو الاقتصادي، وهو ما يؤكد حرص كافة أعضاء فريق البحرين من مختلف مواقعهم على تحقيق كل ما من شأنه النماء والازدهار للوطن وجميع أبنائه.
وأكد الوزير أن تنفيذ الخطط الاقتصادية أسهم في تعزيز تنوع الاقتصاد البحريني، إذ ارتفعت مساهمة القطاعات غير النفطية إلى نحو 86% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس نجاح السياسات المتبعة في تقليل الاعتماد على النفط وتوسيع قاعدة الإنتاج الوطني، بالإضافة الى استعراض أبرز المؤشرات الاقتصادية والنتائج الايجابية التي تحققت فيها.
كذلك استعرض الوزير عدداً من المشاريع التنموية الكبرى ذات الطابع الاستراتيجي التي يستمر العمل على تنفيذها في مملكة البحرين، وذلك ضمن العديد القطاعات ذات الأولوية من خلال استراتيجيات متكاملة مثل الصناعة والسياحة والنقل والطاقة والتعليم وغيرها.
ثم تم الانتقال لبحث المحاور الثلاثة التي تضمنتها جلسات المنتدى، بمشاركة مسؤولين ومختصين من السلطتين التنفيذية والتشريعية والقطاع الخاص، وتناولت الجلسات محاور متنوعة ترتبط بمساعي المملكة لتعزيز البيئة الاستثمارية، ودور القطاع الخاص، والمقومات الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام.
حيث جاءت الجلسة الأولى بعنوان "بناء اقتصاد متنوع ومستدام من خلال خلق بيئة جاذبة للاستثمار"، واستعرضت جهود مملكة البحرين نحو خلق بيئة استثمارية جاذبة من خلال وضع مبادرات وسياسات تعزز من تنافسية المملكة، وتسهم في بناء اقتصاد متنوع ومستدام قائم على الانفتاح والابتكار، وتحدثت فيها السيدة نور بنت علي الخليف وزيرة التنمية المستدامة الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية، والدكتور بسام إسماعيل البنمحمد عضو مجلس الشورى، فيما أدار الجلسة السيد هشام هاشم القصاب عضو مجلس الشورى.
فيما ناقشت الجلسة الثانية دور القطاع الخاص في دعم التنويع الاقتصادي، وتحقيق التنمية المستدامة، من خلال تعزيز الابتكار، وتوفير فرص العمل، وتحفيز نمو القطاعات الحيوية وذات الأولوية، كما استعرضت الجلسة التحديات والفرص في البيئة الاقتصادية، والسياسات الداعمة لتوسيع مساهمة القطاع الخاص في تنويع القاعدة الاقتصادية، وتحدثت فيها السيدة مها عبد الحميد مفيز الرئيس التنفيذي لصندوق العمل (تمكين)، والسيدة دلال أحمد الغيص الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك البحرين للتنمية، والسيدة هلا فاروق المؤيد نائب رئيس مجلس إدارة يوسف خليل المؤيد للعقارات المدير التنفيذي لمجموعة المؤيد للمقاولات، وأدار الجلسة السيد جمال محمد فخرو النائب الأول لرئيس مجلس الشورى.
بينما جاءت الجلسة الثالثة بعنوان "المقومات الداعمة لتحقيق الاستدامة الاقتصادية"، وأستعرض المتحدثون في هذه الجلسة أبرز محطات تنمية الاقتصاد الوطني من خلال تنفيذ رؤية البحرين الاقتصادية 2030، وما انبثق عنها من خطط مثل خطة التعافي الاقتصادي، واستراتيجيات تطوير القطاعات ذات الأولوية، كما استعرضت الجلسة المقومات الداعمة لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، وتحدث خلال الجلسة السيد خالد إبراهيم حميدان محافظ مصرف البحرين المركزي، والسيدة مريم عدنان الأنصاري وكيل الاقتصاد الوطني في وزارة المالية والاقتصاد الوطني، والسيد علي حسين الشهابي عضو مجلس الشورى، فيما أدارت الجلسة السيدة هالة رمزي فايز عضو مجلس الشورى.
واختتمت أعمال المنتدى بتلاوة السيد خالد حسين المسقطي رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى توصيات المنتدى والتي شملت مواصلة تطوير التشريعات الاقتصادية وتعزيز آليات التشاور والتنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، مع الاستمرار في إشراك القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني بما يسهم في رفع كفاءة المنظومة التشريعية ودعم أهداف التنمية الاقتصادية، فضلًا عن دعم السياسات والمبادرات الجاذبة للاستثمار والمشجعة على الابتكار في مختلف القطاعات للمساهمة في تحقيق الاستدامة المالية في إطار اقتصادٍ متنوعٍ ومنفتح، تعزيز الجهود الوطنية الرامية للارتقاء بالبنية التحتية والخدمات اللوجستية لتحسين بيئة الأعمال واستدامتها.
كما أوصى المنتدى بضرورة التوسع في إطلاق الحزم التحفيزية بالشراكة بين القطاعين العام والخاص للاستثمار في المجالات الواعدة بهدف زيادة تنويع الاقتصاد الوطني الاستفادة من الإنجازات المحققة والتجارب المُسْتَخْلَصة من رؤية البحرين الاقتصادية 2030 في بلورة أسس الرؤية الاقتصادية المستقبلية وأهدافها.
فيما نصت التوصيات على ضرورة تطوير البرامج الوطنية للتدريب والتأهيل في كافة المراحل وتعزيز مواءمتها مع مستجدات سوق العمل بما يسهم في توفير المزيد من فرص نوعية في القطاعات الواعدة، وتبادل التجارب الدولية الناجحة في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تحقيق التنويع الاقتصادي وتعزيز بنية الاقتصاد الوطني عبر خلق فرص ومجالات عمل جديدة تستند إلى الابتكار والمعرفة، فضلًا عن تعزيز البنية الرقمية لأنظمة القطاع المصرفي في سبيل إرساء نموذج تنظيمي مرن يوازن بين الابتكار المالي والاستقرار الاقتصادي.
وجاءت التوصيات لدعم السياسات والمؤسسات والبرامج الهادفة إلى تحفيز النمو الاقتصادي المُراعي للاستدامة المالية، وضمان انسجام الاستراتيجيات المحلية مع معايير الريادة المالية الدولية في تنمية التكنولوجيا المالية (Fintech) لتعزيز الابتكار الوطني في القطاع المالي، وكذلك التوسع في دعم المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة العاملة في القطاعات غير التقليدية ذات القيمة المضافة لتحفيز منظومة ريادة الأعمال ورفد الاقتصاد الوطني بمشاريع متنوعة وقابلة للنمو.
0 تعليق