السبيل – خاص
صعدت جماعة “أنصار الله” الحوثية اليمنية مؤخراً من هجماتها باتجاه الكيان الإسرائيلي، سواء كانت بالصواريخ أو الطائرات المسيرة.
وأدى هذا التصعيد إلى الكشف عن ضعف منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، خصوصاً مع اختراق صاروخ باليستي أُطلق من اليمن السبت لمنظومة “الدفاع متعدد الطبقات”، وسقوطه في “تل أبيب” ما أسفر عن إصابة 30 إسرائيلياً، وإلحاق أضرار مادية واسعة.
وأعلنت “أنصار الله” أن إطلاق الصاروخ الباليستي يأتي رداً على القصف الإسرائيلي المستمر لليمن والمجازر المتواصلة في غزة، ضمن سلسلة عمليات تضامنية مع الشعب الفلسطيني.
والهجمات الحوثية على “إسرائيل” ليست الأولى من نوعها، حيث استهدفت الجماعة في الأشهر الأخيرة سفنًا شحنية ومنشآت اقتصادية في البحر الأحمر، متوجهة إلى الكيان.
وأشارت تقارير إسرائيلية إلى أن الحوثيين أطلقوا أكثر من 200 صاروخ باليستي و170 طائرة مسيرة متفجرة على أهداف إسرائيلية منذ أكتوبر 2023.
ويعدّ فشل منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية أبرز جوانب هذا التصعيد، حيث أخفقت أنظمة الاعتراض مثل “آرو 2″ و”آرو 3″ و”مقلاع داوود” و”القبة الحديدية” في التصدي للصواريخ الباليستية التي أُطلقت من اليمن.
وكشفت صحيفة “معاريف” أن المشروع الدفاعي الإسرائيلي الرئيسي (منظومة “حيتس”/السهم) فشل أربع مرات متتالية في اعتراض الصواريخ الباليستية، ثلاثة منها أُطلقت من اليمن.
انعكاسات الفشل الإسرائيلي
كشف الفشل الإسرائيلي في مواجهة الهجمات الحوثية عن تأثيرات واسعة على الصعيدين الأمني والاقتصادي، مما زاد من حالة الذعر الداخلي، وأضعف صورة “إسرائيل” كقوة إقليمية قادرة على التصدي للتهديدات، في ظل تصاعد الانتقادات الداخلية والعجز الاستخباراتي والعسكري.
فقد ألحقت هذه الهجمات أضراراً جسيمة بالاقتصاد الإقليمي والإسرائيلي، حيث أثرت بشكل كبير على حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وأحدثت أضرارًا في المنشآت والبنية التحتية داخل الكيان.
كما أدت هذه الهجمات إلى خلق حالة من الذعر بين السكان الإسرائيليين، الذين يهرعون إلى الملاجئ والمناطق المحمية مع كل إنذار، ما زاد من الضغوط النفسية والاجتماعية التي يتعرضون لها بسبب الحرب، وأثر على الحياة اليومية.
وعلى الصعيد السياسي والاستخباراتي؛ كشفت التقارير عن ضعف الاستعداد الإسرائيلي لمواجهة التهديدات القادمة من اليمن.
ورغم تصاعد الهجمات الحوثية؛ لم تتمكن “إسرائيل” من تشكيل تحالف إقليمي قوي للتعامل مع هذا التحدي، ما يعكس نقصًا في الرؤية الاستراتيجية، وضعفًا في التنسيق الإقليمي والدولي.
أما عسكريًا؛ فقد ركزت الانتقادات الداخلية في “إسرائيل” على محدودية الرد العسكري على الحوثيين. فبدلًا من توجيه ضربات عسكرية مؤثرة؛ اقتصرت العمليات الإسرائيلية على استهداف موانئ أو خزانات وقود، وهي أهداف رمزية لا تسبب أضرارًا عسكرية فعلية.
علاوة على ذلك؛ لم يُستخدم الأسطول البحري الإسرائيلي، بما في ذلك السفن والغواصات، بفعالية ضد الحوثيين، ما يعكس تقصيرًا في استغلال القدرات العسكرية البحرية لمواجهة التهديدات المتزايدة.
ووفقًا لبيانات جيش الاحتلال؛ فقد تم تطبيق بعض الدروس لتحسين أداء الدفاع الجوي والإنذار المبكر، لكن هذه التحسينات لم تكن كافية لمنع الصواريخ من اختراق الطبقات الدفاعية المتعددة.
يشار إلى أنه منذ بدء الحرب على غزة؛ تعهدت جماعة “أنصار الله” بالرد على “الإبادة الجماعية” التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، مشددة على أن استمرار الهجمات الإسرائيلية على اليمن وغزة سيقابل بتصعيد نوعي في استهداف الاحتلال.
وفي الختام؛ يكشف الفشل الإسرائيلي في التصدي لتهديدات الحوثيين عن فجوات استراتيجية وعسكرية. وفي الوقت نفسه؛ يبرز الحوثيون كلاعب إقليمي قادر على التأثير في معادلة الصراع، ما يعقد المشهد الأمني لـ”إسرائيل”، ويُدخلها في دوامة من الإحباط.
0 تعليق