الهجوم الإسرائيلي على "الضمير"

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

loading ad...

ميديا بنجامين* - (كودبينك) 2/5/2025
ترجمة: علاء الدين أبو زينة


لم تكن "الضمير" تحمل أي أسلحة. ولم تكن تشكل أي تهديد. كانت جريمتها الوحيدة أنها تجرأت على تحدي حصار وحشي ومجزرة أدانتهما الأمم المتحدة باعتبارهما غير قانونيين وغير إنسانيين. هذا هو التهديد الحقيقي الذي تخشاه إسرائيل -ليس السفينة بحد ذاتها، وإنما التضامن العالمي الذي تمثّله.اضافة اعلان
*   *   *
في الساعات الأولى من صباح يوم 2 أيار (مايو)، تمزق سكون الليل على متن سفينة "الضمير"، السفينة المدنية الراسية في المياه الدولية على بُعد 17 كيلومترا من سواحل مالطا. كان على متن السفينة 18 من أفراد الطاقم والركاب، استيقظوا على وقع انفجارين، وسرعان ما امتلأ الهواء باللهب والدخان. لقد تعرضت السفينة للهجوم -ويقول أفراد الطاقم أن الهجوم نُفذ بطائرات مسيرة.
في نفس يوم الهجوم، كان المزيد من الركاب من 21 دولة ينتظرون في مالطا ليتم نقلهم إلى "الضمير". ومن بين الذين كان من المفترض أن ينضموا إلى الرحلة: الناشطة البيئية العالمية غريتا ثونبرغ؛ والعقيد المتقاعدة في الجيش الأميركي آن رايت؛ والناشط المعروف في حركة "كودبينك" تايغ باري.
"الضمير" هي جزء من تحالف "أسطول الحرية"، وهو شبكة من النشطاء الدوليين الذين يواجهون الحصار البحري الإسرائيلي المفروض على غزة منذ العام 2008. ويتهم التحالف إسرائيل بالوقوف وراء الهجوم على السفينة، وهي تهمة دعمتها تحقيقات شبكة (سي. إن. إن). ووفقا لشبكة التلفزة، أظهرت بيانات تتبع الرحلات من منصة ADS-B Exchange أن طائرة نقل عسكرية إسرائيلية من طراز C-130 هيركوليس أقلعت من إسرائيل بعد ظهر الخميس وحلّقت على ارتفاع منخفض فوق شرق مالطا لفترة طويلة.
وعلى الرغم من أن الطائرة لم تهبط، إلا أن مسارها وضعَها بالقرب من المنطقة التي وقع فيها الهجوم على سفينة "الضمير". وعادت الطائرة إلى إسرائيل بعد حوالي سبع ساعات. وقد رفضت "قوات الدفاع الإسرائيلية" التعليق على بيانات الرحلة.
وقد ألحق الهجوم أضرارا كبيرة بالسفينة، ولحسن الحظ لم يُصب أحد بأذى. لكنَ الأمر لم يكن كذلك في العام 2010 عندما تعرض "أسطول الحرية" لهجوم قاتل. ويأتي هذا الهجوم الأخير في 2 أيار (مايو)، قبل أسابيع فقط من الذكرى الخامسة عشرة للهجوم الشهير على السفينة التركية "مافي مرمرة"، التي كانت تقود أسطولا سابقا إلى غزة في العام 2010. في 31 أيار (مايو) من ذلك العام، اقتحمت قوات كوماندوز بحرية إسرائيلية السفينة في المياه الدولية، وقتلت في الهجوم 10 أشخاص وجرحت العشرات.
كانت "مافي مرمرة" تحمل أكثر من 500 ناشط وإمدادات إنسانية. وأثار ذلك الهجوم إدانات عالمية ودعوات إلى إجراء تحقيق دولي -وهي دعوات رفضتها إسرائيل.
أحد منظمي الأسطول لهذا العام، إسماعيل بهشتي، هو ابن أحد الذين قُتلوا في هجوم العام 2010. وفي مقاطع مصورة انتشرت بعد الضربة الأخيرة، يظهر بهشتي وهو يتجول داخل السفينة المتضررة، وتحدث بصوت حازم وهو يدين ما يعتقد أنه عمل عدواني آخر من إسرائيل ضد مدنيين في مهمة إنسانية.
وقال تايغ باري من ميناء مالطا: "الناس يتساءلون كيف يمكن لإسرائيل أن تفلت من مهاجمة سفينة مدنية في المياه الدولية. ولكن منذ 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2024، أظهرت إسرائيل استخفافا كاملا بالقانون الدولي -من قصف الأحياء المدنية إلى استخدام الجوع كسلاح عبر منع دخول الغذاء إلى غزة. هذا مجرد مثال آخر على إفلاتها من العقاب".
وأضاف باري: "أين الغضب؟ الولايات المتحدة تدين الحوثيين لأنهم أوقفوا سفنًا تحمل أسلحة إلى إسرائيل -وتقصف اليمن بلا رحمة بسبب ذلك. ولكن هل سيدينون إسرائيل لأنها هاجمت سفينة سلمية في مهمة إنسانية إلى غزة؟"
يدعو "تحالف أسطول الحرية" وجماعات ناشطة مثل "كودبينك" الحكومات والهيئات الدولية إلى الخروج عن صمتها واتخاذ موقف.
لم تكن "الضمير" تحمل أي أسلحة. ولم تكن تشكل أي تهديد. كانت جريمتها الوحيدة أنها تجرأت على تحدي حصار وحشي ومجزرة أدانتهما الأمم المتحدة باعتبارهما غير قانونيين وغير إنسانيين. هذا هو التهديد الحقيقي الذي تخشاه إسرائيل -ليس السفينة بحد ذاتها، وإنما التضامن العالمي الذي تمثّله.
فهل سيرتفع صوت العالم ضد أحدث فظائع إسرائيل؟ أمأن هذا الحدث سيُدفن أيضًا بهدوء في أعماق البحر؟

*ميديا بنجامين: الشريكة المؤسسة لحركة "كودبينك: نساء من أجل السلام"، ومؤلفة العديد من الكتب، منها مملكة الظلم: خلف العلاقة الأميركية-السعودية وداخل إيران: التاريخ والسياسة الحقيقية للجمهورية الإسلامية في إيران.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق