هيئة التحرير - (الغارديان) 27/11/2024
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
يشكل اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل ولبنان إنجازا كبيرا للمدنيين الذين يعانون. لكن اتفاقاً يُبرم بشروط نتنياهو لا يجلب أملاً يذكر للفلسطينيين.اضافة اعلان
* * *
من غير المستغرب أن يكون جو بايدن قد عرض نبرة متفائلة يوم الثلاثاء عندما أعلن عن التوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار بوساطة أميركية بين إسرائيل و"حزب الله". قال بايدن: "إنه (الاتفاق) يذكرنا بأن السلام ممكن". وقد أنهى الاتفاق الصراع الذي استمر 14 شهراً، والذي فقد خلاله ما يقرب من 4.000 لبناني أرواحهم وشُرد مئات الآلاف.
بالنسبة للرئيس الأميركي المنتهية ولايته، الذي فشل بشكل واضح في كبح جماح التجاوزات الإسرائيلية بعد هجوم "حماس" في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، فإن الاتفاق في لبنان يرقى إلى ما يمكن اعتباره اختراقاً وداعياً بعد أشهر من الدبلوماسية الضعيفة وغير الفعالة. والأهم من ذلك أنه يمنح الشعب اللبناني الذي يعاني بعض الراحة بعد حملة قصف عنيف وغزو بري لم يعيرا اهتماماً يذكر للأثر المروع الذي تركاه على حياة المدنيين. وعلى الجانب الآخر، بالنسبة لنحو 60.000 مواطن إسرائيلي أجبروا على الفرار من المنطقة الحدودية الشمالية للبلاد بسبب صواريخ "حزب الله"، ثمة الآن أفق للعودة إلى ديارهم بعد قضاء أكثر من عام في مخيمات النازحين.
سوف يُحيي حلول السلام على الجبهة الإسرائيلية الشمالية، حتماً، الآمال في إحراز تقدم أوسع نطاقاً، مع استمرار حملة التدمير المشينة والوحشية التي تنفذها إسرائيل في غزة في الجنوب، وتضاؤل الأمل في بقاء الرهائن الإسرائيليين الباقين المحتجزين هناك على قيد الحياة. ولكن، لن يكون من الحكمة المبالغة في تقدير الإمكانات التحفيزية التي قد يُسفر عنها اتفاق تم التوصل إليه بشروط رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وبما يتناسب مع مصالحه.
بشكل حاسم، عنى إضعاف "حزب الله" أن تتمكن إسرائيل من الفصل بين جبهتي الحرب في لبنان وغزة، وأن يتركها التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان بيد طليقة في القطاع. واستناداً إلى قرار مجلس الأمن الدولي الذي أنهى حرب لبنان في العام 2006 لكنه لم ينفذ بالكامل، فإن الاتفاق الجديد سيجبر القوات الإسرائيلية على مغادرة الأراضي اللبنانية، و"حزب الله" على الانسحاب إلى شمال نهر الليطاني في جنوب لبنان. وهذه المرة، من المرجح أن تصمد المنطقة العازلة التي يُنشئها الاتفاق، خاصة بعد أصبح "حزب الله" يعاني حالياً ويعيش حالة من الفوضى بعد تجريده من القادة، والبنية التحتية، والكثير من المعدات العسكرية.
مع إزالة التهديد المباشر المتمثل في وجود وكيل إيراني قوي على أعتاب إسرائيل، أصبح نتنياهو حراً في توسيع وتحقيق أهدافه العدوانية في أماكن أخرى -خاصة عندما يتعلق الأمر بطهران. وفي غزة، لم يظهر رئيس الوزراء أي استعداد للمشاركة في محادثات السلام التي توسطت فيها قطر، التي علقت دورها في الوساطة مؤخراً بسبب السخط من عرقلة التوصل إلى اتفاق. ويبلغ عدد القتلى غير المعقول في غزة الآن أكثر من 44.000 شخص، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال.
في منطقة تقف على حافة الهاوية، يجب أن تمر أي تسوية دائمة عبر غزة، وأن تنطوي على تهيئة ظروف واقعية لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. وكما كتب أوسكار روميرو؛ الأسقف السلفادوري الشهيد، ذات مرة: "السلام ليس صمت المقابر/ السلام ليس النتيجة الخرساء للقمع العنيف"، وهو تحذير يتردد صداه بقوة في المأساة المستمرة في غزة. لكن نتنياهو ليس لديه رغبة في أن يكون صانع سلام بينما يحاول التهرب من محاكمته بالفساد، أو إجراء انتخابات ربما تُمكِّن غضب الناخبين بعد 7 تشرين الأول (أكتوبر). وتكمن مصلحته بدلاً من ذلك في إدامة شعور بالطوارئ الوطنية، وفي الانغماس مع أعضاء اليمين المتطرف في حكومته الذين يمكنهم إسقاطه، والذين يحلمون ببناء مستوطنات جديدة في غزة محطمة ومطهرة عرقياً.
بينما يستعد دونالد ترامب ليحل محل جو بايدن في البيت الأبيض، ينبغي أن يأمل العالم في أن تفتح شهيته المعروفة لفرض حلول فورية إمكانيات جديدة. وفي الوقت الراهن، لا تجلب التطورات المرحب بها على الجبهة الشمالية الكثير من السلوى لسكان قطاع غزة اليائسين.
*نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان: the Lebanon ceasefire: a lasting regional peace must go through Gaza
0 تعليق