قبل أسبوعين أطلقت قوات الأمن الفلسطينية عملية اعتقال في مخيم جنين المزدحم في محاولة لاستعادة السيطرة على المكان. وتحاول السلطة الفلسطينية إثبات قدرتها على إدارة الأمن في المناطق الخاضعة لسيطرتها في الضفة الغربية، كنوع من التذكير للعالم بأنها من يحكم على الأرض، ومن لديه القدرة على إدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب.
جاء في تقرير لصحيفة الواشنطن بوست، الأمريكية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استبعد عودة السلطة الفلسطينية إلى حكم غزة، ومع ذلك أفادت تسريبات بأن إسرائيل وافقت على السماح للسلطة الفلسطينية بإدارة معبر رفح بين غزة ومصر لفترة قصيرة.
الحملة الأمنية فى الضفة
هدفت العملية التي شنتها قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية إلى التصدي للاستيلاء البطيء على المنطقة من قبل جماعات مختلفة، فعلى مدى السنوات العديدة الماضية سعت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وجماعات أخرى ببطء إلى الاستيلاء على جنين ومناطق أخرى من الضفة الغربية. وقد غذت هذه الجهود تدفق كميات كبيرة من الأسلحة المهربة، خاصة بنادق من طراز إم 16، إلى شمال الضفة الغربية.
وقال الناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطينية، أنور رجب: "إن السلطة أطلقت عملية دفاع عن الوطن لاستعادة السيطرة على مخيم جنين، لاعتقال الخارجين عن القانون، ومثيري الفوضى والإضرار بالأمن المدني.. كل هذه الإجراءات تقوض عمل السلطة الفلسطينية. وهذه الجماعات تعطي إسرائيل ذريعة لتنفيذ خططها في الضفة الغربية".
وحسب "رجب"، فإن "إنجازات" العملية شملت إلقاء القبض على العشرات من المطلوبين، وإصابة آخرين، وتفكيك العشرات من العبوات الناسفة، والتقدم على طرق مهمة تؤدي إلى مخيم اللاجئين.
ووفقًا لوزارة الصحة في رام الله، التي لا تفرق بين المسلحين والمدنيين، قُتل ما لا يقل عن 21 شخصًا في الغارة الطويلة التي شنها الجيش الإسرائيلي على جنين في شهر سبتمبر الماضي، وقال مصدر فلسطيني رفيع المستوى مقرب من رئيس السلطة الفلسطينية دون الكشف عن هويته: "أبومازن قرر أن السلطة الفلسطينية ستفرض سلطتها، ولا مجال للتراجع"، حسب موقع "يديعوت أحرونوت".
هل يتحول مخيم جنين إلى غزة 2؟
من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل ستتدخل فيما يجرى في الضفة، فحسب تقارير مسربة، فإن إسرائيل أبلغت السلطة الفلسطينية: "تصرفوا أنتم وإلا سنتدخل نحن".
أما التطورات على الأرض فتعكس أن سيطرة حماس والجهاد الإسلامي على جنين تشبه إلى حد كبير سيطرتهما على غزة، من حيث التواجد في كل مرافق الحياة.
هناك من رأى حماس والجهاد الإسلامي أرادا استخدام نفس النموذج الذي تم تطبيقه في غزة قبل عقدين من الزمان. فحتى قبل فك ارتباط غزة، كان القطاع معسكرًا مسلحًا تسيطر حماس عليه، وكانت الحركة تهرب الأسلحة وتصنع أسلحتها الخاصة.
بالنسبة لإسرائيل فإن المنظمات الأممية هي متورطة بشكل ما مع الفصائل، حيث لا تلزم الأمم المتحدة منظماتها أبدًا بالإبلاغ عن "الجماعات المسلحة" الموجودة، ما يتيح للجماعات الاختباء، وفي 21 ديسمبر، كتبت "أونروا" على وسائل التواصل الاجتماعي أنه "في 17 ديسمبر، علم مكتب أونروا في الضفة الغربية بدخول ووجود عناصر مسلحة فلسطينية عنوة في مركزها الصحي في مخيم جنين بالضفة الغربية".
إن حقيقة أن رجالًا مسلحين يبدو أنهم سيطروا على مركز صحي لعدة أيام، دون أن تفعل الأمم المتحدة شيئًا، أو حتى أي من السلطات المحلية، جعلت إسرائيل ترى أن مخيم جنين تحول فعليًا إلى غزة من حيث سيطرة الحركة عليه، ففي غزة، مكّن هذا حماس من بناء دولة موازية واستغلال المستشفيات والمدارس.
ربما تكون جنين على أعتاب نقطة تحول، وكما يبدو أن هناك مصلحة مشتركة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية بمنع جنين من الانزلاق إلى أيدي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، فإسرائيل لا تريد أن تفتح جبهة جديدة في الضفة والسلطة تريد الحفاظ على بقائها في اليوم التالي للحرب.
0 تعليق