أميركا "هيأت جماعة سورية متمردة للمساعدة في الإطاحة بالأسد"

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
أدريان بلومفيلد‏‏* - (التلغراف) 18/12/2024

‏قال مقاتلون مولتهم ودربتهم أميركا وبريطانيا لصحيفة "التلغراف" إنه كان لديهم تحذير مسبق من أنها ستتم الإطاحة بنظام بشار الأسد في سورية.‏اضافة اعلان
*   *   *
‏تدمر، سورية - زعم مقاتلون سوريون أن الولايات المتحدة أعدت قوة من المتمردين السوريين للانضمام إلى الهجوم الذي ‏‏أطاح بنظام بشار الأسد‏‏.‏
‏قيل للمقاتلين الذين دربتهم ومولتهم بريطانيا وأميركا في "جيش مغاوير الثورة"، وهو جماعة متحالفة ضد تنظيم "داعش": "هذه لحظتكم"، في إحاطة قدمتها القوات الخاصة الأميركية ‏‏قبل الإطاحة بالأسد‏‏.‏
‏وفي أول مؤشر على أن واشنطن كانت على علم مسبق بالهجوم، كشف "جيش مغاوير الثورة" أنه طُلب منه زيادة عدد قواته و"الاستعداد" لهجوم يمكن أن يؤدي إلى وضع نهاية لنظام الأسد.‏
وقال النقيب بشار المشهداني، القائد في "جيش مغاوير الثورة"، لصحيفة "التلغراف"، متحدثًا من قاعدة جوية سابقة للجيش السوري ‏‏كانت تستخدمها روسيا‏‏ في ضواحي مدينة تدمر: ‏‏"لم يخبرونا كيف سيحدث ذلك".
وأضاف: ‏"قيل لنا فقط: ’كل شيء على وشك التغيير. هذه لحظتكم. إما أن يسقط الأسد، أو تسقطوا أنتم‘. لكنهم لم يقولوا متى أو أين، أخبرونا فقط بأن نكون مستعدين".‏
‏بعد أن عملَت مع "جيش مغاوير الثورة" لتفكيك الخلافة السورية لتنظيم "داعش"، ما تزال الولايات المتحدة تدفع رواتب مقاتليه لمنع عودة صعود الجماعة الإرهابية.‏
وفقًا للنقيب المشهداني، في الأسابيع التي سبقت الإحاطة في قاعدة التنف الجوية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة على الحدود العراقية، كانت صفوف "جيش مغاوير الثورة" منتفخة بسبب الوحدات شبه المستقلة الأصغر مثل فصيله، التي تم ضمها وإخضاعها لقيادته.‏
‏ومع ‏‏تقدم قوة المعارضة الرئيسية في الشمال واجتياحها المناطق السورية في اتجاه الجنوب إلى دمشق‏‏ في هجوم خاطف قرب نهاية الشهر الماضي، تقدم "جيش مغاوير الثورة" منطلقًا من التنف، وهو يحتل الآن ما يقرب من خمس مساحة البلاد، بما في ذلك جيوب من الأراضي في شمال العاصمة نفسها.‏
وقال ضباط كبار في الجيش الأميركي إن القادة العسكريين الأميركيين في سورية أمروا بالتقدم لمنع بقايا "داعش" -الذي كان قد احتل جزءًا كبيرًا من شمال شرق البلاد حتى هزيمته في العام 2019- من استغلال الفراغ في السلطة الذي سينجم إذا سقط الأسد.‏
ولا يشير هذا إلى أن واشنطن كانت على علم بالهجوم الذي قادته "هيئة تحرير الشام" والذي أطاح بنظام الأسد في 8 كانون الأول (ديسمبر) فحسب؛ بل يشير أيضًا إلى أنه كانت لديها معلومات استخباراتية دقيقة حول حجمه.‏
‏من بين الأهداف الرئيسية للعملية المدعومة من الولايات المتحدة كانت مدينة تدمر، ‏‏التي اشتهرت بآثارها اليونانية الرومانية‏‏، والتي احتلها "داعش" في الفترة بين العاميين 2015 و2017.‏
‏وتعد المدينة الصحراوية القديمة الواقعة على بعد 150 ميلاً شمال غرب دمشق رأس جسر حيوي ضد "داعش"، وكانت تدافع عنها بشدة روسيا والميليشيات المدعومة من إيران، بما فيها جماعة "حزب الله" اللبنانية، حتى سقوط الأسد.‏
وقال مقاتلو "جيش مغاوير الثورة" الذين استولوا على القاعدة الجوية السورية التي كانت تسيطر عليها روسيا في ضواحي البلدة الأسبوع الماضي، إنه طُلب منهم الاستعداد لسقوط الأسد المحتمل في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر)، قبل ثلاثة أسابيع تقريبًا من بدء الهجوم الذي أطاح بنظامه.‏
‏حتى شهر واحد قبل ذلك، كان النقيب المشهداني الرجل الثاني في قيادة "لواء أبو الخطاب". وكان الذي أنشأ هذه الوحدة الصغيرة المكونة من 150 رجلاً هو القوات الخاصة الأميركية، وقام بتدريبها نظراؤهم البريطانيون في دولة مجاورة حتى العام 2016، لإعدادها لمطاردة مقاتلي "داعش" بالقرب من دير الزور، المدينة الواقعة في شرق سورية.‏
وكانت هناك العديد من هذه الوحدات الصحراوية السنية التي تنطلق في عملياتها من التنف. وقد قاتلت بشكل منفصل عن "قوات سورية الديمقراطية"، الميليشيا التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على جزء كبير من شمال شرق البلاد.‏
‏ولكن، في أوائل تشرين الأول (أكتوبر)، كما قال النقيب المشهداني وزملاؤه من القادة، جلب الضباط الأميركيون في التنف "لواء أبو الخطاب" ووحدات أخرى معًا لتصبح تحت القيادة المشتركة لـ"جيش مغاوير الثورة".
‏وقال المشهداني إن صفوف "جيش مغاوير الثورة" نمت من حوالي 800 مقاتل إلى ما يصل إلى 3.000 مقاتل نتيجة لذلك. واستمر جميع أفراد القوة في تلقي التسليح من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى رواتبهم البالغة 400 دولار (315 جنيهًا إسترلينيًا) للفرد الواحد شهريًا، أي ما يقرب من 12 ضعف ما يتقاضاه الجنود في الجيش السوري المنحل الآن.‏
مع بدء الهجوم، انتشرت قوات "جيش مغاوير الثورة" عبر الصحراء الشرقية، وسيطرت على الطرق الرئيسية، ثم انضمت إلى فصيل متمرد في مدينة درعا الجنوبية كان قد وصل إلى دمشق قبل "هيئة تحرير الشام".‏
‏وقال النقيب المشهداني إن "جيش مغاوير الثورة" ومقاتلي "هيئة تحرير الشام"، التي يقودها الزعيم السوري المؤقت محمد الجولاني، يتعاونون، وإن الأميركيين في التنف هم الذين ينسقون الاتصالات بين القوتين.‏
بينما تتواصل الحرب الأهلية السورية التي استمرت على مدى 13 عامًا، أنتجت مجموعة مُربكة من الميليشيات والتحالفات، معظمها مدعوم من قوى أجنبية.‏
‏وبذلك، سيكون من بين العديد من المفارقات التي يحفل بها المشهد السوري إذا كانت الولايات المتحدة تعمل في تحالف فعال مع مجموعة مثل "هيئة تحرير الشام"، التي كانت تابعة لتنظيم القاعدة في سورية حتى انفصالها عنه في العام 2017.‏
‏ومما ينطوي على مفارقة بالقدر نفسه حقيقة أن الفصائل المتمردة المدعومة من الولايات المتحدة تتعاون مع تلك المدعومة من تركيا في أماكن مثل تدمر، بينما تقاتل بعضها بعضا في أماكن أخرى من البلاد.‏
‏بينما عارضت تركيا الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة‏‏ في سورية، فإنها كانت متفقة تمامًا بشأن التهديد الذي يشكله "داعش".‏
‏وفي الأيام الأخيرة، وجهت الولايات المتحدة عشرات الضربات الجوية لمواقع "داعش"، حتى في الوقت الذي تعرض فيه حلفاؤها الأكراد لهجوم مستمر من الفصائل السورية المدعومة من تركيا.‏
ما يزال تهديد "داعش" واضحًا في بلدة تدمر، التي دُمرت إلى حد كبير في المعركة التي قادتها روسيا لاستعادتها في العام 2017، وما تزال مهجورة في الغالب.‏
‏يتمركز مقاتلو "داعش" في التلال الواقعة إلى الجنوب الغربي من البلدة، ويسيطرون بشكل فعال على أجزاء من الطريق السريع المؤدي إلى دمشق، حسب ما قال عبد الرزاق أبو الخطيب، القائد في "لواء الصقور الشامية" المدعوم من تركيا، الذي يسيطر على وسط تدمر.‏
وقال السيد الخطيب إن "الصقور" قادوا الهجوم الذي استولى على تدمر، مع تكبد خسائر في الأرواح في كل من رجاله ورجال "حزب الله". وأضاف أن خمسة آخرين من رجاله لقوا حتفهم يوم الثلاثاء أثناء محاولتهم تطهير مبنى كان قد فخخه الروس المنسحبون.‏
‏وقال الخطيب إنه من المرجح أن يبدأ هجوم ضد "داعش" في المنطقة الشهر المقبل بمجرد تأمين تدمر بالكامل.‏

*أدريان بلومفيلد Adrian Blomfield: صحفي بريطاني بارز عمل كمراسل دولي لعدة مؤسسات إعلامية مرموقة. بدأ مسيرته المهنية في "الديلي تلغراف"؛ حيث عمل مراسلًا صحفيًا في موسكو لمدة أربع سنوات، ثم انتقل ليصبح مراسلًا في القدس من العام 2009 حتى العام 2012، حيث غطى أحداث الشرق الأوسط. لاحقًا، عمل كمراسل لشؤون شرق أفريقيا لصالح مجلة "الإيكونوميست"، حيث استقر في نيروبي، كينيا. خلال مسيرته، غطى بلومفيلد مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك النزاعات السياسية، الأزمات الإنسانية، والتطورات الاجتماعية في مناطق عمله.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: US ‘prepared Syrian rebel group to help topple Bashar al-Assad’

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق