تناقض تصريحات بايدن وترامب يعقد استشراف مستقبل سورية

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان – لطالما كان للإدارة الأميركية مواقف واضحة تجاه الأزمة السورية على مر السنوات، ولكن بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول (ديسمبر) 2024، يبدو أن هناك تحولًا في هذا الموقف.اضافة اعلان
وأول من أمس، وبعد انتشار الأنباء التي تحدّثت عن فرار الرئيس السوري السابق بشار الأسد خارج سورية، بعد معارك شنّتها فصائل معارضة مسلّحة منذ 27 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، خرج الرئيس الأميركي جو بايدن بتصريح قال فيه إن ما حدث "لحظة تاريخية" للشعب السوري.
وشدد بايدن على ضرورة محاسبة الأسد لما ارتكبه من جرائم بحق "مئات آلاف السوريين الأبرياء" ومن "سوء معاملة وتعذيب وقتل".
وقال "إن روسيا وإيران لم تتمكنا من الدفاع عن النظام السوري" متعهّدا "بالعمل مع الجماعات السورية لتأسيس المرحلة الانتقالية".
وأضاف بايدن: "سنراقب القيادة الجديدة في سورية، ونقيم أفعالها وسلوكها".
من جهة أخرى، لم يبق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بعيدا، وعلّق قائلا: "ذهب الأسد. لقد هرب من بلاده. حاميته، روسيا، روسيا، روسيا، بقيادة فلاديمير بوتين، لم تعد مهتمة بحمايته بعد الآن".
وفي منشور على منصته "تروث سوشال"، أضاف ترامب: "لم يكن هناك سبب لوجود روسيا هناك في المقام الأول.. لقد فقدوا كل الاهتمام بسورية بسبب أوكرانيا.. روسيا وإيران في حالة ضعف في الوقت الحالي، أحدهما بسبب أوكرانيا والاقتصاد السيئ، والآخر بسبب إسرائيل ونجاحها القتالي".
وتابع: "يجب أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار ويجب أن تبدأ المفاوضات" دون أن يحدد الصراع الذي كان يشير إليه.
وبعد سقوط النظام، هناك تساؤلات حول كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الوضع الجديد في سورية، في حين أن بعض التقارير تشير إلى أن الإدارة الأميركية قد تكون مستعدة لدعم عملية الانتقال السياسي في سورية، مع التركيز على تحقيق الاستقرار ومنع الفوضى التي قد تنجم عن انهيار النظام، إلا أن التحديات المستقبلية التي تواجه واشنطن تشمل كيفية التعامل مع النفوذ الإيراني الذي بات يتقلّص في المنطقة، وكيفية دعم إعادة الإعمار في سورية بعد أعوام من الحرب.
ومن هنا، قال المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة إن الموقف العام بالنسبة للإدارتين في الولايات المتحدة، الحالية والمقبلة، هو "توافقي".
وأضاف السبايلة "إن السؤال الأهم هو كيفية إدارة سورية ما بعد سقوط نظام الأسد؟".
واعتبر أن ذلك هو بلا شك أحد الموضوعات التي ستواجه إدارة ترامب لأنه ليس هناك وقت لإدارة بايدن في السلطة، ومحاولة إبقاء الشرعية لهيئة تحرير الشام بسرعة من قبل الإدارة الحالية كنموذج للحل في سورية.
ولفت إلى أن الجمهوريين وحتى إدارة ترامب كانت رافضة التعامل مع هذه التنظيمات "لكنها أصبحت الآن أمرا واقعا".
وبين أن هناك توافقا أميركيا على تغيير نظام الأسد منذ فترة طويلة، لكن قد يكون هناك اختلاف على شكل البديل الذي قد يصنعه الواقع على الأرض.
وشدد السبايلة على أن إضفاء الشرعية على هيئة تحرير الشام أو على الجولاني لا يتم بسهولة من قبل أميركا.
وفور سيطرة الفصائل المعارضة على السلطة في سورية، خرج وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ليقول إن رفض نظام بشار الأسد منذ عام 2011 الانخراط في عملية سياسية ذات مصداقية، واعتماده على الدعم الوحشي من روسيا وإيران، أدّيا إلى انهياره.
وأَضاف بلينكن: "بعد 14 عاما من الصراع، أصبح لدى الشعب السوري أخيرا، سبب للأمل"، مؤكدا "دعم" الإدارة الأميركية بقوة" لانتقال سلمي للسلطة إلى حكومة سورية تكون على قدر من المسؤولية من خلال عملية شاملة.
وفي هذا السياق، اعتبر رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، أن الموقف الأميركي يشير إلى أن هناك تغيرا تجاه الجماعات المسلحة السورية وبشكل خاص هيئة تحرير الشام.
وأضاف شنيكات إن الولايات المتحدة تصنّف هيئة تحرير الشام كجماعة إرهابية، وفي ضوء هذا التصنيف فإن طريقة التعامل تستدعي استخدام القوة ضدها بوصفها منظمة منبوذة هي وكل المنظمات على شاكلتها. 
وتابع: "لكن الموقف الأميركي الحالي يتسم بقدر كبير من الترقب وعدم اليقين، ومن باب إعطاء الفرصة لهذه الجماعات لمعرفة مدى ملاءمتها للمتطلبات الإقليمية والأمنية في المنطقة، وما قدرتها على التكيف".
وأوضح أن الموقف الأميركي يراهن على أن موقف هذه الجماعة والجماعات الشبيهة قد يكون شهد مراجعات، خاصة في ما يتعلق بموقفها الأيديولوجي. 
وقال إنه يمكن تحليل أسباب التغير الموقف الأميركي وفق محاور عدة، الأول هذه حرب غزة وحزب الله، ويبدو هنا أن وجهة النظر الإسرائيلية قد تغيرت حيال الموقف من نظام الأسد السابق، خاصة وأن دولة الاحتلال والولايات المتحدة كانتا تعتقدان أن الأسد سيعيد تسليح حزب الله، وأنه متعاون معه. 
وفي المحور الثاني، وفق شنيكات، وهو محور المقاومة، أرادت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني معا إنهاك هذا المحور وقطع التواصل الجغرافي معه من خلال سورية وحزب الله، وبالعكس فإنه يمر من إيران والعراق مرورا بسورية وصولا إلى حزب الله في لبنان. 
وحول المحور الثالث، لفت إلى أنه مختص بموضوع روسيا، مبينا أن موسكو بعد أن تم إنهاكها في أوكرانيا، فلا بد من قطع وجودها في المنطقة، وهذا ما أدى، في النهاية، إلى خروج الأسد من السلطة، وذلك "يعني ضمنا خروج روسيا من سورية، وبالتالي فشل المشروع الروسي بالتواجد في الإقليم". 
وفي المحور الرابع، أكد شنيكات أنه يختص بتركيا، حيث يبدو أن هناك تواصلا بين الأتراك والولايات المتحدة بشكل خاص فيما يتعلق بفصائل المعارضة.
وقال: "يبدو أيضا أن هناك ضمانات تم تقديمها في هذا الإطار، وحتى الآن فإن المعارضة تقدّم تطمينات لكل دول الجوار بما فيها الأردن والعراق وإيران ودول أخرى خارج الإقليم فيما يتعلق بسلوكها حال توليها السلطة".
وأضاف شنيكات: "من هنا، أصبحت المقاربة بأن أصول المعارضة المسلحة للسلطة هو أقل خطرا من بقاء الأسد ضمن محور المقاومة، وخاصة كما ذكرنا موضوع تسليح حزب الله من جديد".
واعتبر أن المحور الخامس يدور حول ملف اللاجئين، مؤكدا أنه "يبدو أن دولا أوروبية ساهمت بتشكيل الموقف الأميركي بخصوص تواجد اللاجئين السوريين في أوروبا والذين قد يصبحون مواطنين".
وأشار إلى أن هؤلاء أصبحوا أكثر تأثيرا على مسأله الهوية الأوروبية، ما أدى إلى نشوء وتزايد قوة الدفع بالنسبة للأحزاب اليمينية في أوروبا.
وأضاف: "في ظل عدم قيام الأسد بمصالحات حقيقية تسمح للاجئين بالعودة وعدم تقديم ضمانات كافية، فإن هذا ما سرّع وسهّل من عملية التخلص منه في ظل معطيات يصعب تجاوزها".
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق