الدبلوماسية الأردنية.. خطوة في الاتجاه الصحيح

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تأتـي زيارة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي إلى دمشق كأول وزير خارجية عربي يصل إلى دمشق، ولقاءه مع القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع في سياق طي صفحة الماضي في العلاقة المتأرجحة والتي امتدت لما يقارب أربعة عقود مع النظام السوري السابق، تلك العلاقة التي شابها العديد من محطات التوتر ولحظات التأزيم بين البلدين.اضافة اعلان

     زيارة الصفدي وأن كانت متأخرة نسبيا – كما يراها البعض- بحكم الجوار الجغرافي وحساسية الملف السوري وما يشكله من مساس مباشر بالأمن القومي الأردني؛ إلا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح نحو رسم أطر حقيقية وجادة لعلاقة جديدة مع النظام الجديد في دمشق تقوم على أسس واضحة مبنية على احترام السيادة وعدم التدخل في الشأن الداخلي لكلا البلدين، كما تكمن أهمية الزيارة من حيث التوقيت بعد الانفتاح الغربي على السلطة الجديدة والحراك الدبلوماسي المحموم التي شهدتها العاصمة دمشق خلال الأيام القليلة الماضية.

     المعارضة السورية والتي غدت اليوم " سلطة حاكمة" في دمشق كانت قد غازلت دول الجوار في الأيام التي سبقت إسقاطها لنظام الأسد في الثامن من كانون الجاري، من باب بث الطمأنينة حول سلامة نواياها مع هذه الدول في حال نجاحها، ولعل أولى هذه الإشارات  كانت قد بعثت بها إدارة الشؤون السياسية التابعة لإدارة العمليات العسكرية قبل يوم واحد من بسط سيطرتها على دمشق، والتي كانت تتخذ من مدينة إدلب مقرا لها قبل سقوط نظام الأسد ؛ إذ وجهت بيانا رسمياً مقتضبا إلى الأردن عبّرت فيها عن امتنانها لدور الأردن الرسمي والشعبي في احتضان اللاجئين السوريين على أراضيه طول فترة الأزمة السورية،  مؤكدة على تضرر الأردن من بقاء النظام السوري ولاسيما فيما يتعلق بقضايا التهريب و المخدرات عبر الحدود الشمالية للمملكة، كما عبر البيان عن تطلعات الإدارة إلى تعزيز العلاقات بين البلدين على أسس الاحترام المتبادل لسيادة البلدين.

     من جانب آخر فإن الأردن قد يكون المعني الأول عربيا وإقليميا في المنطقة في استقرار الأوضاع الأمنية في الشقيقة سوريا وانتظام الحياة الطبيعية فيها، لما تشكله سوريا من عمق استراتيجي عربي واقليمي للأردن، في ظل الظروف الراهنة التي وضعته في محيط ملتهب بالحروب والتوترات الدولية، ولاسيما في ظل تردي الأوضاع العربية والعمل العربي المشترك، وصلف الحكومة الإسرائيلية المتطرفة وعدوانها الهمجي على غزة، بالإضافة لما يربط الأردن مع الأشقاء السوريين من تطلعات اقتصادية مشتركة والامتداد العشائري بين البلدين. 

    وبالنطر إلى حجم وحساسية الملفات العالقة بين البلدين على مر العقود الفائتة نجد ان ملف التهريب والحدود والمخدرات لن يكون الملف الأوحد المطروح على طاولة المباحثات المستقبلة والتي ستسعى لتحديد أطر العلاقة الجديدة بين البلدين، فهناك العديد من الملفات الساخنة والقضايا العالقة مثل ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين في الأردن، وملف المقاتلين الأردنيين الذين قاتلوا في صفوف المعارضة السورية ضد نظام الأسد، وملف المياه وسد الوحدة على وجه الخصوص، بالإضافة إلى ملف المفقودين الأردنيين في المعتقلات السورية والذي مازال يؤرق العديد من الأسر الأردنية.

    عودا على بدء، فأن زيارة وزير الخارجية إلى دمشق وان كانت مدفوعة بضغط شعبي وتساؤلات من بعض النخب عن سبب تأخرها، إلا مع انها تسجل للدبلوماسية الأردنية النشطة، وحتى لا تفقد هذه الخطوة أهميتها فلا بد من البناء عليها، فهي بحكم المؤكد لن تكون كافية مالم يتبعها تنسيق وعلى اعلى المستويات لتشكيل لجان مشتركة تؤسس لمباحثات جادة قوامها احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتفتح آفاقا جديدة من التعاون البنّاء لما فيه مصلحة البلدين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق