عمان – تعتاد سمر خليل تصفح منصات السوشال ميديا يوميا عبر تطبيقاتها المفضلة مثل إنستغرام وفيسبوك. وأثناء مرورها كالمعتاد، صادفت العديد من المنشورات التي تتحدث عن اختيار جامعة أكسفورد لعبارة "تعفن العقل" لتكون كلمة العام.اضافة اعلان
اكتشفت سمر أن هذا المصطلح يجذب انتباهها، وبعد قراءتها لمعناه ودلالاته، أدركت أنه يصف حالتها الحالية بدقة. فهي تعاني من شكوى مستمرة من النسيان وقلة التركيز، لدرجة أنها تجد صعوبة في الإجابة على سؤال بسيط عما تفعله في اللحظة نفسها إذا قاطعها أحد. تعترف بأنها ليست الوحيدة التي تعاني من هذه الحالة، بل لاحظت أن والدتها، صديقاتها، وزملاءها يعبرون عن شكاوى مشابهة لما يحدث معها وبشكل متكرر.
اختارت جامعة أكسفورد مصطلح "تعفن العقل" وهو بالإنجليزي يعني (Mind Rot) ليكون كلمة العام، في قرار يعكس القلق المتزايد من التأثيرات السلبية للحياة الرقمية الحديثة على الإنسان.
وتبين أن هذا المصطلح يعبر عن ظاهرة نفسية وعقلية يشعر بها كثيرون في الوقت الحالي، حيث يؤدي الانغماس في التكنولوجيا واستهلاك المحتوى الرقمي المفرط إلى حالة من الركود الذهني وضعف بالقدرات العقلية مثل التركيز، الإبداع، والتفكير العميق، وأيضا عوارض أخرى.
اختصاصي علم النفس الدكتور موسى مطارنة يتحدث عن ظاهرة ما سمي بـ"تعفن العقل"، ويؤكد أنه ليس فقط مصطلحا أكاديميا أو من المفردات الرنانة التي تسمع وفقط، بل هي وصف لحالة يعيشها الكثيريون ومن كثير من دول العالم، حتى أن الكثيرين يوثقون حالات الضياع والتشتت الذهني من خلال فيديوهات توثق على السوشال ميديا ويتبادل عليه الضحكات والتعليقات بأن هذه الحالة تصيبهم أيضا.
يلاحظ البعض أن عقولهم باتت أقل قدرة على إنجاز المهام التي تتطلب تركيزا أو تفكيرا.
كم مرة سمعنا شباب في العشرينيات أو الثلاثينيات يشكون من عدم قدرتهم على قراءة كتاب كامل أو متابعة محتوى طويل حتى النهاية؟ حيث اعتادوا على متابعة الفيديوهات القصيرة والسريعة التي تهيمن على منصات التواصل الاجتماعي، مما أثر على قدرة التركيز والاستمرار في الأنشطة التي تتطلب جهدا طويلا.
ويقول مطارنة أيضا: "كم مرة سمعنا عن شخص في منتصف العمر يجد صعوبة في التركيز على مهامه اليومية بسبب سيل الإشعارات والتنبيهات المستمرة من التطبيقات المختلفة؟ هذا التدفق المتواصل يجعل الإنسان دائم التشتيت وغير قادر على أداء مهامه كما يجب".
وينوه أيضا إلى أن الشباب والمراهقين ليسوا بمنأى عن التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة، إذ يعاني الكثير منهم من الاكتئاب وفقدان الشغف بالحياة نتيجة الضغوط الاجتماعية المتزايدة على منصات التواصل. ففي هذه المساحات الافتراضية، يقارنون حياتهم بما يشاهدونه في حسابات الآخرين، مما يعمق شعورهم بعدم الرضا.
هذه الظاهرة لم تعد محصورة على الأفراد فقط، بل أصبحت تحديا مجتمعيا واسع النطاق. "فـالإدمان على المحتوى الرقمي وتشتت الانتباه يؤثران سلبا على طبيعة الحياة وفي الوظائف وحتى على صعيد العلاقات الاجتماعية".
لكن مطارنة يؤكد أن هذه الحالة يمكن التغلب عليها، وأن استعادة نشاط العقل أمر ممكن من خلال التوقف أو التقليل الملحوظ من استخدام الأسباب التي تؤدي إلى ذلك. ويوضح أن التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي هي المحرك الأساسي لما يعرف بـ"تعفن العقل"، مشيرا إلى إمكانية التقليل من التعرض لها واستبدالها بأنشطة مثل القراءة، ممارسة الرياضة، أو قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء.
ويقول إن هذه السلوكيات قادرة على مواجهة ظاهرة "تعفن العقل"، قائلا: "الأمر ليس مستحيلا، لكنه يتطلب وعيا فرديا وجماعيا لإعادة ضبط علاقتنا مع التكنولوجيا".
ويوضح أن الدراسات العلمية والمحاضرات السابقة أكدت أن العقل والدماغ يحتاجان إلى تمارين تحفزهما على الإدراك والتذكر بشكل جيد، مثل التواصل المباشر مع الآخرين، وحل المسائل الرياضية، والحفظ، والقراءة. هذه الأنشطة تعد حلولا جيدة وذات فاعلية لاستعادة صحة العقل والحفاظ على قدراته.
كما يشجع على تبني نهج التخلص التدريجي من الإدمان الرقمي، عبر وضع حدود واضحة لاستخدام الهاتف والتطبيقات، وتحديد أوقات مخصصة لذلك وتقليل الاعتماد على الإشعارات والتنبيهات.
يتفق اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي على أن العديد من الأفراد من مختلف الأعمار يشعرون بأن أدمغتهم "تشيخ"، بل ويصفون أنفسهم في الجلسات العامة بأنهم يعانون من "ألزهايمر مبكر". لكنه يوضح أن مرض ألزهايمر هو حالة عصبية لا إرادية تتطور مع الزمن، على عكس "التعفن العقلي" الذي يرتبط بمسببات خارجية، أبرزها التعرض المفرط وغير المفيد للمحتوى الرقمي.
ووفق خزاعي فإن استعادة التركيز ونشاط العقل أمر ممكن من خلال العودة إلى الأنشطة التقليدية التي تغذي العقل، مثل قراءة الكتب، ممارسة الرياضة، أو قضاء الوقت وسط الطبيعة بعيدا عن شاشات الاجهزة الذكية. كما يضيف أن التأمل وتمارين تحسين التركيز يمكن أن تلعب دورا مهما في تدريب العقل على استعادة قدرته على الانتباه لفترات أطول.
ويضيف أن إعادة تنظيم الروتين اليومي بحيث يتضمن أوقاتا ثابتة للتفكير والتخطيط بعيدا عن مصادر التشتيت يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير.
ويقول: "اختيار تعفن العقل ككلمة العام يمثل دعوة للتأمل في الطريقة التي نعيش بها حياتنا في ظل التكنولوجيا الحديثة. إنه تنبيه لنا لإعادة التفكير في علاقتنا مع العالم الرقمي، والسعي لتحقيق التوازن بين الاستفادة من التقنيات المتطورة والمحافظة على الصحة النفسية والعقلية".
هذه الظاهرة كما يقول، تمنح الفرد شرعية طرح السؤال: "كيف يمكننا استخدام التكنولوجيا بطريقة تغذي عقولنا بدلا من أن تستنزفها؟" ويرى أن الإجابة تبدأ بخطوات بسيطة تتخذ يوميا لاستعادة السيطرة على الوقت والعقل، مما يمهد لبناء مستقبل أكثر وعيا واستدامة.
وأخيرا، يظهر النقاش الدائر على وسائل التواصل الاجتماعي أن مصطلح "تعفن العقل" ليس مجرد وصف لحالة فكرية متدهورة، بل هو تحذير من التأثيرات السلبية للبيئة الرقمية والاجتماعية على العقل البشري. وفي عالم مليء بالمشتتات وسريع التطور والتغير، يبقى الحل في استعادة ترتيب أنفسنا، والاستثمار في محتوى يرفع من القدرات بدلا من استنزافها والتأثير السلبي عليها.
اكتشفت سمر أن هذا المصطلح يجذب انتباهها، وبعد قراءتها لمعناه ودلالاته، أدركت أنه يصف حالتها الحالية بدقة. فهي تعاني من شكوى مستمرة من النسيان وقلة التركيز، لدرجة أنها تجد صعوبة في الإجابة على سؤال بسيط عما تفعله في اللحظة نفسها إذا قاطعها أحد. تعترف بأنها ليست الوحيدة التي تعاني من هذه الحالة، بل لاحظت أن والدتها، صديقاتها، وزملاءها يعبرون عن شكاوى مشابهة لما يحدث معها وبشكل متكرر.
اختارت جامعة أكسفورد مصطلح "تعفن العقل" وهو بالإنجليزي يعني (Mind Rot) ليكون كلمة العام، في قرار يعكس القلق المتزايد من التأثيرات السلبية للحياة الرقمية الحديثة على الإنسان.
وتبين أن هذا المصطلح يعبر عن ظاهرة نفسية وعقلية يشعر بها كثيرون في الوقت الحالي، حيث يؤدي الانغماس في التكنولوجيا واستهلاك المحتوى الرقمي المفرط إلى حالة من الركود الذهني وضعف بالقدرات العقلية مثل التركيز، الإبداع، والتفكير العميق، وأيضا عوارض أخرى.
اختصاصي علم النفس الدكتور موسى مطارنة يتحدث عن ظاهرة ما سمي بـ"تعفن العقل"، ويؤكد أنه ليس فقط مصطلحا أكاديميا أو من المفردات الرنانة التي تسمع وفقط، بل هي وصف لحالة يعيشها الكثيريون ومن كثير من دول العالم، حتى أن الكثيرين يوثقون حالات الضياع والتشتت الذهني من خلال فيديوهات توثق على السوشال ميديا ويتبادل عليه الضحكات والتعليقات بأن هذه الحالة تصيبهم أيضا.
يلاحظ البعض أن عقولهم باتت أقل قدرة على إنجاز المهام التي تتطلب تركيزا أو تفكيرا.
كم مرة سمعنا شباب في العشرينيات أو الثلاثينيات يشكون من عدم قدرتهم على قراءة كتاب كامل أو متابعة محتوى طويل حتى النهاية؟ حيث اعتادوا على متابعة الفيديوهات القصيرة والسريعة التي تهيمن على منصات التواصل الاجتماعي، مما أثر على قدرة التركيز والاستمرار في الأنشطة التي تتطلب جهدا طويلا.
ويقول مطارنة أيضا: "كم مرة سمعنا عن شخص في منتصف العمر يجد صعوبة في التركيز على مهامه اليومية بسبب سيل الإشعارات والتنبيهات المستمرة من التطبيقات المختلفة؟ هذا التدفق المتواصل يجعل الإنسان دائم التشتيت وغير قادر على أداء مهامه كما يجب".
وينوه أيضا إلى أن الشباب والمراهقين ليسوا بمنأى عن التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة، إذ يعاني الكثير منهم من الاكتئاب وفقدان الشغف بالحياة نتيجة الضغوط الاجتماعية المتزايدة على منصات التواصل. ففي هذه المساحات الافتراضية، يقارنون حياتهم بما يشاهدونه في حسابات الآخرين، مما يعمق شعورهم بعدم الرضا.
هذه الظاهرة لم تعد محصورة على الأفراد فقط، بل أصبحت تحديا مجتمعيا واسع النطاق. "فـالإدمان على المحتوى الرقمي وتشتت الانتباه يؤثران سلبا على طبيعة الحياة وفي الوظائف وحتى على صعيد العلاقات الاجتماعية".
لكن مطارنة يؤكد أن هذه الحالة يمكن التغلب عليها، وأن استعادة نشاط العقل أمر ممكن من خلال التوقف أو التقليل الملحوظ من استخدام الأسباب التي تؤدي إلى ذلك. ويوضح أن التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي هي المحرك الأساسي لما يعرف بـ"تعفن العقل"، مشيرا إلى إمكانية التقليل من التعرض لها واستبدالها بأنشطة مثل القراءة، ممارسة الرياضة، أو قضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء.
ويقول إن هذه السلوكيات قادرة على مواجهة ظاهرة "تعفن العقل"، قائلا: "الأمر ليس مستحيلا، لكنه يتطلب وعيا فرديا وجماعيا لإعادة ضبط علاقتنا مع التكنولوجيا".
ويوضح أن الدراسات العلمية والمحاضرات السابقة أكدت أن العقل والدماغ يحتاجان إلى تمارين تحفزهما على الإدراك والتذكر بشكل جيد، مثل التواصل المباشر مع الآخرين، وحل المسائل الرياضية، والحفظ، والقراءة. هذه الأنشطة تعد حلولا جيدة وذات فاعلية لاستعادة صحة العقل والحفاظ على قدراته.
كما يشجع على تبني نهج التخلص التدريجي من الإدمان الرقمي، عبر وضع حدود واضحة لاستخدام الهاتف والتطبيقات، وتحديد أوقات مخصصة لذلك وتقليل الاعتماد على الإشعارات والتنبيهات.
يتفق اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي على أن العديد من الأفراد من مختلف الأعمار يشعرون بأن أدمغتهم "تشيخ"، بل ويصفون أنفسهم في الجلسات العامة بأنهم يعانون من "ألزهايمر مبكر". لكنه يوضح أن مرض ألزهايمر هو حالة عصبية لا إرادية تتطور مع الزمن، على عكس "التعفن العقلي" الذي يرتبط بمسببات خارجية، أبرزها التعرض المفرط وغير المفيد للمحتوى الرقمي.
ووفق خزاعي فإن استعادة التركيز ونشاط العقل أمر ممكن من خلال العودة إلى الأنشطة التقليدية التي تغذي العقل، مثل قراءة الكتب، ممارسة الرياضة، أو قضاء الوقت وسط الطبيعة بعيدا عن شاشات الاجهزة الذكية. كما يضيف أن التأمل وتمارين تحسين التركيز يمكن أن تلعب دورا مهما في تدريب العقل على استعادة قدرته على الانتباه لفترات أطول.
ويضيف أن إعادة تنظيم الروتين اليومي بحيث يتضمن أوقاتا ثابتة للتفكير والتخطيط بعيدا عن مصادر التشتيت يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير.
ويقول: "اختيار تعفن العقل ككلمة العام يمثل دعوة للتأمل في الطريقة التي نعيش بها حياتنا في ظل التكنولوجيا الحديثة. إنه تنبيه لنا لإعادة التفكير في علاقتنا مع العالم الرقمي، والسعي لتحقيق التوازن بين الاستفادة من التقنيات المتطورة والمحافظة على الصحة النفسية والعقلية".
هذه الظاهرة كما يقول، تمنح الفرد شرعية طرح السؤال: "كيف يمكننا استخدام التكنولوجيا بطريقة تغذي عقولنا بدلا من أن تستنزفها؟" ويرى أن الإجابة تبدأ بخطوات بسيطة تتخذ يوميا لاستعادة السيطرة على الوقت والعقل، مما يمهد لبناء مستقبل أكثر وعيا واستدامة.
وأخيرا، يظهر النقاش الدائر على وسائل التواصل الاجتماعي أن مصطلح "تعفن العقل" ليس مجرد وصف لحالة فكرية متدهورة، بل هو تحذير من التأثيرات السلبية للبيئة الرقمية والاجتماعية على العقل البشري. وفي عالم مليء بالمشتتات وسريع التطور والتغير، يبقى الحل في استعادة ترتيب أنفسنا، والاستثمار في محتوى يرفع من القدرات بدلا من استنزافها والتأثير السلبي عليها.
0 تعليق