العراق أمام مفترق طرق غير مسبوق

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
 تسفي برئيل

 في الوقت الذي يواصل فيه الحوثيون هجماتهم على إسرائيل وعلى السفن في البحر الأحمر، فإن جبهة العراق تحافظ على الهدوء منذ التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان قبل شهر. يبدو أن أساس وقف إطلاق النار في هذه الجبهة هو مبدأ "وحدة الساحات"، الذي يلتزم به على الأقل نظريا جميع وكلاء إيران؛ والذي بحسبه كما هي الحرب مشتركة، ايضا وقف إطلاق النار مشترك.اضافة اعلان
هذا المبدأ الذي لا يظهر الحوثيون أي نية لتبنيه، والذي وجه حسن نصر الله، يعتمد على المعادلة التي بحسبها وقف الحرب في قطاع غزة سيستدعي وقف اطلاق النار من قبل حزب الله. ولكن حسن نصر الله لم يتعهد باسم الوكلاء الآخرين، بل فقط باسم الحزب. والاكثر اهمية هو أن حزب الله اضطر على الموافقة على وقف اطلاق النار حتى قبل توقف النار في غزة، في الوقت الذي من غير الواضح فيه متى وهل ستتوقف الحرب هناك أصلا.
 في هذا الوضع، حتى قبل البدء في الانقلاب الناجح للمتمردين في سورية الذي اسقط نظام الاسد، واجهت الوكلاء معضلة. هل وقف النار في لبنان يمكن أن يلزمهم ايضا، رغم أن الحرب في غزة ما زالت مستمرة؟ أو أنه يجب عليهم التمسك بالمبدأ الذي وضعته إيران والذي يقول بأن كل وكيل مخول بالعمل حسب الظروف والشروط الموجودة في الدولة التي يعمل فيها. هذا المبدأ استهدف إعطاء طهران مجالا للإنكار والتنصل من المسؤولية عن نشاطات الوكلاء وكأنها منسقة وموجهة من قبلهم، وبالتالي، حماية نفسها من الهجوم المباشر. هذا المبدأ لم يعد يكفي لمواجهة الواقع الجديد في سورية.
معظم القوات الإيرانية انسحبت أو هربت من سورية. فقد فقدت المواقع العسكرية في سورية، وهي حتى الآن لم تنشئ علاقة مباشرة مع القيادة الجديدة في سورية. الآن هي ملزمة بفحص خطواتها في المنطقة، وليس فقط امام إسرائيل. يجب عليها، وبسرعة، وضع إستراتيجية جديدة تبقي قدرتها على التأثير في لبنان حية، وايضا الاهتمام بالتمويل، وبعد ذلك اعادة ترميم حزب الله. وهي ايضا يجب عليها مواجهة فقدان سيطرتها في سورية، بالأساس إزاء "السيطرة الودية"، حسب تعبير الرئيس ترامب، لتركيا على مراكز القوة في سورية، والاستعداد لاحتمالية أن الدول الأوروبية ستطلب من مجلس الأمن فرض العقوبات الدولية عليها مجددا على خلفية الخرق المستمر للاتفاق النووي، وحماية ذخائرها وعلى رأسها نفوذها في العراق.
 قضية استمرار مشاركة المليشيات العراقية المؤيدة لإيران في الحرب هي جزء جوهري في نسيج اعتبارات إيران. حسب منشورات عراقية ولبنانية فانه يبدو أن هذه القضية حصلت على حل منسق ومتفق عليه. ففي مقابلة مع وكالة "شفق نيوز" العراقية قال أول من أمس كاظم البرطوسي، المتحدث بلسان مليشيا "سيد الشهداء"، إن نشاطات المليشيات ضد إسرائيل كانت مقترنة بنشاطات حزب الله في لبنان. وحسب قوله فان المليشيا التي ينتمي اليها هي واحدة من المليشيات المسلحة التابعة لـ "جبهة الإسناد". "عندما تم التوصل الى وقف اطلاق النار توقفت نشاطات المليشيات العراقية. ايضا في العراق يوجد شركاء يبدون التحفظ من هذه النشاطات ولذلك يجب علينا الإصغاء إليهم".
أمس نشر في موقع "الأخبار" اللبناني، المقرب من حزب الله، تقرير مفصل وصريح بحسبه جميع المليشيات اتفقت مع الحكومة العراقية على وقف النشاطات ضد إسرائيل. جميع الأطراف وافقت ايضا على عدم اعطاء تصريحات حول التطورات في سورية، "على خلفية طلبات اقليمية ودولية لحل المليشيات وتسليم سلاحها للدولة". وحسب المصدر الذي استند إليه التقرير فإن مصدر رفيع في مليشيا "النجبناء" في العراق، قالت "إيران منحتنا حرية اتخاذ القرار في كل ما يتعلق بسورية".
العراق هو دولة رئيسية بالنسبة لإيران، التي كانت الدولة الأولى التي اعترفت بالحكومة العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين، وسارعت الى اقامة قنصلية لها في إقليم الأكراد وأصبحت حليفة العراق والشريكة التجارية الاكثر اهمية بالنسبة لبغداد. هكذا، كانت الرابح الأكبر من حرب الخليج الثانية. الانقلاب في سورية يضع الآن إيران والمليشيات التي تحت رعايتها والحكومة العراقية ايضا على مفترق طرق غير مسبوق.
 في الأيام الأولى للثورة، عندما لم يكن معروف حتى ذلك الحين ما هو توجه المتمردين، وبالأساس درجة نجاحهم، اتخذت الحكومة العراقية موقف أدان التمرد وطالب بالإبقاء على الوضع في سورية على حاله. ولكن عندما تبين حجم النجاح فقد غيرت الحكومة العراقية اللهجة وبدأت تلائم نفسها مع الوضع الجديد، حيث دعت الى "تشكيل في سورية دولة قانون تحافظ على حقوق الأقليات". في نفس الوقت رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، بادر الى عدة لقاءات مع زعماء المنطقة من اجل تنسيق المواقف. العراق في الحقيقة "استضاف" تقريبا 3 آلاف جندي سوري هربوا إليه. ولكن خلال فترة قصيرة أمرتهم بالعودة الى سورية بعد تجريدهم من سلاحهم، الذي تنوي إرساله إلى النظام السوري. اضافة الى ذلك فان بغداد وجدت نفسها تحت ضغط دولي، بالأساس من قبل الولايات المتحدة التي طلبت منها العمل على حل "الحشد الشعبي"، وبالأساس المليشيات المؤيدة لإيران.
 المشكلة هي أن المليشيات العراقية أصبحت منذ زمن جزءا لا يتجزأ من النظام نفسه. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق