من نجريج إلى القاهرة.. رحلة شاب من ذوى الهمم لإنقاذ قطته المريضة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في شوارع وسط البلد المكتظة بالمارة والصخب، رُصد شاب يرتدي الزي الأزهري، يمشي بخطى متثاقلة وعيناه غارقتان بالدموع، يمسحها بطرف أكمامه، كان يحتضن قطة بين ذراعيه برفق، وفي يده ورقة وداخل حقيبته أمل يملأ قلبه الحنون. 

هو الشاب محمود، شاب من ذوي الهمم، جاء من قريته الصغيرة نجريج بمحافظة الغربية في رحلة شاقة إلى القاهرة، بحثًا عن علاج لقطته التي أصابها المرض.

رحلة الحب والتحدي

لم يكن محمود شابًا عاديًا؛ هو طالب أزهري من ذوي الهمم يحمل في قلبه إحساسًا عاليًا بالمسئولية تجاه كائن ضعيف، حينما علم أن قطته تعاني من ورم خبيث لا علاج له في قريته، لم يستسلم لليأس، حملها بعطف وسافر إلى العاصمة وحده، مدفوعًا برحمة نادرة وإصرار لا يلين لإنقاذ روح صغيرة تحتضنها ذراعيه.

المشهد الذي وثقته عدسات رواد مواقع التواصل الاجتماعي أظهر محمود في لحظة صادقة، تعلو وجهه ملامح الحزن والقلق، بينما تجاعيد الإرهاق تشهد على معاناته. 

دموعه لم تكن مجرد تعبير عن خوف، بل انعكاس لقلب مفعم بالرغبة في أن يستمر أمله، مشاهد التنقل بين الصيدليات والعيادات البيطرية بحثًا عن علاج أضافت أبعادًا إنسانية أعمق لهذه القصة.

تحدث عبدالله، شقيق الشاب محمود، عن شخصية أخيه وعلاقته بقطته، التي رافقته لفترة طويلة قبل أن تصاب بالمرض. 

يقول عبدالله: "محمود يحمل عقل طفل صغير، بعد حادث مؤلم تعرض له وهو في الخامسة من عمره، لكنه قادر على السفر وحده إلى القاهرة، ويعرف طريقه جيدًا". 

وعن القطة التي تعلَّق بها محمود، كشف عبدالله أن القطة أُخذت منه في حادث سرقة مؤسف، ما زاد من تدهور حالته النفسية.

لم تكن قصة محمود مجرد حادثة فردية، بل أثارت موجة من التعاطف والإنسانية بين رواد السوشيال ميديا. 

وصف أحدهم محمود بأنه "رمز للإنسانية في أبهى صورها"، بينما شبّهه آخرون بالصحابي الجليل أبوهريرة، الذي عُرف بحبه الكبير للقطط.

لا تُختصر حكاية محمود في رحلته مع القطة فقط، بل تكشف عن جوهر الإنسانية في أبسط صورها الرحمة التي حملها في قلبه تُعيد للأذهان الحديث الشريف: "يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير." 

قصته تُعلمنا أن العطف لا يعرف حدودًا، وأنّ أبسط الأفعال، إن انطلقت من نية صافية، قد تكون أقوى تعبير عن حب الحياة.

بينما ننشغل بمشاغل الحياة وضوضائها، تأتي قصص كهذه لتعيد إلينا توازننا، ولتذكرنا أن العطاء الحقيقي لا يُقاس بحجمه، بل بدفء القلب الذي يمنحه. 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق