انفراد.. عبد الرحمن شكري يوصي بعدم نشر سيرته إلا بعد رحيله (1)

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في عشرينيات القرن الفائت أسس الشاعر عبد الرحمن شكري مدرسة الديوان بصحبة رفيقيه عبد القادر المازني، وعباس محمود العقاد، وقد ربطت علاقة وطيدة بالكاتب والناقد الموسوعي نقولا يوسف الذي أعد وحقق ديوانه. وفي سنوات ما قبل الرحيل عاش  صاحب “عند الفجر” حياة مأساوية تشهد عليها رسائله إلى صديقه، والتي يستعرضها “الدستور” في السطور التالية:

ما لا يعرفه كثيرون عن عبد الرحمن شكري، هو سيرة أخرى حزينة ارتبطت بسنواته الأخيرة، تظهر في خطاباته إلى صديقه نقولا يوسف. تلك الرسائل تكشف عن رحلة طويلة من المرض والألم، وانفضاض الأصدقاء من حوله، وعودته إلى مسقط رأسه في بورسعيد، حيث عاش الوحدة ومرارة الهجر.

630.jpeg

في إحدى رسائله المؤرخة بتاريخ 30 أغسطس 1953، كتب شكري:

654.jpeg

 «حضرة الأستاذ الأدبي والمربي القدير نقولا أفندي يوسف، بعد التحية، تشرفتُ بتسلّم كتابكم الجميل مواكب الناس، ولما كانت يدي اليمنى مشلولة والجانب الأيمن مشلولًا، استعرتُ الكتابة بيدي اليسرى، لم أقرأ الكتاب بعد، إذ تسلمته الآن، ولكن كيف عرفتم عنواني في بورسعيد؟ لقد نسينا الأصدقاء، فأشكركم على هذه الهدية النفيسة». 

في رسائل أخرى، كتب عبد الرحمن شكري بيده اليسرى، واستعان مرات بأصدقاء ليكتبوا رسائلة الى نقولا، يصف حالته الصحية المتدهورة، اشتكى من «عداوات السُفَله اللئام»، الذين وصفهم بأنهم «أعداء لكل مفكر أو كاتب». كما ذكر أن ليس له تلاميذ يعرفونه في بورسعيد، وسخر مما قاله البعض عنه بخصوص «جهله بالنحو والصرف».

633.jpeg

في رسالة أخرى حملت تاريخ 16 يونيه 1955، وصف شكري معاناته قائلًا: «أنا الآن بسبب الشلل أشعر بالألم في جميع أعصابي وفي رأسي.. فتخيل، يا سيدي، هذا الألم الشديد».

651.jpeg

وتابع شكواه: «أعلم أن كل مقال يُكتب عني في مجلة يُسبب لي عداءً شديدًا، صحيح أن بعض المثقفين يستحسنون شعري ومقالاتي، لكن الأعداء أكثر، كتبتُ الشعر والنثر منذ عام 1905 حتى 1955، أي نحو خمسين عاما، فكان نصيبي الشلل والألم والعداء، وبعض الناس يحسدونني ولا أعرف السبب، حتى على العيش لا أنجو من الحسد، ربما كانت لديهم حجج بشأن أخطائي، ولذلك أرجو أن تسامحني».

رسائل شكري إلى نقولا يوسف لم تكن مجرد كلمات شخصية، بل وثائق حية تكشف معاناة شاعر كبير عاش بين الإبداع والألم، وواجه نهاية مأساوية  قد لا تليق بحياة أدبية استثنائية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق