نابلس - كحال جميع أهالي بلدة قراوة بني حسان قرب مدينة سلفيت شمالي الضفة الغربية، يرقب فوزي ريان بأم عينه التمدد الاستيطاني على أراضيهم في مستوطنة "كريات نتافيم" الآخذة بالتوسع في أنماط جديدة من البناء، بينما يحرم والأهالي هناك من أبسط حقوقهم في التوسع بمساكنهم والبناء بأرضهم أو إعمارها بزراعتها والاستفادة منها منذ عشرات السنين.اضافة اعلان
وفي أمر عسكري وقَّعه حديثا آفي بلوط قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، يسمح للمرة الأولى بالتجدد الحضري في البناء المكثف أو المشبع (ذي الطبقات) داخل المستوطنات بالضفة الغربية، وذلك يعني زيادة في عدد الوحدات الاستيطانية في المكان الواحد ومن ثم ارتفاع أعداد المستوطنين، وليس البناء المنفرد الذي يمتد على مساحة واسعة وبعدد مستوطنين أقل.
ورغم أن القرار الصهيوني يعدّ جديدا لجهة السماح "بالاستيطان المكثف"، فإن العمل به سار من قبل صدوره، كما هو الحال في مستوطنة "نتافيم" وغيرها من مستوطنات الضفة الغربية.
يشعر الفلسطيني فوزي ريان (53 عاما) بحسرة كبيرة كلما نظر صوب أرض "الطيارات" الخاصة به وأراضي "أبو زوير" و"خلة أبو حديد" التي يعرفها باسمها القديم وتعود لأهالي قريته حيث تجثم مستوطنة "نتافيم"، ويشيح بوجهه كي لا يزداد قهرا بفعل عجلة البناء المتسارعة.
وذلك في حين يلاحق جيش الاحتلال والمستوطنون كل عملية تجريف أو بناء في بلدته، ويعتدون على المواطنين ويصادرون معداتهم.
يروي ريان كيف عايش "أول إسفين"، حسب وصفه، دقّ بمستوطنة "نتافيم" عام 1978 عندما نشطت حركة الاستيطان بشمال الضفة الغربية آنذاك.
ويذكر حال المستوطنة وعمليات التوسع المتواصل بالبناء الطبقي، بينما يحرم وعائلته التي تعدّ 50 نفرا من الوصول إلى أرضهم وإعمارها رغم تحصيلهم قرارات من المحاكم الصهيونية تثبت ملكيتهم لها وأحقيتهم بالتصرف بها.
وعلى مرأى من أصحاب الأرض، انتقل المستوطنون من البناء المنفرد الباهظ الثمن إلى البنايات الطبقية المتعددة الوحدات السكنية في مستوطنة "نتافيم"، وأقيمت حوالي 6 بنايات حتى الآن منذ أن بدأ الاحتلال بتشييدها عام 2019، حسب إبراهيم عاصي رئيس بلدية قراوة بني حسان.
ويقول عاصي "في عام 2019 طالب المستوطنون بتوسيع المخطط الهيكلي لمستوطنتهم، لكنهم باشروا وما يزالون مستمرين بالبناء قبل الحصول على أي رد أو إذن من المحاكم، ولم تتعاط سلطات الاحتلال بالمقابل مع أي اعتراضات تقدم بها أصحاب الأرض رفضا للبناء الاستيطاني".
مخاطر تهدد الفلسطينيين
وهذا، وفق عاصي، من "أخطر" عمليات الاستيطان، كونه يصادر الأرض ويباشر بالبناء فوقها، كما يضاعف عدد المستوطنين ويكثف وجودهم بشكل كبير، وبالتالي النزول عند رغباتهم في المستقبل بضرورة التوسع وسلب مزيد من الأرض الفلسطينية لتغطية هذه الكثافة.
ويوفر الاستيطان المكثف على المستوطنين تكاليف البناء المستقل الباهظة التي وصلت، حسب عاصي، داخل "نتافيم" إلى مليون ونصف المليون شيكل للمنزل الواحد (حوالي 420 ألف دولار أميركي)، كما يجعلهم قريبين من بعضهم ومحصنين داخل أبنيتهم من أي خطر.
وعلى الأرض، سيعمل البناء الجديد المكثف في "نتافيم" على ربطها بالمستوطنات المحيطة وخاصة مستوطنة بركان بشقيها الصناعي والسكاني وقطع الطريق على 40 ألف فلسطيني يقطنون قرى غرب سلفيت ومحاصرتهم فيها.
ومن 9500 دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع) يملكها أهالي قراوة بني حسان، وهم حوالي 7 آلاف نسمة، يصنف الاحتلال 92 % منها مناطق "ج" ويخضعها لسلطته الإدارية والعسكرية، منها نحو 200 دونم تسيطر عليها مستوطنة نتافيم، وتحاصر 6 مستوطنات أخرى القرية التي يرفض الاحتلال توسعة هيكلها التنظيمي البالغ 8650 دونما منذ عام 1993، ويلاحق أي بناء خارجه ويهدمه.
وحسب صحيفة إسرائيل هيوم، ستنطلق قريبا مشاريع التطوير الحضري التي ستشمل تسهيلات كثيرة تقوم على البناء المشبع بدلا من البناء الريفي في المستوطنات، وبالتالي زيادة الوحدات السكنية على الدونم الواحد، وذلك سيتيح زيادة كبيرة في أعداد المستوطنين.
وقالت الصحيفة "إذا كان بكل الضفة الغربية 115 ألف وحدة استيطانية، فهم يخططون في هيئة الاستيطان لبناء 10 آلاف وحدة خلال عام، أي ما يعادل 10 % من حجم البناء بالضفة، وبالتالي مزيد من الاستيطان مع مرور الوقت".
سعيا للمليون مستوطن
ورغم حداثة قرار القائد العسكري الصهيوني بالسماح بالبناء المكثف في المستوطنات، فإن الأمر ليس جديدا، حسب أمير داود مسؤول التوثيق بهيئة الجدار والاستيطان الفلسطينية (جهة رسمية)؛ فالبناء المكثف يمارسه الكيان على أرض الواقع فعلا، "ومعظم عطاءات البناء الاستيطاني في عام 2024 كانت بناء مكثفا".
وتكمن خطورة البناء المكثف أو المشبع، برأي داود، في أمور كثيرة، أهمها تسهيل إنشاء بنايات كبرى، إضافة للزيادة الديمغرافية للمستوطنين واستجلاب أكبر عدد منهم، في خطة تهدف لتوطين مليون مستوطن بالضفة الغربية، وهذا ما يفسر أيضا شق الطرق الاستيطانية وبشكل كثيف.
كذلك فإن خطر هذا البناء يكمن في تجاوزه محددات التخطيط المكاني عند المصادقة على المخطط الهيكلي للمستوطنة، ومن ثم زيادة مساحة الأرض المصادرة، وبذلك فهم يعملون على تسريع البناء دون تعقيدات إدارية وتعقيدات التخطيطات المكانية.
وتقدر إحصائيات هيئة الجدار والاستيطان عدد المستوطنين بالضفة الغربية ومدينة القدس بحوالي 780 ألف مستوطن، موزعين في 180 مستوطنة ونحو 240 بؤرة استيطانية تقريبا، ويسيطرون على 5 % من مساحة الضفة الغربية، بينما يسيطر الاحتلال ككل على 42 % من أراضي الضفة تحت مسميات مناطق عسكرية وأراضي دولة وشوارع التفافية وغير ذلك.-(وكالات)
وفي أمر عسكري وقَّعه حديثا آفي بلوط قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، يسمح للمرة الأولى بالتجدد الحضري في البناء المكثف أو المشبع (ذي الطبقات) داخل المستوطنات بالضفة الغربية، وذلك يعني زيادة في عدد الوحدات الاستيطانية في المكان الواحد ومن ثم ارتفاع أعداد المستوطنين، وليس البناء المنفرد الذي يمتد على مساحة واسعة وبعدد مستوطنين أقل.
ورغم أن القرار الصهيوني يعدّ جديدا لجهة السماح "بالاستيطان المكثف"، فإن العمل به سار من قبل صدوره، كما هو الحال في مستوطنة "نتافيم" وغيرها من مستوطنات الضفة الغربية.
يشعر الفلسطيني فوزي ريان (53 عاما) بحسرة كبيرة كلما نظر صوب أرض "الطيارات" الخاصة به وأراضي "أبو زوير" و"خلة أبو حديد" التي يعرفها باسمها القديم وتعود لأهالي قريته حيث تجثم مستوطنة "نتافيم"، ويشيح بوجهه كي لا يزداد قهرا بفعل عجلة البناء المتسارعة.
وذلك في حين يلاحق جيش الاحتلال والمستوطنون كل عملية تجريف أو بناء في بلدته، ويعتدون على المواطنين ويصادرون معداتهم.
يروي ريان كيف عايش "أول إسفين"، حسب وصفه، دقّ بمستوطنة "نتافيم" عام 1978 عندما نشطت حركة الاستيطان بشمال الضفة الغربية آنذاك.
ويذكر حال المستوطنة وعمليات التوسع المتواصل بالبناء الطبقي، بينما يحرم وعائلته التي تعدّ 50 نفرا من الوصول إلى أرضهم وإعمارها رغم تحصيلهم قرارات من المحاكم الصهيونية تثبت ملكيتهم لها وأحقيتهم بالتصرف بها.
وعلى مرأى من أصحاب الأرض، انتقل المستوطنون من البناء المنفرد الباهظ الثمن إلى البنايات الطبقية المتعددة الوحدات السكنية في مستوطنة "نتافيم"، وأقيمت حوالي 6 بنايات حتى الآن منذ أن بدأ الاحتلال بتشييدها عام 2019، حسب إبراهيم عاصي رئيس بلدية قراوة بني حسان.
ويقول عاصي "في عام 2019 طالب المستوطنون بتوسيع المخطط الهيكلي لمستوطنتهم، لكنهم باشروا وما يزالون مستمرين بالبناء قبل الحصول على أي رد أو إذن من المحاكم، ولم تتعاط سلطات الاحتلال بالمقابل مع أي اعتراضات تقدم بها أصحاب الأرض رفضا للبناء الاستيطاني".
مخاطر تهدد الفلسطينيين
وهذا، وفق عاصي، من "أخطر" عمليات الاستيطان، كونه يصادر الأرض ويباشر بالبناء فوقها، كما يضاعف عدد المستوطنين ويكثف وجودهم بشكل كبير، وبالتالي النزول عند رغباتهم في المستقبل بضرورة التوسع وسلب مزيد من الأرض الفلسطينية لتغطية هذه الكثافة.
ويوفر الاستيطان المكثف على المستوطنين تكاليف البناء المستقل الباهظة التي وصلت، حسب عاصي، داخل "نتافيم" إلى مليون ونصف المليون شيكل للمنزل الواحد (حوالي 420 ألف دولار أميركي)، كما يجعلهم قريبين من بعضهم ومحصنين داخل أبنيتهم من أي خطر.
وعلى الأرض، سيعمل البناء الجديد المكثف في "نتافيم" على ربطها بالمستوطنات المحيطة وخاصة مستوطنة بركان بشقيها الصناعي والسكاني وقطع الطريق على 40 ألف فلسطيني يقطنون قرى غرب سلفيت ومحاصرتهم فيها.
ومن 9500 دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع) يملكها أهالي قراوة بني حسان، وهم حوالي 7 آلاف نسمة، يصنف الاحتلال 92 % منها مناطق "ج" ويخضعها لسلطته الإدارية والعسكرية، منها نحو 200 دونم تسيطر عليها مستوطنة نتافيم، وتحاصر 6 مستوطنات أخرى القرية التي يرفض الاحتلال توسعة هيكلها التنظيمي البالغ 8650 دونما منذ عام 1993، ويلاحق أي بناء خارجه ويهدمه.
وحسب صحيفة إسرائيل هيوم، ستنطلق قريبا مشاريع التطوير الحضري التي ستشمل تسهيلات كثيرة تقوم على البناء المشبع بدلا من البناء الريفي في المستوطنات، وبالتالي زيادة الوحدات السكنية على الدونم الواحد، وذلك سيتيح زيادة كبيرة في أعداد المستوطنين.
وقالت الصحيفة "إذا كان بكل الضفة الغربية 115 ألف وحدة استيطانية، فهم يخططون في هيئة الاستيطان لبناء 10 آلاف وحدة خلال عام، أي ما يعادل 10 % من حجم البناء بالضفة، وبالتالي مزيد من الاستيطان مع مرور الوقت".
سعيا للمليون مستوطن
ورغم حداثة قرار القائد العسكري الصهيوني بالسماح بالبناء المكثف في المستوطنات، فإن الأمر ليس جديدا، حسب أمير داود مسؤول التوثيق بهيئة الجدار والاستيطان الفلسطينية (جهة رسمية)؛ فالبناء المكثف يمارسه الكيان على أرض الواقع فعلا، "ومعظم عطاءات البناء الاستيطاني في عام 2024 كانت بناء مكثفا".
وتكمن خطورة البناء المكثف أو المشبع، برأي داود، في أمور كثيرة، أهمها تسهيل إنشاء بنايات كبرى، إضافة للزيادة الديمغرافية للمستوطنين واستجلاب أكبر عدد منهم، في خطة تهدف لتوطين مليون مستوطن بالضفة الغربية، وهذا ما يفسر أيضا شق الطرق الاستيطانية وبشكل كثيف.
كذلك فإن خطر هذا البناء يكمن في تجاوزه محددات التخطيط المكاني عند المصادقة على المخطط الهيكلي للمستوطنة، ومن ثم زيادة مساحة الأرض المصادرة، وبذلك فهم يعملون على تسريع البناء دون تعقيدات إدارية وتعقيدات التخطيطات المكانية.
وتقدر إحصائيات هيئة الجدار والاستيطان عدد المستوطنين بالضفة الغربية ومدينة القدس بحوالي 780 ألف مستوطن، موزعين في 180 مستوطنة ونحو 240 بؤرة استيطانية تقريبا، ويسيطرون على 5 % من مساحة الضفة الغربية، بينما يسيطر الاحتلال ككل على 42 % من أراضي الضفة تحت مسميات مناطق عسكرية وأراضي دولة وشوارع التفافية وغير ذلك.-(وكالات)
0 تعليق