من خلال الهوية والعلاقة مع الآخر، فالتعريف بالذات ها هُنا لا يتم من خلال الذات وحدها أو من خلال معرفتها الذاتية فقط، بل من خلال تفاعلها مع كائن آخر.
هي تشير إلى أن الهوية الإنسانية لا تتشكل من الفراغ، بل من خلال تعاطيها ومحاكاتها مع العالم من حولنا.
جدير بالذكر أن الكلب "أجلكم الله" لا ينظر له ككائن تابع أو أليف فحسب، بل يُرى ككائن يمتلك غريزة فطرية تمنحه قدرة خاصة حتى لا نقول خارقة على "معرفة" صاحبه بصدق وبشكل مباشر، بعيدا عن التدخل العقلي أو التحليل المعقد.
العلاقة بين الإنسان والحيوان من هنا تجسد نوعا من الفهم العميق، والذي يتجاوز الكلمات والمفاهيم المجردة، حيث يكون التفاعل قوامه الطمأنينة والتفاهم الغريزي "الضمني" في صورة من الارتباط غير المشروط واللاإرادي الذي يعكس جوهر الوجود ذاته.
العلاقات الإنسانية والحيوانية تملك قدرة فائقة على تكوين ذواتنا، وهو ما يعكس بالضرورة عمق العلاقات التي تؤثر فينا وإن كان بشكل غير مباشر، وفي هذا الوارد أريد التعريج على مفردات الروائية "جير ترود": أنا أنا لأن كلبتي تعرفني.
نختم بالقول: من خلال هذه الفكرة، يتضح أن وجودنا ليس محدودا وماديا بتصورات عقلية باردة أو ربما تأملات فلسفية جافة، بل هو رحلة مستمرة تتبلور تفاصيلها من خلال التفاعل اليومي والعلاقات العميقة التي ننسجها مع العالم من حولنا.
إلى ذلك فهويتنا لا تُبنى في غياهب الفكر المجرد، بل تنمو وتكتمل في لحظات التواصل الحي والمباشر مع الأشخاص والكائنات، وهي التي تشاركنا اللحظة تلو اللحظة وتُخبرنا دون أن تنبس بكلمة: من نحن؟
0 تعليق