دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— لم تكن بلدة "كيلكوي" الصغيرة في أستراليا الموقع الأول، ولا حتى الأحدث، لمصادفة مخلوق "يووي" (Yowie).
رغم ذلك، وعلى مدى عقود، انتصبت نسخة طبق الأصل من الوحش الضخم كثيف الشعر فوق منصة وسط البلدة.
وهذا نُصُب تذكاري لمواجهة مذهلة حدثت قبل حوالي 45 عامًا، وصفها توني سولانو بلقاء لن ينساه أبدًا.
وقال سولانو الذي لم يتحدث عن تفاصيل ما حدث مدة 20 عامًا: "حتى يومنا هذا، ما زلت مقتنعًا حتّى الممات".
ويبلغ عدد سكان "كيلكوي" ألفي شخص فقط، وكان عددهم أقل في 28 ديسمبر/ كانون الأول من العام 1979، عندما رصد سولانو وصديق له، كانا يبلغان من العمر 16 عامًا آنذاك، شيئًا مخيفًا وغير قابل للتفسير تقريبًا في الغابة.
لم يعرفا ما كان آنذاك، لكن أصبح الحادث بمثابة جزء من الفولكلور، وعامل جذب للسيّاح إلى المجتمع الريفي الصغير الذي يبعُد ساعة واحدة شمال بريسبان بولاية كوينزلاند.
وقال سولانو إنّه وصديقه كان بحوزتهما مسدسين أثناء رحلة تخييم في ملكية خاصة قريبة من "ساندي كريك"، وشرح: "كنا نأمل بمطاردة بعض الخنازير".
وأصبحت ذكريات سولانو أقل وضوحًا من السابق، لكنه أكّد أنّه لن ينسى قط أصوات كسر الأغصان، والرعب الذي اجتاح جسده عندما أطلق صديقه النار على وحش يبلغ ارتفاعه مترين إلى ثلاثة أمتار في الشجيرات القريبة.
وعاد الصديقان بعد أيام عدة مع مدرس علم الأحياء لصنع قالب من الجبس لبصمة قدمه الضخمة ووقفوا لالتقاط صورة معه للصحيفة المحلية.
وأُصيبت البلدة بالجنون.
وبعد فترة وجيزة، تم وضع وسم "يووي" التجاري على كل شيء، من الملاعق إلى القمصان، وخلال سنة، حصلت البلدة على أول تمثال منحوت للمخلوق صُنِع من جذع شجرة واحدة وُضِعت على قاعدة في وسط المدينة.
وبدأ التمثال الأصلي في التعفن فاستُبدل بنسخة خشبية أخرى عانت من الأمر ذاته، ما شجع على صنع نسخة من الألياف الزجاجية.
لكن في مارس/ آذار من عام 2022، اختفى التمثال رُغم تثبيته بشكل آمن على القاعدة.
صور ضبابية
تختلف التفاصيل، لكن يوصف مخلوق "يووي" بأنه أطول من رجل عادي بكثير، ومغطّى بالشعر، وذو رائحة كريهة تشبه كلبًا مبللًا واللحم المتعفن.
وتُعرف المخلوقات الشبيهة به باسم "بيغ فوت" (ذو القدم الكبيرة) في الولايات المتحدة، و"ساسكواتش" في كندا، و"هيباغون" في اليابان، و"ييرين" في الصين، و"ييتي" في جبال الهيمالايا.
ويعتقد البعض أن مخلوق "يووي" قادر على التنقّل بين الأبعاد، لهذا السبب لم يتم العثور على بقاياه أبدًا.
لكن صياد "يووي" الأول في أستراليا، دين هاريسون، يشك في ذلك، وشرح: "إنّهم يعتنون بموتاهم".
ويدير هاريسون مؤسسة "Australian Yowie Research"، وهي قاعدة بيانات تسجل مشاهدات هذا المخلوق في جميع أنحاء البلاد.
وكان أول لقاء لهاريسون مع هذا الكائن قبل 30 عامًا، عندما كان يقطن منزلًا محاطًا بالأشجار جنوب شرق كوينزلاند، لكنه سمعه فقط.
وكان اللقاء التالي في عام 1997، عندما طارده أحد هذه المخلوقات عبر حقل في بلدة "أورمو".
ورآه هاريسون هذه المرة، وقال إنّه "يشبه دبًا وأسدًا.. وكان ضخمًا".
وتبع ذلك لقاء أقرب في عام 2009، عندما قال هاريسون إنه تعرّض لـ"ضربة في صدره من أحدهم".
لكن بعد سنوات، أخذ هاريسون وفريقه معدات التصوير الحراري إلى سلاسل الجبال في حديقة "داغيلار" الوطنية شمال بريسبان، والتقطوا بالكاميرا ما زعموا أنّه اثنين من الـ"يووي".
بعض الشكوك
عاش جون ماكولاي البالغ من العمر 83 عامًا، وهو سمسار بورصة سابق، ومربي ماشية متقاعد، في "كيلكوي" أغلب حياته.
ومع أنّه لم يرَ مخلوق "يووي" قط، إلا أنّه أصبح خبيرًا محليًا في شؤونه، وفي مرحلة من حياته، قام بإلقاء محاضرات أمام حافلات مليئة بالسيّاح، لكنه يتلقى طلبات أقل للقيام بذلك في هذه الأيام.
وهو غير مقتنع بوجود هذه المخلوقات. لكن من ناحية أخرى، ربما تكون موجودة.
صيّاد منبوذ
تصدّر خبر رصد مخلوق "يووي" العناوين في عام 1979، لكنّ أسطورة هذا الكائن في "كيلكوي" تعود إلى قديم الزمان.
وقبل أكثر من عقد من رصده في العام 1979، روى العم ويلي ماكنزي، أحد شيوخ السكان الأصليين، والمعروف لدى شعب "جينيبارا" باسم "جايرابو"، قصة "يووي" إلى ليندسي وينتربوثام، وهي طبيبة مهتمة بعلم الأنثروبولوجيا أرادت العمل على تسجيلات صوتية للثقافة الأصلية.
وفي القصة، قيل إنّ "يووي" كان صيادًا مشهورًا اصطاد الكثير من الفرائس لشعب "جينيبارا" الذين أهدوه عباءة سوداء من جلد حيوان أبسوم. ولكنه أصبح منبوذًا بعد اختطافه امرأة جميلة من شعب "جينيبارا" كان مقرّرًا أن تكون مع رجل آخر.
وعندما رفض "ييوي" مطالبات إعادتها، غنى الشيوخ أغنية حكمت عليه بالعيش إلى الأبد كمخلوق كبير كثيف الشعر يتجول في أراضي "جينيبارا" حول ما يُعرف الآن ببلدة "كيلكوي".
العودة إلى المنصة
استغرق الأمر شهورًا قبل عودة تمثال "يووي" إلى منصته.
وتم إصلاح التمثال على يد مدير شركة النحت "Natureworks"، ديفيد جوف، الذي كرس حياته لإنشاء منحوتات واقعية للحياة البرية الضخمة.
وقال جوف لـ CNN، إنّ المجلس اتصل به لأول مرة في عام 2018، بغية استبدال "يووي" الخشبي، ومن ثمّ لإصلاحه عندما أُلقي في البحيرة.
وتم ربطه بشكل أكثر أمانًا بالقاعدة لمنع أي سلوكيات أخرى.
وعلى مسافة ليست بعيدة في مركز المعلومات، يتم الاحتفاظ برأس تمثال "يووي" الأصلي في صندوق زجاجي ليتمكن الزوار من التمعن فيه.
0 تعليق