حمدي عبدالعزيز
المملكة الأولى عالمياً في قلة انحسار الغطاء النباتي والثانية عربياً بالأداء اللوجستي
الاقتصاد الأزرق يشمل صناعة الأسماك والموانئ والسياحة البحرية
تعدد مبادرات حماية البيئة البحرية والساحلية وثرواتها في البحرين
الصناعات البحرية تضخ 2.5 تريليون دولار سنوياً في الاقتصاد العالمي
مساهمة المحيطات والبحار ستزيد إلى 3 تريليونات دولار عام 2030
«الفاو» أطلقت «مبادرة النمو الأزرق» لمساعدة الدول على النهج الجديد
الاقتصاد الأزرق لا ينجح إلا في «المدينة الذكية مناخياً والمستدامة»
الاقتصاد الأزرق يشمل صناعة الأسماك والموانئ والسياحة البحرية
البحرين والسعودية والإمارات، تتصدر دول العالم في مجال قلة انحسار الغطاء النباتي وخدمات النظام البيئي، هذا ما كشفه المركز الإحصائي الخليجي، بجانب إحصاءات أخرى بينها ارتقاء مملكة البحرين للمركز الـ 2 عربياً والـ 10 عالمياً في المؤشر الفرعي الخاص بالتوقيت ضمن مؤشر الأداء اللوجستي عام 2023.
وهكذا تكشف هذه المؤشرات جهود مملكة البحرين في استدامة البيئة وتعزيز مقومات الاقتصاد الأزرق، الذي يعزز نمو الاقتصاد، من خلال المحافظة على مستويات المعيشة وتحسينها، والاستخدام المستدام للموارد البحرية.
ويشمل الاقتصاد الأزرق الأنشطة الإنتاجية الغذائية والصناعية والسياحية المرتبطة بالبحر، عبر توفير التمويل لمشاريع 5 قطاعات، هي: المأكولات البحرية، الشحن، الموانئ، السياحة الساحلية والبحرية، والطاقة البحرية المتجددة.
وأطلقت “منظمة الأغذية والزراعة” التابعة للأمم المتحدة «الفاو FAO»، ما بات يعرف بـ«مبادرة النمو الأزرق»، وسعت ولا تزال من أجل دعم التحول إلى هذا النهج الجديد، ومساعدة الدول والحكومات في وضع وتنفيذ سياسات تعزز مفهوم الاقتصاد الأزرق.
وتحظى البيئة البحرية والساحلية في مملكة البحرين باهتمام كبير، حيث تعددت المبادرات لحماية البيئة وثرواتها، والاستخدام المستدام للموارد البحرية، إضافة إلى تحسين التنوع البيولوجي. وتعمل المملكة على تعزيز منظومة الاقتصاد الأزرق، بمبادرات لا تتوقف، خصوصاً في قطاعات: الأسماك، الموانئ، السياحة الساحلية والبحرية، الشحن، بما يدعم جهود النمو الاقتصادي، وحماية البيئة البحرية، وضمان استدامة مواردها وتنوعها البيولوجي.
وجاءت مملكة البحرين في المركز الثاني عربياً والعاشر عالمياً في المؤشر الفرعي الخاص بالتوقيت ضمن مؤشر الأداء اللوجستي عام 2023، لما تتميز به المملكة من إمكانية الوصول السريع إلى السوق الخليجية وباقي أسواق المنطقة والعالم، وهو ما يعكس ما تمتلكه من بنية تحتية لوجستية متقدمة.
كما حلت المملكة ضمن مؤشر الأداء البيئي لجامعة ييل لعام 2022، في المركز الثالث على مستوى الشرق الأوسط والأولى خليجياً، في تحقيق التخفيف من أجل المناخ، بنسبة تغيير 8.8% في حيوية النظام البيئي خلالالـ 10 أعوام ما بين 2012 – 2022، وكشف المركز الإحصائي الخليجي أن البحرين والسعودية والإمارات، تصدرت المركز الأول على مستوى العالم في مجال قلة انحسار الغطاء النباتي وخدمات النظام البيئي.
ويذكر تقرير البنك الدولي «الاقتصاد الأزرق: تعزيز الفرص للدول الجزرية» مايو 2024، أن «الصناعات الساحلية والبحرية تضخ 2.5 تريليون دولار سنوياً في الاقتصاد العالمي»، ويساند البنك الدول الجزرية في أنحاء العالم لتطوير اقتصادات زرقاء مستدامة بهدف التكيف مع تغير المناخ، وخلق فرص العمل، وتعزيز الاقتصادات، وتحسين جودة الحياة.
ويتوقع أن تزداد مساهمة المحيطات والبحار إلى 3 تريليونات دولار بحلول عام 2030، منوهاً بأن 90% من البضائع الدولية يتم نقلها عن طريق البحار، وعادة ما يستخدم الوقود الأحفوري في تسيير عمليات الشحن البحري، ما يستوجب الحد من انبعاثات هذا القطاع في ظل توقعات بزيادة هذه العمليات بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول 2050.
وأكد خبراء في البيئة والاقتصاد الأزرق لـ»الوطن» أن جوهر هذا النوع من الاقتصاد يكمن في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع الحفاظ على البيئة وصحة الإنسان والأمن الغذائي وخلق سبل العيش المستدامة، مضيفين أن «أحد أكبر التحديات التي يواجهها رواد الأعمال هي الحصول على التمويل، فأنت تريد التوسع، وإعطاء الفرص للآخرين، وللشباب، لكنك لا تملك الموارد اللازمة للتوسع» وهذا يفرض التفكير من جانب البنوك البحرينية في دراسة هذا النشاط التمويلي الجديد أو ما يعرف بـ«السندات الزرقاء».
ولا ينجح الاقتصاد الأزرق إلا في «المدينة الذكية مناخياً والمستدامة»، وهو مفهوم أصبح متداولاً وهدفاً لكثير من الحكومات الساعية إلى تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة، خصوصاً بعد أن فرض التطور العمراني والوتيرة السريعة للتوسع الحضري وتغير المناخ وزيادة الطلب على الموارد، ضغوطاً كبيرة على البنية الحضرية والأنظمة البيئية. والمدينة الذكية مناخياً ليست مستدامة فقط بل وقادرة على الصمود أمام التحديات المستقبلية المتغيرة أيضاً، من خلال تحسين استخدام الموارد، والحد من التلوث، وتحسين الخدمات العامة، فضلاً عن تعزيز نوعية الحياة للجميع.
ولا يقتصر بناء المدن الذكية المستدامة على التكنولوجيا وحسب، فالأمر يتعلق كذلك بوضع رؤية مشتركة للمستقبل، تمزج بين استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبين كفاءة العمليات والخدمات الحضرية، والقدرة على المنافسة، إلى جانب تلبية احتياجات الأجيال الحالية والقادمة فيما يتعلق بجوانب الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.
والسؤال المطروح هو: هل بالإمكان أن تتحول البحرين إلى مدينة ذكية مناخياً ومستدامة؟ وترتبط الإجابة بتحول كافة القطاعات الاقتصادية إلى «الاقتصاد الأخضر»، وهو ما بدأته الخطط الوطنية لمملكة البحرين بالفعل وصولاً إلى الحياد الكربوني عام 2061م، حيث رسمت مملكة البحرين خطة متكاملة لتنفيذ التزاماتها الرامية إلى خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 30% بحلول العام 2035، والوصول للحياد الكربوني عام 2060، واعتمدت سلسلة من المبادرات الوطنية، ومن ضمنها إطلاق خطة العمل الوطنية لتحقيق الحياد الكربوني «BluePrint Bahrain»، وخطة التشجير لمملكة البحرين والتي تهدف إلى زراعة 3.6 مليون شجرة، إلى جانب إطلاق أسبوع الشجرة وإقراره كمناسبة سنوية في الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر من كل عام، والعديد من المبادرات التي تحظى بمتابعة مستمرة على كافة المستويات.
وأضاف الخبراء أن الاقتصاد الأزرق يوفر فرصاً هائلة للنمو في البحرين، من خلال تحفيز وتطوير السياسات والاستثمار والابتكار، وهذا ما يفسر قيام الحكومة الموقرة ممثلة بالمجلس الأعلى للبيئة بالعمل، بالتعاون والتنسيق مع مجلس النواب، على حزمة من المبادرات، كما يعمل المجلس على بلورة مشروع للاقتصاد الأزرق بالتعاون مع صندوق المناخ الأخضر «Green Climate Fund».
وشددوا على أن البحرين تتمتع بإمكانات هائلة في الاقتصاد الأزرق بفضل موقعها كدولة جزرية وغنية بالموارد المائية، وموقعها الاستراتيجي كمركز للشحن البحري والخدمات اللوجستية، ومبادراتها في تطوير الموانئ لتصبح أحد مراكز للتجارة العالمية، وتنمية الثروة السمكية، والسياحة المستدامة.
وطالبوا بتطوير استراتيجية وطنية للاقتصاد الأزرق على غرار المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسائر التجارب الإقليمية والعالمية الناجحة في الاقتصاد الأزرق، مع ضرورة إشراك القطاع البنكي لتوسيع قطاعاته وأدواره في الاقتصاد البحريني.
0 تعليق