دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قبل حوالي 100 عام، وتحديدًا في فناء متحف "نيويس" ببرلين، التقى العالم لأول مرّة مع واحدة من أكثر أيقونات الجمال رسوخًا.. الملكة نفرتيتي.
اكتشف علماء الآثار الألمان تمثالها النصفي من الحجر الجيري المُغطّى بالجصّ، في مصر عام 1912. ورُفع الستار عنه لأول مرّة في العام 1924.
أثار جمال الملكة نفرتيتي إعجاب الجماهير على مدى قرن. وأصبحت ملامحها بمثابة نقطة مرجعية في مجال الموضة والفنون.
وقالت الدكتورة شيريل فينلي، أستاذة تاريخ الفن بكلية "سبيلمان" في أتلانتا، لـCNN: "تمثال نفرتيتي مثالي للغاية.. إنها تتمتع بثقة في النفس.. وهذا حقيقة ما يجذب الانتباه، ثقتها بنفسها ونظراتها بالطبع".
بعد اكتشاف التمثال النصفي في عشرينيات القرن العشرين، أصبحت نفرتيتي إحدى النساء الأكثر شهرة.
وحينها، أدرج مصمّمو الأزياء، مثل الفرنسي بول بواري، الزخارف المصرية في أعمالهم.
وفي العام 1945، صمّمت الأمريكية ليلي داتشي قبعات تحمل لمسة مميزة وخاصة بنفرتيتي.
وبحلول العام 1961، نشرت مجلة "فوغ" مقالًا عن إعجاب العالم المستمر بالملكة.
كما عزّز تصوير إليزابيث تايلور لكليوباترا في عام 1963، هذا الهوس، ما جعل "المظهر المصري" عنصراً أساسياً في دوائر الموضة.
استمر أسلوب نفرتيتي بالتأثير على قطاع الموضة، حتى بعد مرور عقود من اكتشاف التمثال النصفي.
ففي عرض "ديور" لربيع 2004، كشف جون غاليانو عن تصاميم تضمنت قبعات نفرتيتي الطويلة.
وفي العام 2015، أطلق كريستيان لوبوتان مجموعة أحمر شفاه مستلهمة من الزوجة الملكية، حيث تضمنت قوارير ذهبية وسوداء مُزيّنة بتيجان.
وفي العصر الحديث، لا تزال أهمية نفرتيتي كأيقونة ثقافية، قوية.
يُعيد المؤثرون، عبر تطبيقي "تيك توك" و"إنستغرام"، إنشاء إطلالات الملكة عبر حصص تعليمية.
وتُلهم بدورها تصاميم عناصر متنوعة، مثل:
القمصان، والأكواب المنتجة بكميات كبيرة، والفساتين التي يبلغ سعرها 14 ألف دولار، والعطور الراقية.كما يُسمّي الجرّاحون تقنياتهم التجميلية باسم الملكة، مثل تقنية "Nefertiti Lift"، وهي عبارة عن إجراء غير جراحي لتحديد خط الفك باستخدام البوتوكس.
وأوضحت فينلي: "يتجاوز تمثال نفرتيتي الزمن.. كما يُمكّن الناس من استمداد قوّتهم منه".
ورغم أنّها واحدة من أكثر الشخصيات شهرة في التاريخ القديم، إلّا أن جزءًا كبيرًا من حياتها لا يزال غامضًا.
وبصفتها زوجة الملك أخناتون، لعبت نفرتيتي دورًا رئيسيًا في السياسة المصرية. وقاد الزوجان معًا ثورة دينية تدعو للتخلّي عن التعدّدية، وتعزيز عبادة إله الشمس "آتون".
لكن، بعد مرور 12 عامًا على حكم أخناتون، اختفت الملكة من السجلات التاريخية، ما أدى إلى نظريات لا حصر لها حول مصيرها.
رمز للقوة
اعتُبرت نفرتيتي كرمز للقوة في ثقافة الأفراد ذوي البشرة الداكنة.
على سبيل المثال، جسّدت الفنانة ريانا، وهي تحمل وشم نفرتيتي على قفصها الصدري، الملكة في جلسة تصوير لغلاف مجلة "فوغ" العربية عام 2017.
كما قامت بيونسيه بتقليد إطلالة نفرتيتي في مقطع الفيديو الموسيقي الخاص بها "Sorry" للعام 2016.
تجاوز ذكرى الزوجة الملكية الاتجاهات السائدة، فهي تساعد على تشكيل نظرة الناس لأنفسهم.
وقالت الدكتورة إلكا ستيفنز، الأستاذة المساعدة للثقافة البصرية وفن الاستوديو في جامعة هوارد بواشنطن العاصمة: "إنها تُغيّر الطريقة التي نتعامل بها مع بعضنا عندما نعلم بوجود هذا التاريخ المشترك".
ولعل الأهم من ذلك يتمثّل بأنّ صورة نفرتيتي تعتبر خاصة للغاية بالنسبة للعديد من الأشخاص.
وأضافت: "أرى عائلتي عندما أنظر إليها، وأستطيع أن أرى عائلتك.. لذلك، سنظل نتغنى بحكايات جمالها حتى نهاية الزمن.. إنها لن تذهب إلى أي مكان، بل ستعيش من خلال كل واحد منا، وهذا هو الأمر الأكثر إثارة".
0 تعليق