الولايات المتحدة تتخذ نهجًا جديدًا يركز على الجنوب الليبى ويهدف بشكل مباشر لتقليص النفوذ الروسى المتزايد فى إفريقيا، وتسعى للسيطرة على المنطقة وتسوق نفسها كقوة إقليمية مؤثرة، هذه الكلمات نشرناها ضمن مقال بعنوان «روسيا تحذر مواطنيها من السفر إلى ليبيا».. ماذا وراء القرار؟ بتاريخ 14 ديسمبر 2024، لكن السؤال الآن: من يشعل نيران الاقتتال فى البلد المجاور؟
قبل أيام أكدت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» نقل روسيا أسلحتها فى سوريا إلى ليبيا، وهو ما أثار تحفز الأمريكان ومخاوفهم من احتمالية تصعيد عسكرى بين موسكو و«الناتو»، بمساندة ومعاونة «فاجنر» فى الجزء الشرقى من ليبيا، والذى أصبح نقطة لسيطرة الروس فى الوقت الذى تسيطر فيه قوات المشير خليفة حفتر على المناطق الشرقية والجنوبية من البلاد.
الدب الروسى يسعى بكل جهده للسيطرة على موانئ مطلة على البحر المتوسط، وكذلك السيطرة على حركة المهاجرين غير الشرعيين القادمين من جنوب القارة، وهو ما قد يعطل الممرات البحرية أمام «الناتو».
الآن وفى أواخر 2024 وبداية العام الجديد، فإن روسيا تواجه تقليصًا لنفوذها خاصة بعد سقوط الأسد فى سوريا، وهو ما يدفعها لزيادته فى ليبيا لتكون نقطة انطلاق لتعويض جزء من السيطرة المفقودة، خاصة أن وجود موسكو هناك يشكل تهديدًا كبيرًا لقوات «الناتو»، بالإضافة لقوات المشير حفتر المسيطرة على المناطق الشرقية والجنوبية، وهو ما قد يشعل فتيل التوتر والصراع.
الصراع الجديد الذى سيشتعل فى ليبيا- إن حدث- سيكون بين روسيا وقوات حلف الناتو، فما حدث وما زال فى الشرق الأوسط يكشف عن تغيرات عديدة فى المنطقة، وروسيا تسعى بكل ثقلها لتتمركز فى مناطق تحقق لها نفوذها وسيطرتها وتفوقها على أوروبا والولايات المتحدة، خاصة فى إفريقيا، فى الوقت الذى يتغير فيه ميزان المنتصر فى الحرب مع أوكرانيا إلى روسيا.
النفوذ الروسى فى إفريقيا لم يكن وليد اليوم، بل هو نتيجة لما حدث بداخل الاتحاد الأوروبى وخروج بريطانيا منه، وانشغال دول الاتحاد بالصراعات الداخلية، هنا تمكنت موسكو من توسيع نفوذها وقدمت استثمارات ضخمة وقروضًا ودعمًا فى مجالات مختلفة للقارة السمراء.
التخوف الروسى المقبل هو وجود الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب فى البيت الأبيض، فى هذا الوقت قد يسعى ترامب لضرب المخططات الروسية فى المتوسط، وتضييق الخناق على موسكو لمنع تمدد نفوذها الذى سيشكل خطرًا على مصالح واشنطن.
وفى الحقيقة، فإن العالم يشهد تحركات وتحولات عسكرية واستراتيجية تؤثر على الشرق الأوسط بشكل مباشر، فالتطور الذى حدث فى سوريا قد يدفع بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين لعقد صفقة مع نظيره الأمريكى ترامب، ودول أخرى لها نفوذ فى الأراضى الليبية.
وما قد يشعل الأوضاع فى ليبيا ليس الصراع بين الاتحاد الأوروبى وروسيا فقط، لكنه ممتد مع واشنطن على أماكن نفوذها هناك، وعلى دول إقليمية تتحرك بأساليب غير مباشرة.
0 تعليق