"الشهيد ظافر المصري: الحاضر الغائب".. محطات حياتية وتاريخية

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان- تقول الباحثة الدكتورة فيحاء عبد الهادي في مقدمة كتاب ""الشهيد ظافر المصري: الحاضر الغائب"، الذي صدر ضمن برنامج "التاريخ الشفوي": "إن العلاقة بين رئيس بلدية نابلس بسام الشكعة ونائب الرئيس ظافر المصري كانت علاقة متينة وقوية ومتكاملة، حيث عملا معا يدا واحدة لخدمة مدينة نابلس التي كانت تعاني من الاحتلال البغيض، الذي كان له تأثير سلبي كبير على البنية التحتية للمدينة".اضافة اعلان
وتضيف الباحثة عبد الهادي، أن الهيئة الإدارية المنتخبة التي كانت تدير بلدية نابلس عملت على تحسين خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، مما ساهم في تقوية البنية التحتية للمدينة، بما في ذلك المصارف الصحية وشبكتي المياه والكهرباء.
ويتناول الكتاب الذي اعتمد على مقابلات أجرتها باحثات من مركز "الرواة للدراسات والأبحاث"، على حياة الشهيد ظافر المصري في مراحل عدة، بدءا من "مرحلتي الطفولة والشباب"، مرورا بـ"الدراسة الجامعية"، وصولا إلى "صفات ظافر الشخصية". كما يسلط الضوء على "موقفه من المرأة"، و"نشاطه في العمل العام"، إضافة إلى "مسيرته المهنية في نابلس"، و"مشاركته في العمل السياسي". ويتطرق الكتاب أيضًا إلى "دوره في غرفة تجارة وصناعة نابلس" و"بلدية نابلس"، وينتهي بموقف "استشهاد ظافر".
في تمهيد الكتاب، يطرح سؤال مهم: لماذا نكتب عن الشهيد ظافر المصري؟ ولماذا نوثق مسيرة حياته عبر منهج التاريخ الشفوي؟ هل هو الاهتمام بتسليط الضوء على مسيرة شخصيات فلسطينية تركت بصمة متميزة في مجالات السياسة أو الاقتصاد أو المجتمع أو الثقافة الفلسطينية؟ أم هو الوفاء لما قدمه الشهيد لبلده ووطنه وعائلته من خدمات جليلة تستحق التوثيق؟ أو ربما هو الإنصاف لشخص فلسطيني استثنائي، وعروبي أصيل، اغتيل ظلما؟
يشير التمهيد إلى أن جميع هذه العوامل اجتمعت لتحفيز مؤسسة الشهيد ظافر المصري على تكليف مؤسسة الرواة للدراسات والأبحاث لإنجاز دراسة علمية موضوعية حول حياة الشهيد ظافر المصري، باستخدام منهج التاريخ الشفوي.
هذا المنهج العلمي يتيح الإطلالة على أهم سمات الشخصية من خلال شهادات بعض المعاصرين، مما يسهم في بناء تأريخ المرحلة التاريخية، إضافة إلى توثيق تاريخ الشخصية نفسها. كما يوفر منهج التاريخ الشفوي فرصة لمقارنة الروايات المتعددة، وهو ما يساعد على الوصول إلى صورة أدق حول بعض الأحداث والمواقف التي قد تتضارب الروايات بشأنها.
ومن أجل كشف محطات أساسية في مسيرة الشهيد ظافر المصري، نفذت باحثات "مؤسسة الرواة"، ستا وأربعين مقابلة مع مجموعة من الرواة في نابلس وعمان، ممن عايشوا الشهيد. شملت زملاءه الذين درسوا معه في جامعة النجاح الوطنية في نابلس أو في الجامعة الأميركية في بيروت، إضافة إلى بعض أفراد العائلة ومن عملوا معه في غرفة تجارة وصناعة نابلس، أو في بلدية نابلس حين تبوأ منصب نائب رئيس البلدية في الفترة ما بين (1976-1982)، أو عندما ترأس البلدية في الفترة بين كانون الأول 1985 إلى 2/3/1986.
كما شملت المقابلات على من شاركوا المصري في تأسيس جمعية أصدقاء جامعة النجاح العام 1969، أو مؤسسة أصدقاء المريض، أو لجنة الرعاية الطبية في نابلس، أو الجمعية الخيرية لرعاية المؤسسة الصحية لمحافظة نابلس ولواء جنين. كذلك تم التطرق إلى من عملوا معه كأعضاء في اللجنة الاستشارية لجمعية الاتحاد النسائي العربي في نابلس، التي ترأسها في العام 1978.
وخلص التمهيد إلى أنه تم إجراء بعض المقابلات مع عينة عشوائية من الرواة في مدينة نابلس، حيث أضافت هذه المقابلات معلومات جديدة لم تكتب من قبل عن أعمال الشهيد ظافر المصري. ولا شك أن قراءة الكتاب ستتأثر بالفترة الزمنية التي عاشها الشهيد، وكذلك بالفترة التي عايشها من شهد على تلك المرحلة. كما ستتصل القراءة بالأحداث السياسية الفلسطينية والإقليمية التي شكلت السياق التاريخي لتلك الفترة.
أما مقدمة الكتاب، فهي تشير إلى أن جميع الشهادات التي تناولت حياة الشهيد ظافر المصري تتفق على أنه كان علما من أعلام مدينة نابلس، وفلسطينيا أصيلا وعروبيا راسخا، وإنسانا متميزا. كما كشفت الشهادات عن صفاته الإنسانية الرائعة مثل: الصدق، الدماثة، سعة الصدر، الهدوء، الثقة بالنفس، الاجتهاد، الوفاء، البر، المرح، الحنان، الكرم، التهذيب، وحبه للموسيقا والقراءة.
كما أبرزت الشهادات: جديته، عقلانيته، ثقافته، اتزانه، حكمته، ذكاءه، تواضعه، إخلاصه، شجاعته، وجرأته. وتظهر أيضا قيادته، وكونه رمزا وطنيا وقيميا. إضافة إلى ذلك، بينت سعة أفقه، إيمانه بالتنوع والتعددية الثقافية، واحترامه للآخرين بغض النظر عن أصلهم أو جنسهم أو دينهم.
ولعب المجلس البلدي في نابلس دورا وطنيا واجتماعيا مميزا، مما جعل سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحاول إنهاء هذا الدور. ولذلك قامت بمحاولة اغتيال رئيس البلدية بسام الشكعة العام 1980، التي فشلت، لكنها أسفرت عن بتر قدميه. وبنهاية العام 1981، وقد عانت نابلس كثيرا جراء هذه الإجراءات، مما دفع أهل المدينة إلى الضغط على نائب رئيس البلدية المنتخب ورئيس الغرفة التجارية المنتخب لقبول منصب رئيس بلدية نابلس.
تشير المقدمة إلى أن ظافر المصري كان مترددا في قبول الموقع، لكنه بعد تأمل عميق في أحوال المدينة التي كانت تتدهور اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، وتتعرض لنهب مقدراتها وفسادها، وتحت إلحاح مواطني نابلس، قرر قبول المنصب. وكان مما دفعه إلى اتخاذ هذه الخطوة كونه منتخبا ونائبا للرئيس. وبناء على ذلك، تم انتداب كامل الهيئة الإدارية لغرفة التجارة والصناعة لإدارة البلدية، وتشكيل مجلس بلدي لمدة سنتين حتى يتم إجراء انتخابات جديدة. لقي هذا الاقتراح استحسانا واسعا من أهالي نابلس وأعضاء الغرفة التجارية، إضافة إلى قوى سياسية عديدة.
قام ظافر المصري بتعريب بلدية نابلس وحمايتها من الانهيار الاقتصادي، وتحريرها من الإدارة العسكرية الإسرائيلية. قبل استلام منصب رئيس البلدية، وهذا ما دفع الناس إلى حمله على الأكتاف. والتهليل له ولأعضاء المجلس البلدي، الذين ساروا ككتلة واحدة من غرفة التجارة والصناعة إلى البلدية لاستلام إدارتها.
وبالتعاون مع أعضاء المجلس البلدي، قدم ظافر المصري العديد من الخدمات الجليلة للمدينة وأهلها. في تلك الفترة، قامت البلدية بفتح شوارع جديدة، وتطوير محطات المياه، وكذلك تحسين شبكة الكهرباء لتغطية احتياجات المدينة والمخيمات والقرى المحيطة. كما قام بشراء مولدات كهربائية لرفع مستوى كفاءة الكهرباء في المدينة، إضافة إلى بناء عدد من المدارس.
انتقلت بلدية نابلس في عهد ظافر المصري نقلة نوعية في المجال التقني، حيث كانت أول بلدية في الضفة الغربية تدخل الحوسبة الإلكترونية. حيث قام الشهيد بشراء عدد من أجهزة الكمبيوتر، التي تم استخدامها في إدارة البلدية. وبفضل هذه التكنولوجيا، أصبحت فواتير المياه والكهرباء تصدر بشكل محوسب. كما اهتم ظافر المصري بتطوير مدينة نابلس بكل الوسائل الممكنة، حيث وضع خططا لتوسعة حدود المدينة، لكن القدر لم يمهله لإتمامها. فاستكمل التوسعة رئيس البلدية اللاحق حافظ طوقان.
وخلصت الباحثة في الكتاب، إلى أن ظافر المصري عمل بشفافية مهنية عالية، وأنشأ كادرا وظيفيا ساعد في تحسين ظروف الموظفين. كما نظم إيرادات البلدية بطريقة مهنية بالاعتماد على نظام "الحوسبة الإلكترونية"، مما ساهم في تحسين الكفاءة الإدارية والمالية للبلدية.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق