ماذا وراء منع السويداء دخول فصائل المعارضة المسلحة؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
السويداء - في الوقت الذي كان فيه سكان السويداء يحتفلون برأس السنة الميلادية، كانت بعض الفصائل المحلية المسلحة تمنع رتلا عسكريا تابعا لإدارة العمليات العسكرية من دخول المحافظة.اضافة اعلان
وقد عاد الرتل أدراجه بلا اشتباك أو مواجهة، مما فتح بابا واسعا لتأويلات خلفية هذا المنع وسببه، وهل لدى السويداء مشروع بديل عن المشروع الوطني الجامع لكل السوريين؟
يرى مهند شهاب الدين، الناشط السياسي والمعتقل سابقا، أن دخول تلك القوات دون التنسيق الكافي بين حكومة تصريف الأعمال وغرفة العمليات المشتركة بالسويداء، والحراك الشعبي ممثلا باللجنة السياسية المنتخبة ديمقراطيا، يُحدث خللا في طريقة تطبيق مبدأ الشراكة الوطنية، ويفتح الباب أمام وقوع تجاوزات ربما يفتعلها فلول النظام السابق لإشعال صدام مسلح "مما قد يوصلنا إلى كارثة حقيقية".
بينما يعتبر عدنان أبو عاصي، الناشط السياسي وعضو حزب الشعب الديمقراطي، أن هذا المنع حدث بفعل التجاذبات والصراعات المحلية بين الفصائل المسلحة "التي لا تدين لمرجعية واحدة ولا تمتثل لقرار واحد، عدا عن أن المركز لم يكن موفقا باختيار التوقيت المناسب لدخول الرتل العسكري أراضي السويداء".
بدوره، يقول شادي خويص من "ملتقى ساحة الكرامة" "كانت هناك مفاجأة بتوقيت دخول القافلة العسكرية القادمة من دمشق الذي حدث في وقت متأخر من ليلة رأس السنة، الأمر الذي جعل الفصائل المسلحة في السويداء ترتاب وتطلب منها العودة، أي أن غياب التنسيق المناسب والتوقيت الخاطئ أعطى هذه الفصائل ذريعة لرفض دخول القوات الحكومية".
وحسب مجيب الصحناوي الناشط السياسي المستقل والمعتقل السابق، أثار توقيت دخول القوات القادمة من دمشق الريبة و"كأنها تدخل خلسة، وكان من الأجدر التنسيق بصورة أفضل مع القوى المحلية في السويداء".
وأضاف "بالمقابل، كانت طريقة تعامل الفصائل المحلية خاطئة حيث إن معظمها تندرج ضمن قوى الأمر الواقع، وهي من مخلفات نظام الاستبداد البائد، وغير مؤتمنة محليا على الأمن وتطبيق القانون باعتبارها أول من خرقه، وبالتالي تخاف من العقاب والمحاسبة".
ويؤكد الناشط شهاب الدين أن لدى العديد من القوى المدنية والسياسية الوطنية في السويداء خطابا سياسيا يريد سورية واحدة، ونظاما جديدا لا يقصي أحدا، لكنه يضيف سببا جديدا للتخوف داخل السويداء من بعض ممارسات حكومة تصريف الأعمال بدمشق، أبرزها طريقة تشكيل وزارة الدفاع، وتعيين شخصيات توصف بأنها "مرتزقة".
وأكد الناشط ضرورة أن تكون للدولة اليد العليا وأن تفرض سلطة القانون، مع الحفاظ على مبدأ الشراكة الوطنية والتنسيق المسبق، ويتابع: "بعيدا عن مبدأ من يحرر يقرر، فإن السويداء جزء لا يتجزأ من مسيرة تحرير سورية من طغمة الفساد والاستبداد".
وأوضح "لأن لنا تجربتنا الخاصة إداريا بين 2014 و2024، فإننا نعتبر أنفسنا شركاء في صناعة القرار وذلك بالاعتماد على دستور 1950، وقانون الإدارة المحلية وتعديلاته التي جرت خلال حكم النظام السابق، وهذا يشعرنا بالمسؤولية تجاه تنظيم وترتيب الشأن الإداري للوطن السوري الذي نريده دولة مواطنة للجميع بعيدا عن تغول السلاح والسلطة".
من جهته، يريد الناشط الصحناوي سورية واحدة أرضا وشعبا، ويرفض أي طروحات أخرى تحمل في طياتها "حالة انفصالية بما تتضمنه من لامركزية إدارية أو فدرالية أو إدارة ذاتية أو غيرها"، لكنه ينتقد اقتراب حكومة تصريف الأعمال من مسائل جوهرية كتعديل المناهج الدراسية.
ويقول: "هناك عدم ارتياح لدى الوطنيين السوريين بصورة عامة، وأحرار السويداء بصورة خاصة، من الإجراءات التي تتخذها الحكومة المؤقتة بهذا الشأن وفرض التربية الإسلامية في الجامعة، وتغيير مصطلحات كثيرة توحي بأن الدولة تتجه نحو أسلمة المجتمع، علما أنها ليست من اختصاصها، ويُفترض بها أن تكون حكومة تسيير أعمال ليس أكثر ريثما تتشكل الحكومة الجديدة وتضع دستورا للبلاد".
أما الناشط أبو عاصي فيرى أن هنالك خصوصية في السويداء تتعلق بطبيعة المجتمع المنفتح للسكان المحليين تجعلهم متوجسين من أي حالة سياسية ناشئة في حكم سورية، و"قادمة من منابت عقائدية متشددة مثل هيئة تحرير الشام، بالإضافة إلى حدوث تدخلات دولية على الصعيد المحلي تميل باتجاه تحفيز مفاهيم الفدرالية واللامركزية".
ويتابع "لكن مجمل القوى الوطنية في السويداء تنظر إلى دمشق على أنها عاصمتها وبوابتها، وعقدت مؤتمرا في 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي تحت شعار "معا لبناء دولة المواطنة، نحو سورية واحدة موحدة، الجميع فيها رابحون".
وأكد أن "هذه القوى لا تساوم على مكانة السويداء بالنسبة لسورية ككل، لكننا نعتب على الحكومة المؤقتة وعلى إدارة العمليات العسكرية أنها لم تتواصل مع القوى السياسية والمدنية في السويداء التي تحمل- في خطابها- المشروع الوطني العام، وهذا التجاهل يُعتبر من نقاط ضعف الأداء العام للإدارة الانتقالية بدمشق".
وهذا ما يذهب إليه خويص ويقول: "لن نرضى أن تكون للسويداء خصوصية في التعامل من قبل السلطة السياسية الناشئة بعد سقوط نظام الأسد، فهي جزء من سورية، ويجب أن تعاملها السلطة مثل باقي المحافظات، مع التحفظ على ممارسات مغلوطة عدة شاهدناها لعناصر إدارة العمليات العسكرية، ونعتبرها شخصية لا تعكس الخط السياسي للإدارة الانتقالية، فسلوكها المنضبط والمطمئن هو ما ينتظره السوريون جميعا".
وأضاف "كنا نتمنى أن يكون هناك إعلان دستوري من قبل الإدارة المؤقتة للبلاد وعدم الاكتفاء بالدعوة لمؤتمر حوار وطني، والغالب في الخطاب السياسي للسويداء يتجه نحو اليقين بسورية موحدة أرضا وشعبا".
وأكد أن "هذا ينفي تهمة اعتماد خطاب يريد انفصالها أو أن تُدار ذاتيا، مما يفرض على الحكومة المؤقتة عدم الاكتفاء بالتواصل مع عدد محدد من المرجعيات الدينية والعسكرية المحلية، وإنما الانفتاح والتحاور مع كامل المشهد السياسي في المحافظة".-(وكالات)
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق