بروحٍ مُتّقدة وعزيمةٍ تتخطّى الحدود والتفاف جمهوره حوله؛ يبدو أنّ منتخبنا الوطنيّ يمضي بثبات نحو تحقيق إنجاز يُرسّخ اسمه في سجلاّت الرياضة الخليجيّة. وليس أدلّ من ذلك ما شهدته بطولة كأس الخليج العربيّ "خليجي 26" الثلاثاء الماضي، عندما انتزع منتخبنا بطاقة التأهّل إلى النهائيّ بعد فوز مستحقّ على شقيقه الكويتيّ بهدفٍ نظيف دوّنه النجم محمّد مرهون، في لقاء احتضنه استاد جابر الأحمد الدولي ليلة رأس السنة 2025، والّتي هبّت بشائرها علينا بسيناريو دراماتيكيّ للأحمر. وعلى الرغم من أنّ منتخبنا واجه ظروفاً صعبة أبرزها خوضه الشوط الثاني بعشرة لاعبين على إثر قرار تحكيميّ قاسٍ؛ إلّا أنّ منتخبنا أظهر روحاً قتاليّة وتركيزاً عالياً وتنظيماً تكتيكيّاً مميّزاً بقيادة المدرّب دراغان، وتجلّت في المباراة قوّة شخصيّة لاعبي منتخبنا، الّذين لم يتأثّروا بنقص العدد، واستمرّوا في شنّ الهجمات والحفاظ على تماسكهم الدفاعيّ أمام هجمات "الأزرق" في أرضه وبين جمهوره العريض الّذي قدّر تعداده بأكثر من خمسين ألف مشجّع.
هذا الإنجاز والنجاح اللافت الّذي حقّقه المنتخب الوطنيّ خلال المباريات الماضية في "خليجي 26"؛ أكّد المكانة الرياضيّة العالية الّتي وصلت إليها مملكة البحرين على المستويات الخليجيّة والعربيّة والدوليّة، والّتي جاءت ثمرة للرعاية الكريمة الّتي تحظى بها الرياضة البحرينيّة من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه اللّه ورعاه، الداعم الأوّل للرياضيّين، والاهتمام والدعم المستمرّ من قبل الحكومة الموقّرة برئاسة صاحب السموّ الملكيّ الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه اللّه، وكذلك الجهود الواضحة لسموّ الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ممثّل جلالة الملك للأعمال الإنسانيّة وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وسموّ الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، النائب الأوّل لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الهيئة العامّة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبيّة البحرينيّة.
التأهّل المستحق لمنتخبنا للنهائيّ والأداء المميّز طيلة مباريات البطولة؛ هو انعكاس حقيقيّ لأجواء العمل الجماعيّ بين اللاعبين والجهازين الفنّيّ والإداريّ، إلى جانب جهود الاتّحاد البحرينيّ لكرة القدم في تهيئة الأجواء المثاليّة للمنتخب من الناحية اللوجستيّة والفنّيّة، وبشهادة المحلّلين والنقّاد الرياضيّين، في مختلف القنوات الرياضيّة، الّذين أثنوا على الأداء البطوليّ لأفراد المنتخب البحرينيّ طيلة فترة البطولة؛ مؤكّدين أنّ هذه الروح الإيجابيّة والأداء المنظّم يضعان الفريق عن جدارة واستحقاق في مصافّ المنتخبات المرشّحة لحصد اللقب الخليجيّ للمرّة الثانية في تاريخه، بعدما حقّق اللقب الأوّل في "خليجي 24".
كما لا ننسى الدور الكبير الّذي لعبته جماهيرنا البحرينيّة الوفيّة، والّذي يوازي في أهمّيّته الأداء على أرض الملعب؛ فعلى الرغم من تفوّق الجمهور الكويتيّ في عدد الحاضرين؛ إلّا أنّ أصوات مشجّعي منتخبنا لم تهدأ، ووقفت خلف فريقها بإخلاص، مؤمنةً بحظوظه وطامحةً إلى لحظة رفع الكأس مجدّداً. وكلّنا يحدونا الأمل بأن يستمرّ المنتخب بالعطاء نفسه في المباراة النهائيّة المرتقبة غداً أمام المنتخب العمانيّ الشقيق؛ سعياً لتحقيق اللقب الخليجيّ للمرّة الثانية.
لاشكّ في أنّ منتخبنا الوطنيّ، بعزيمته القويّة والتفاف جمهوره حوله؛ سيكون غداً أمام اختبار جديد للإرادة والالتزام؛ لحظة منتظرة تدفع اللاعبين إلى بذل الغالي والنفيس لمواصلة ملحمتهم البطوليّة وكتابة التاريخ وإسعاد جماهيرهم المتعطّشة للإنجازات. في ليلة النهائيّ، حين تصطفّ الأقدام على المستطيل الأخضر؛ لتكُن هتافات البحرين حاضرة، ولتخفق القلوب بأمل، وتتوهّج العيون بعزم. البطولة تكتب في سطور التاريخ بروحٍ تتحدّى كلّ المعوّقات، فلتُكملوا فصول القصّة يا أبطال الأحمر بتتويجٍ جديد يُخلد فرحة وطن يعشق المجد، ويؤمن دائماً بأنّ "المستحيل" ليس بحرينيّاً.. وفّقكم اللّه.
0 تعليق