د. وائل كامل يكتب: "التوصيف الوظيفي في الجامعات المصرية والشفافية: الطريق إلى تحسين الأداء أم عقبة أمام التقدم؟"

كشكول 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 يعد التوصيف الوظيفي الواضح للمجتمع الجامعي وقياداته في مصر من العناصر الأساسية التي تساهم في تحسين أداء المؤسسات الأكاديمية يشمل هذا التوصيف تحديد المهام والمسؤوليات المناطة لكل فرد بالمجتمع الجامعي بدءا من اصغر معيد وانتهاء لأعلى المناصب القيادية في التعليم العالي، ويعد التوصيف الوظيفي أساسًا لتنظيم العمل وتحقيق أهداف المؤسسات التعليمية. 

إن وضوح هذا التوصيف في المجتمع الجامعي وشفافية اتخاذ القرارات بالمجالس الجامعية العليا وطرق اعلانها للمجتمع الجامعي للتحسين والتطوير والتصويب بشكل ديمقراطي يعتبران حجر الزاوية لتحقيق النجاح المؤسسي.

 تتمثل المهام الرئيسية للقيادات والمجالس الجامعية في إدارة شؤون المؤسسة التعليمية من خلال الإدارة الفعالة والتخطيط الاستراتيجي السليم، واقتراح وتنفيذ السياسات التعليمية والبحثية، وجلب موارد متنوعة وتنظيم البرامج الأكاديمية ونظم تقييمها وتقويمها وتحديثها لتطوير الأداء المؤسسي، وتوفير بيئة تعليمية تشجع على البحث العلمي والابتكار وتشجيعه كذلك، يشمل التخطيط الفعّال توزيع الموارد المالية والبشرية، والبحث عن مصادر تمويل بديلة مثل التبرعات والحصول على منح ومشروعات دولية وعقد شراكات مع القطاع الخاص، فالعلاقات مع المجتمع المحلي جزءًا أساسيا من مهام القيادات الجامعية والمجالس لدعم الأنشطة التعليمية والبحثية والمساهمة في المشاريع الاجتماعية والتنموية. 

فإذا كان نظام اختيار القيادات الجامعية يتم بناءه بمعزل عن التوصيف الوظيفي لكل منصب وبمعايير غير قابله للقياس بدقه او قابله للتأويل حسب الأهواء والانطباعات الشخصية، فقد تكون النتيجة وجود بعض من مجالس جامعية عليا قد تخفق في التخطيط الاستراتيجي ولا تحقق الرؤية والرسالة والأهداف بشكل متكامل، لتكون النتيجة اما الثبات على الأخطاء بوراثتها كما كانت تتم وعدم تحقيق تقدم واما تدهور مستدام.

 

 أما بالنسبة لمسؤولية الأستاذ الجامعي عن جلب موارد لمؤسسته التعليمية أو عقد شراكات بشكل منفرد بدون دعم مؤسسي أو تحميله ضعف عدد الطلاب الملتحقين ببرنامج دراسي أو ضعف موارد مؤسسته التعليمية او وجود خلل في نسبه عدد اعضاء هيئة التدريس للطلاب سواء بالزيادة أو النقصان...، فهذة ليست من مهامه ولا توصيفه الوظيفي، لأنها صلاحيات ومسئوليات القيادات الجامعية ومجالسها العليا في التخطيط وتسهيل الإجراءات واقتراح القوانين واللوائح المنظمة للعمل.. ولا يمكن تحميل الأستاذ الجامعي مسؤولية انخفاض الإقبال على دراسة التخصص العلمي، إذ أن عوامل عديدة تؤثر في اختيار الطلاب للتخصصات والبرامج التعليمية مثل العوامل الاجتماعية والاقتصادية، والمتطلبات السوقية وسوق العمل المتاح، والمفاهيم الثقافية السائدة، بالإضافة إلى أن تحديد أعداد الطلاب بالكليات والبرامج التعليمية يخضع لكوته محددة من قبل مكتب التنسيق والمجالس الجامعية العليا، ولا ينبغي تفضيل تخصص علمي على آخر لمجرد ان التخصص الأول عليه إقبال والآخر أقل منه فكل التخصصات العلمية يجب أن توضع بمكانه متساوية وتأخذ نفس الاهتمام والدعم والتسهيلات لأن المجتمعات تحتاج كافة التخصصات العلمية ولا أفضلية لتخصص عن آخر.

 

 ومع ذلك، يُتوقع من الأستاذ الجامعي تقديم تعليم متميز وتنمية قدراته والقيام بمهامه على أكمل وجه، ودعم البحث العلمي المرتبط بخدمة المجتمع وتطوير التخصص، وتعزيز مهارات الطلاب بما يسهم في جذبهم للتخصص. إن غياب التوصيف الوظيفي الواضح داخل المجتمع الجامعي، بدءًا من أصغر معيد جامعي وصولًا إلى وزير التعليم العالي، يمكن أن يؤدي إلى مشاكل عديدة مثل تداخل المهام وصعوبة اتخاذ وتنفيذ القرارات وتغول للصلاحيات، وزيادة البيروقراطية، بالإضافة إلى إلقاء المسؤولية على الآخرين والتهرب من الاخفاقات نتيجة غياب الرؤية أو التخطيط الاستراتيجي المنقوص. 

 

من المهم أن يكون التوصيف الوظيفي أساسًا في عملية اختيار القيادات الجامعية بناء على معايير علمية قابلة للقياس بدقه ومرتبطة بالمهام الموضحه بالتوصيف الوظيفي، وليس معايير عشوائية لا علاقة لها بالمهام، وقد تعتمد على الأهواء أو الرغبات الشخصية أو تكون قابله للتأويل. 

كما يجب أن يكون التوصيف الوظيفي مرجعًا في نظم الترقي والتعيين، إذ أن مهام أعضاء هيئة التدريس تختلف عن مهام أعضاء هيئة مراكز البحوث فالجامعات مهمتها الأولى هي التدريس ثم خدمة المجتمع والبحث العلمي، بخلاف مهام عضو مراكز البحوث المختص بالبحث العلمي وخدمة المجتمع بدون تدريس.. مما يستدعي وجود نظام خاص للترقي بكل فئة حسب مهامهم لقياس كل مهمه على حده. 

 

فلا يعقل ان تكون احد اهم مهام الدكتور الجامعي هو التدريس للطلاب ولا يؤخذ معيار الكفاءه التدريسية في نظم الترقي، ويتم الاكتفاء بعدد الابحاث العلمية المنشورة فقط والتي غالبا ما يكون مصيرها ارفف المكتبات بدون تطبيق وهو ما يسبب إهمال قياس الكفاءه التدريسية بنظام الترقي في ضعف مؤهلات الخريجي أو كرههم لمادة أو أكثر لمجرد عدم القدرة على التواصل الفعال مع الطلاب أو الأسلوب الغليظ الفظ. 

 

إن التوصيف الوظيفي الواضح المقترن بنظم التعيين والترقي والتقويم، والشفافية في اتخاذ القرارات وطرق إعلانها ومشاركة المجتمع الجامعي بها أمر ضروري لضمان أداء مؤسسي قوي وتحقيق الأهداف التعليمية والبحثية المرجوة لان الجميع يجب أن يعمل للصالح العام. في حال غياب هذا التوصيف أو عدم توافقه مع متطلبات الوظيفة أو المنصب أو نظم الترقي، وفي حال غياب الشفافية أو الإنفراد بالقرارات بدون الرجوع للمجتمع الجامعي وعرضها عليه بكل شفافية، فإن ذلك يؤثر سلبًا على الأداء المؤسسي ويضعف القدرة على تحقيق التطور المنشود.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق