تُعتبر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من الأدوات الأساسية التي تُساهم في تحسين الكفاءة والإنتاجية داخل المؤسسات والشركات على حد سواء. ومع التوسّع المستمر في اعتماد هذه التكنولوجيا في مختلف القطاعات، أصبح من الضروري أن تقوم المؤسسات في القطاعين العام والخاص بإنشاء وحدات متخصّصة في الذكاء الاصطناعي. تهدف هذه الوحدات إلى امتلاك المعرفة المتعمّقة بالعمليات الداخلية لتلك الجهات، مما يُساهم في دمج التقنيات الحديثة بطريقة فعّالة تلبّي احتياجاتها بشكل مهني ومدروس.
إنّ تأسيس وحدات متخصّصة في الذكاء الاصطناعي في المؤسسات والشركات يعزّز من قدرتها التنافسية ويُسهم في تحقيق الابتكار المستدام. تبرز أهمية هذه الوحدات في قدرتها على توفير حلول مخصّصة تتناسب مع العمليات الإدارية والتشغيلية المختلفة، مما يعزّز من قدرة الجهات على تلبية احتياجاتها بدقة وفعالية. تتمثل إحدى المزايا الرئيسة لهذه الوحدات في فهمها العميق للعمليات الداخلية، مما يمكّنها من تقديم حلول مبتكرة تراعي التحديات والفرص الفريدة التي تواجهها.
من أبرز فوائد هذه الوحدات المتخصّصة قدرتها على تسريع عملية التحوّل الرقمي في المؤسسات. عند وجود وحدة متخصّصة، يُمكن تنفيذ حلول الذكاء الاصطناعي بسرعة ودقة أكبر، مما يقلّل من الوقت والتكاليف المرتبطة بتطبيق هذه الحلول. علاوة على ذلك، تُسهم هذه الوحدات في تحسين اتخاذ القرارات الإدارية من خلال الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الكبيرة، مما يُتيح تقديم رؤى استراتيجية تدعم عملية اتخاذ القرارات.
تشمل المهامّ الأساسية للوحدات المتخصّصة في الذكاء الاصطناعي تطوير حلول مبتكرة تتناسب مع احتياجات المؤسسة، مراقبة وتحليل أداء هذه الحلول بعد تطبيقها، وتقديم الدعم المستمر للفرق الداخلية. كما يتعيّن على هذه الوحدات متابعة أحدث التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، واقتراح تحسينات تواكب التوجهات التقنية الجديدة.
في مملكة البحرين، تمّ إنشاء وحدات متخصّصة في الذكاء الاصطناعي بعدة مؤسسات على سبيل المثال، في وزارة الإعلام، ووزارة العمل، ووزارة الصناعة والتجارة، وغرفة البحرين للتجارة، وشركة بابكو وغيرها تهدف هذه الوحدات إلى تطوير حلول تكنولوجية تُساهم في تحسين الأداء وزيادة الكفاءة التشغيلية.
يدعم مركز سمو الشيخ ناصر للبحوث والتطوير في الذكاء الاصطناعي هذه الوحدات من خلال توفير بيئة بحثية وتطويرية مناسبة لاختبار وتنفيذ الحلول التقنية. يتعاون المركز مع هذه الوحدات لتزويد الفرق الداخلية بالتدريب والدعم الفني، بالإضافة إلى تقديم استشارات استراتيجية تضمن تبنّي أفضل الممارسات في هذا المجال.
وقد أثبتت التجارب الناجحة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في إنشاء وحدات متخصّصة في الذكاء الاصطناعي نجاحها الكبير في تحسين الأداء الحكومي والتجاري. على سبيل المثال، أطلقت المملكة العربية السعودية استراتيجية "الذكاء الاصطناعي 2030" التي تهدف إلى تعزيز جودة الخدمات وتحفيز الابتكار في مختلف القطاعات. كما قامت الإمارات بتطبيق الذكاء الاصطناعي في العديد من مؤسسات في القطاعين العام والخاص، مما حقّق نتائج إيجابية على صعيدي الخدمات العامة والرعاية الصحية.
لذلك، من الضروري أن تتبنّى مملكة البحرين هذه التجارب الناجحة من خلال وضع خطط استراتيجية لتأسيس وحدات متخصّصة في الذكاء الاصطناعي داخل مؤسسات في القطاعين العام والخاص. يجب أن تركز هذه الخطط على تحديد أهداف واضحة، تقديم التدريب والتطوير المستمر للفرق المختصّة، والاستفادة من تجارب الدول الرائدة في هذا المجال.
ختامًا، يُعدّ تأسيس وحدات متخصّصة في الذكاء الاصطناعي خطوةً محوريةً نحو تعزيز التحوّل الرقمي وتحسين الأداء المؤسسي. من خلال التعاون مع المراكز المتخصّصة مثل مركز سمو الشيخ ناصر للبحوث والتطوير في الذكاء الاصطناعي، وتبنّي أفضل الممارسات في هذا المجال، يُمكن للمؤسسات والشركات تحقيق نجاح مستدام في ظلّ التحولات التكنولوجية المتسارعة.
0 تعليق