والسؤال الذي ورد: لماذا تصاب الإناث فقط بمتلازمة تيرنر، وما علاقة المرض بقصر القامة وتأخر البلوغ والقلب وأعراض أخرى عديدة؟
بداية الإجابة أوضّح أن معظم الناس يحملون اثنين من الكروموسومات الجنسية في كل خلية، ويحصل الذكر عادة على كروموسوم X من والدته، وكروموسوم Y من والده، وتحصل الأنثى على كروموسوم X من الوالدين، وترتبط متلازمة تيرنر بالكروموسوم X، إذ تكون هناك نسخة من كروموسوم X مفقودة بالكامل، أو مفقودة جزئيا، أو متغيرة في هيكلتها نتيجة حدوث خطأ في انقسام الخلية، وبذلك فهذه المتلازمة عبارة عن اضطراب جيني مزمن، يؤثر في الإناث فقط، وتسبب مجموعة متنوعة من المشكلات الطبية.
وهناك العديد من الأعراض التي (قد) تتعرض لها المصابات بالمتلازمة وتختلف من حالة لأخرى، منها إمكانية حدوث تأخر في النمو، وأيضا من العلامات الأكثر شيوعا هي قصر القامة الذي يصبح واضحا في عمر خمس سنوات، وأعراض أخرى مثل تأخر البلوغ، وقصر الرقبة على وجه الخصوص، كما أن طبقات الجلد ما بين الكتفين والرقبة تكون بارزة، والجفون في العينين تكون ساقطة بعض الشيء، والأذنان تكون في موضع أسفل مما هو معهود عند الإنسان العادي، وقد تحدث عيوب في القلب أو حتى تشوهات طفيفة في بنية القلب، ارتفاع ضغط الدم، مشاكل في الكلى والكبد، اضطرابات المناعة الذاتية، مشاكل في العمود الفقري، هشاشة العظام، اضطراب نقص الانتباه، العقم، مضاعفات الحمل، غياب الدورة الشهرية، قصور المبايض، السكري النمط الثاني واضطرابات الغدة الدرقية، مشاكل في النظر والسمع، بعض الصعوبات في التعلم ومشاكل في فهم المسافات والسرعة والحجم وصعوبة حل المسائل الرياضية.
وهناك نوعان من متلازمة تيرنر، الأولى: متلازمة تيرنر الكلاسيكية، وفي هذا النوع يكون الكروموسوم X مفقودا تماما، وهي حالة تؤثر على نصف المصابات بمتلازمة تيرنر، والثانية متلازمة موزاييك تيرنر أو فسيفساء تيرنر، وهي الحالة التي تحدث فيها تشوهات في كروموسوم X لبعض خلايا الجسم فقط، ويعني مما سبق أنه في معظم الحالات لا تتأثر جميع خلايا الجسم بهذا الخلل، بل تصاب بعض الخلايا فقط، بمعنى قد يحتوي الجسم على خلايا تحمل العدد الطبيعي من الكروموسومات (46 كروموسوما) في حين قد تحمل بعض الخلايا الأخرى المصابة عددا أقل بغياب الكروموسوم الجنسي الثاني، مما يقلل من معدل ظهور المشاكل الصحية عند الإناث المصابات، وفي هذه الحالة تعرف متلازمة تيرنر هنا بالفسيفسائية، كما أوضحت.
وقد يتم تشخيص متلازمة تيرنر خلال حياة الجنين قبل الولادة، أو في مرحلة الطفولة، أو خلال فترة ما قبل البلوغ (8 - 12 سنة)، أو في أواخر مرحلة البلوغ، فقبل الولادة يتم فحص الأم، وذلك بأخذ عينة من السائل الأمنيوسي، أو غيرها من الأنسجة والخلايا؛ لتحليل الكروموسومات (الصبغيات)، كما يتم التشخيص في مرحلة الطفولة عندما لا تنمو الفتاة على نحو طبيعي، وخلال سنوات المراهقة يتم التشخيص عند تأخر الوصول إلى مرحلة البلوغ، وبشكل عام يساعد التشخيص المبكر على تحديد ما إذا كانت المصابة تعاني مشكلات صحية تحتاج إلى علاج.
أما ما يتعلق بالعلاج فليس هناك علاج محدد لمتلازمة تيرنر، ولكن يتم علاج الأعراض المصاحبة لها، بما في ذلك أمراض القلب والكلى والمشاكل الهرمونية، لذلك تكون المصابات بحاجة إلى إجراء فحوصات منتظمة لجميع أعضاء الجسم، بجانب الدعم النفسي والاجتماعي من الأسرة والمحيطين بهن لتعزيز ثقتهن بانفسهن حتى يتمكّن من مواصلة حياتهن والتمتع بحياة طبيعية وصحية، وبسبب تفاوت الأعراض والمضاعفات يتم وضع الخطة العلاجية للحالة بعد دراستها وإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة، إذ تشمل العلاجات الأساسية لجميع الفتيات والنساء العلاج بالهرمونات ومنها هرمون النمو، وذلك لزيادة الطول قدر الإمكان خلال مرحلة الطفولة المبكرة حتى أوائل سنوات المراهقة، وعلاج الاستروجين إذ تحتاج معظم الفتيات اللواتي لديهن متلازمة تيرنر إلى بدء الاستروجين والعلاج الهرموني في سن البلوغ لتعزيز نمو الثديين وأيضا تعزيز نسبة المعادن في العظام، بجانب علاجات تحسين مشاكل الخصوبة، بجانب المراقبة المنتظمة للتحقق من مستويات الهرمونات، والمتابعة المنتظمة والتحكم بجميع المشكلات الصحية للمصابات حسب المرحلة العمرية والمشكلة الصحية بواسطة فريق طبي من مختلف التخصصات.
0 تعليق