مع رحيل الأسد.. هل نستعيد حقوقنا المائية من "سورية الجديدة"؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان - لطالما مثلت سورية عمقا إستراتيجيا للأردن في الكثير من الملفات الاقتصادية والخدمية، مثلما تمثل عمان العمق ذاته لدمشق، وكأن البلدين رئتان لجسد واحد.اضافة اعلان
والآن، ثمة حراك على مختلف المستويات يشهده البلدان إثر سقوط نظام الأسد في دمشق بعد 14 عاما من الصراع الذي بدأ بمهاجمة جيش الأسد الشعب السوري الذي خرج بحراك سلمي في 2011، ولينتهي هذا النظام في 2024 بقوة سلاح المعارضة التي آزرت شعبها.
ومع بدء عصر جديد في دمشق، يفتح الأردن صفحة جديدة مع الجارة الشمالية في الكثير من الملفات التي تمس هموم الشعبين في البلدين الشقيقين، حيث بدأ بإمداد معبر جابر نصيب بالكهرباء كخطوة أولى تمتد إلى ربط كهربائي أوسع لتعويض النقص الذي يعاني منه السوريون الذين تبلغ حصتهم من الكهرباء ساعتين فقط في اليوم.
وعلى غرار الكهرباء، فمن المرتقب بحث ملف المياه مع الجانب السوري في القريب العاجل بعد مرور 37 عاما على توقيع اتفاقية استثمار مياه نهر اليرموك في العام 1987، والتي حملت الكثير من التشوهات حينها، إضافة إلى عدم خدمتها لمصالح الأردن الذي يعد أفقر بلد مائي في العالم.
فقد تبين أن الحذوفات والتناقضات والتحديدات والغموض تصب في صالح نظام الأسد في ذلك الوقت، بحسب محللين قالوا لـ"الغد" إن الظروف السياسية الحالية أصبحت مواتية مع الحكومة السورية الجديدة لبحث ملف المياه، سعيا للوصول للحقوق المائية الأردنية المسلوبة جراء إقامة نظام الأسد في سنوات سابقة عديد السدود المخالفة للاتفاقية، ما أدى إلى جفاف الكثير من الينابيع التي كانت تغذي نهر الأردن.
والحال أن اتفاقية العام 1987 لم تراع المستخدمين في أدنى المجرى المائي، بحسب المحللين، الذين أكدوا أن بنود الاتفاق لم تعد ملائمة للغاية منها، ومنها إنشاء سد المقارن، والوحدة مؤخراً، إضافة إلى أنها أخفقت في التعبير عن التوفر الفعلي للمياه واستخدامها، واصفينها بـ"غير المنصفة" في تخصيصها لاستخدام الجريانات والسيطرة.
يشار إلى أن حصة الفرد من المياه تبلغ 61 مترا مكعبا سنويا، في حين تبين المؤشرات العالمية لخط الفقر المائي لاستهلاك الفرد السنوي من المياه 500 متر مكعب سنويا، ما يعني أن حصة الفرد السنوية من المياه في الأردن، تقل بنسبة 88 % عن خط الفقر المائي، إذ بات الأردن يترأس قائمة الدول الأفقر مائيا في العالم بعد أن كان في المرتبة الثانية.
أمين عام سلطة وادي الأردن الأسبق المهندس سعد أبو حمور، أكد لـ"الغد" ضرورة استثمار الحراك الدبلوماسي الذي تشهده المنطقة بعد سقوط نظام الأسد لبحث عدة ملفات، ومنها ملف المياه الذي طوي لمدة 14 عاما بدون تواصل أو تنسيق مع الجانب السوري بخصوص استثمار مياه  نهر اليرموك بناء على اتفاقية عام 1987.
وأكد أبو حمور ضرورة بناء علاقات صحيحة وقائمة على الحقائق مع الإخوة في سورية الجديدة بما يخص ملف المياه وهو الأهم؛ نتيجة تردي الوضع المائي في الأردن نظرا لعدة أسباب أهمها الاعتداء على حقوق الأردن المائية في منطقة نهر اليرموك نتيجة مخالفة الاتفاقية.
وبين أن اتفاقية استثمار مياه نهر اليرموك بين الأردن وسورية في العام 1987 والمعاهدة الأردنية الإسرائيلية في العام 1994 أوجدتا تفاؤلا باستخدام المياه في مناطق حوض نهر الأردن، حيث يمكن تنسيقه على الأقل وربما بأسلوب مستدام ايضاً، "إلا أنه وبعد مرور 37 عاماً على الاتفاقية الأردنية السورية، و30 عاما على الاتفاقية الأردنية الإسرائيلية، ما انفكّت الاتفاقيتان تثبتان أنهما جزء من المشكلة."
وأضاف: "وإذا ما قارنا هاتين الاتفاقيتين ببنود اتفاقية نموذجية معمول بها منذ عدة عقود بين دول لديها مياه عابرة للحدود واتفاقيات منصفة ومبنية على دبلوماسية حسن الجوار والاستثمار الأمثل للمياه المشتركة؛ نجد ان هاتين الاتفاقيتين تحتويان على أوجه قصور".
وأكد أبو حمور أن أبرز أوجه القصور تتمثل بأنها غير مستدامة لأنها لم تراع المستخدمين في أدنى المجرى المائي، كما أنها لم تعد ملائمة للغاية منها، إضافة إلى أنها أخفقت في التعبير عن التوفر الفعلي للمياه واستخدامها، خاصةً فيما يتعلق بالاستخدام والتوفر المترابطين للمياه السطحية والجوفية، كما أنها غير منصفة في تخصيصها لاستخدام الجريانات والسيطرة وذلك عند مقارنتها بمبادئ القانون الدولي للمياه.
وأشار إلى أن الحذوفات والتناقضات والتحديدات والغموض في الاتفاقية تصب في صالح نظام الأسد في ذلك الوقت، وكون الظروف السياسية اختلفت برحيل النظام السابق وحلول إدارة جديدة، فقد أصبحت الفرصة مواتية مع الحكومة السورية المؤقتة لبحث ملف المياه.
ولفت إلى بعض خروقات نظام الأسد في الاتفاقية سالفة الذكر، مثل عدد السدود المقامة حاليا والبالغ عددها 32 سدا، وهو يفوق العدد الذي تنص عليه الاتفاقية المقرر بـ25 سدا، عدا عن حفر آلاف الآبار الجوفية في منطقة الحوض الصباب للنهر، وأدّت إلى جفاف واختفاء الينابيع التي كانت تغذي النهر، في حين أن أحد المصادر الرئيسية للخلاف هو اعتماد الاتفاقية غير التقليدي على الارتفاع كآلية لتخصيص المياه (من ذلك أن سورية تحتفظ لنفسها بالحق في استخدام المياه الموجودة على ارتفاع 250 مترا فوق سطح البحر).
جميع ما ذكر، يؤكد أن نظام الأسد المخلوع، سواء في عهد الأب أو الابن، هو سالب لحقوق الأردن المائية، ما أسهم في تدهور وضع المملكة المائي، ويستدعي ذلك، بحسب محللين؛ تصحيح الوضع القائم بمراعاة مصالح البلدين الشقيقين.
ويؤكد أبو حمور أن ما ذكر أعلاه بخصوص اتفاقية استثمار مياه نهر اليرموك الموقعة العام 1987 لم تعد صالحة للتطبيق، ويجب على الأردن والفريق المفاوض أن يسعى مع الجانب السوري إلى ترتيبات منصفة ومستدامة، ومنها تطوير قاعدة معرفية مشتركة أكثر اكتمالاً تتعلق بالفجوات الأولى التي تنبغي معالجتها بنوعية المياه السطحية والجوفية وتوفر المياه الجوفية في ضوء التغيرات المتوقعة في الاستعمال والمناخ، كما يجب شمول كافة المستخدمين للحوض بالفهم المحسن للسمات الفيزيائية - الحيوية للحوض من أجل معالجة الخلافات الحالية بشأن البيانات.
وبين ضرورة دعم مشاريع المجتمعات العابرة للحدود من خلال بحث مشترك في الفرص التي يمكن إيجادها من خلال الإدارة المائية المنسقة، إضافة إلى تحقيق الأداء الأمثل للبنية التحتية، من خلال إطلاق دراسة جدوى تمهيدية تتقصى فوائد استخدام أكبر للمياه داخل الحوض، وما يرافق ذلك من توفير كبير متوقع في تكاليف الطاقة والفاقد المائي بالتبخر.
وأكد أن على المفاوض الاسترشاد بالقانون الدولي للمياه بما في ذلك تحديد الفرص التي قد تنشأ عن الاستعانة باتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية لإرشاد المفاوضات أو المصادقة على اتفاقية حماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات.
إضافة لمراجعة الاتفاقيات لجعلها أكثر فعالية بالاستفادة من التقدم في الفهم العام لعوامل قوّة الاتفاقيات والشواغل البيئية والتغيرات المتوقعة في المناخ والطلب على المياه.
من جهته، أكد الأمين العام الأسبق لسلطة المياه إياد الدحيات أن مياه حوض اليرموك قصة سياسية وليست فنية، حيث إن الجزء الفني يمكن العمل عليه مع الإدارة الجديدة في سورية، من خلال تبادل المعلومات حول النوعية والكمية في المنابع والأودية المغذية للحوض، لافتا إلى عدم وجود تعاون سابق بهذا الشأن من قبل نظام الأسد.
وشدد الدحيات على ضرورة تفعيل عمل اللجان الفنية المنبثقة عن اتفاقية عام 1987 الخاصة بحوض اليرموك وسد الوحدة.
وحول سد الوحدة الذي تم تشغيله العام 2011، فبيّن أن السد لم تتم تعبئته بشكل كامل منذ ذلك الحين، وهو يعتمد على فيضانات الأودية في الجانب السوري ومياه نهر اليرموك والتي تتغير بين سنة وأخرى.
ونصت اتفاقية العام 1987، على أن يقوم الأردن ببناء سد سعته 220 مليون متر مكعب، بينما تقوم سورية ببناء حوالي 25 سدا لري أراضيها، على أن تستفيد سورية من الطاقة الكهربائية الناتجة عن السد الذي سيبنيه الأردن.
وعبر السنوات الماضية، انخفض منسوب جريان نهر اليرموك جراء حفر آلاف الآبار الجوفية في حوضه، وزيادة السدود على مجاري النهر من الجانب السوري، ما ساهم بتقليص حجم السد المتفق عليه في العام 1987 من سعة 220 مليون متر مكعب إلى 110 ملايين.     
وبدأت فكرة سد الوحدة بهدف تخزين مياه اليرموك شتاء، منذ العام 1964، ليكون مشروعا عربيا يتيح للأردن وسورية الاستفادة من تدفقات مياه اليرموك، وبالتالي حصول الأردن على حصته من المياه.
وعن الحكم على طبيعة التعاون بين الأردن والنظام الجديد في سورية ضمن ملف المياه، رأت الخبيرة الأردنية في دبلوماسية المياه ميسون الزعبي أن من الصعب الحكم على طبيعة هذه العلاقات في الوقت الحاضر، إلى حين اتضاح توجهات النظام الجديد في دمشق، مؤكدة أنه "لا بد من اعتبار ملف المياه إحدى الأولويات التي يجب على الدولة أخذها بالاعتبار في المفاوضات مع الجانب السوري، فهو لا يقل أهمية عن القضايا الأخرى التي بدأ الأردن بمناقشتها".
وأبدت الزعبي أملها أن يكون العمل الأردني أكثر فاعلية مع القيادة السورية الجديدة، وعلى نطاق أوسع مع القدرات والخبرات الأردنية في مجالات عديدة تحتاجها سورية في بناء الدولة ومؤسساتها.
وقالت إن من أهم تلك القضايا، سد الوحدة الذي تم بناؤه بسعة 110 ملايين متر مكعب، لتزويد الأردن بالمياه للزراعة والاستهلاك البشري مقابل تزويد سورية بالطاقة الكهرومائية، سيما وأن الأردن يعاني من أزمة شح المياه، تماما كما تعاني سورية من أزمة الكهرباء.
واعتبرت أن الوضع الحالي في الداخل السوري يشكل حالياً فرصة لفتح ملف المياه وإحقاق حقوق الأردن المائية في حوض اليرموك، مشيرة إلى أن قيام الأردن باستضافة آلاف اللاجئين منذ عقود وما زال، سبب ضغطاً إضافياً على المياه واستنزفها بشكل كبير، وذلك رغم المنظور الإنساني للرؤية السياسية للاجئين في المملكة التي كانت وما زالت.
وأضافت إن معظم البلدان العربية تعتمد على الموارد المائية المشتركة في إمداداتها المائية، إذ إن ثلثي موارد المياه العذبة في المنطقة تعبر حدود بلد أو أكثر، داعية في الوقت ذاته إلى أهمية التعاون الفعال في إدارة وتوزيع إمدادات المياه الشحيحة، سيما وأنه تترتب على توزيع هذه الموارد بين البلدان المشاطئة آثار بيئية واجتماعية واقتصادية كبيرة على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية، وصولا لتحسين الاستفادة من الموارد المائية، وكذلك التخفيف من حدة النزاعات المحتملة.
وبينت أنه تم اعتماد المبادئ التوجيهية للتعاون العربي في مجال الموارد المائية المشتركة، استجابة لقرار المجلس الوزاري العربي للمياه التابع لجامعة الدول العربية لعام 2016.
ولخصت الزعبي الأولويات ضمن المرحلة الحالية؛ في اعتماد عملية تكاملية، وإرادة سياسية، وآلية لمأسسة هذا التعاون، وليس فقط الاكتفاء بتطبيق الاتفاقات الموجودة.
وقالت إن المدخل الأساس يبقى بناء الثقة عبر الحوار بدل التنازع على الحصص، مشيرة  إلى عدم إمكانية دول المنطقة تحقيق تقدم حقيقي إذا لم تواجه بجدية التحديات في قطاع المياه، سواء كان من الندرة أو النمو السكاني المتسارع والتوسُّع الحضري والتغيُّر المناخي وسوء إدارة الموارد، التي تفاقمها الصراعات والحروب وما ينجم عنها من موجات نزوح.
وتابعت: "ندرة المياه المتزايدة في المنطقة تعرّض السلام والاستقرار للخطر، وهذا يحتّم على صانعي القرار والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص ووسائل الإعلام توحيد الجهود لتعزيز استخدام المياه كحافز للتنمية المستدامة والسلام".
وحذرت من افتقار الأنهار المتشاطئة إلى التشريعات الدولية الملزمة التي تحدد آلية الانتفاع بالمياه المشتركة للأنهار، مشيرة إلى أنه رغم تحديد التعريفات الدولية في المعاهدات والقوانين الخاصة بالأنهار الدولية، وتحديد المعايير المثلى للانتفاع المشترك، إلا أن الممارسة الفعلية لا تزال بعيدة عن طروحات وافتراضات القانون الدولي.
ورغم تحديد اتفاقيات دولية عديدة، وعلى رأسها اتفاقية هلسنكي لعام 1966، معايير عامة تحكم عملية الانتفاع المشترك والتقسيم العادل للأنهار المشتركة، إلا أن عوائق فعلية عديدة تمارسها دول على أرض الواقع، تحول دون تفعيل القوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بالأنهار الدولية المشتركة، وفق الزعبي.
وأوضحت أن من أبرز هذه العوائق؛ عدم وجود معايير موحدة ومتسقة ومفصلة لتفسير قواعد القانون الدولي، والتفسير النوعي للقوانين والمعاهدات الدولية الخاصة بالأنهار الدولية، وعدم وجود مرجعية قانونية دولية لتفسير نصوص المعاهدات بشكل مثالي يمنع التفسير النوعي للمواد.
وذلك إلى جانب عدم وجود آلية تحكيم محددة في معظم المعاهدات والقوانين الدولية الخاصة بالأنهار الدولية، وكذلك غياب الصفة الإلزامية الخاصة بالمياه.
وكان تم توقيع اتفاقيات ثنائية بين سورية والأردن لإدارة موارده المائية، أبرزها اتفاقية عام 1953، والتي تم تنقيحها عام 1987.
وأشارت الزعبي إلى مواجهة العلاقات بين البلدين تحديات فيما يتعلق بتقاسم مياه نهر اليرموك، رغم إبرام اتفاقيات لتنظيم استخدام المياه، لكن التوترات السياسية والتغيرات المناخية أعاقت تنفيذها، لافتة إلى قيام الحكومتين في العام 2011، ببناء سد الوحدة على النهر في ريف درعا الغربي، حيث يقع جزء من النهر ضمن محمية اليرموك الطبيعية في الأردن.
وتابعت: "كان التصريف التاريخي لنهر اليرموك قبل عام 1953 حوالي 473 مليون متر مكعب سنوياً، منها 39 مليونا لاستخدامات سورية، وبموجب الاتفاقية الأردنية السورية لعام 1953، حددت حصة الأردن من الحوض بـ300 مليون متر مكعب سنويا، على أن تخزن في سد سيقام لاحقاً، سمي سد المقارن لموقعه على وادي المقارن، وهو نفس موقع سد الوحدة اليوم، وحصة سورية 90 مليون متر مكعب سنويا". 
وبناءً على اتفاقية الانتفاع من مياه نهر اليرموك الموقعه بين الأردن وسورية عام 1987، تم بناء سد الوحدة بسعة 110 ملايين متر مكعب، حيث أعطت هذه الاتفاقية سورية الحق في تخزين المياه في 22 سداً قائماً وتخزين الباقي في سد الوحدة، وفق الزعبي.
وبينت أنه حاليا، وبعد مرور أكثر من 37 عامًا على توقيع الاتفاقية، يوجد في سورية حوالي 42 سدًا، وعدد كبير من الآبار في حوض اليرموك الأعلى التي تؤثر على تدفق النهر، فيما أثر احتجاز المياه في السدود واستنزاف المياه الجوفية على تخزين المياه خلف السد وتدفق نهر اليرموك.
ففي العام 2023، تم تخزين أقل من 25 مليون متر مكعب في سد الوحدة، وفق الموازنة المائية لوزارة المياه والري، وانخفض التدفق الأساسي للنهر من 8 أمتار مكعبة في الثانية الواحدة قبل 40 عامًا إلى أقل من متر مكعب حاليا.
وأبدت الزعبي مخاوفها إزاء التوغلات الإسرائيلية الحالية داخل الأراضي السورية المحاذية للحدود الأردنية، والتي وصلت إلى سد الوحدة على الجانب السوري، مشيرة إلى أن هذه التحركات الأمنية، قد تهدد الأمن المائي الأردني، خاصة في ظل الأهمية الكبيرة للسد بالنسبة للأردن باعتباره شريان الحياة للأردنيين. 
وأشارت إلى انعكاسات عميقة قد تنجم عن سيطرة إسرائيل على حوض اليرموك وسد الوحدة، وخاصة على الأمن المائي في الأردن الذي يعاني أصلًا من شح مزمن في المياه، إذ تمنح هذه السيطرة إسرائيل القدرة على التحكم في تدفق المياه إلى الأردن، ما يزيد من تعقيد أزمة المياه في البلاد.
وأضافت: "تعد السيطرة على الموارد المائية جزءا من إستراتيجية إسرائيلية أوسع نطاقا لزيادة نفوذها في المنطقة"، وفق الزعبي التي بينت أن "هذه الخطوة تأتي في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تغيرات سياسية كبيرة، مع انهيار نظام الأسد وتصاعد التوترات الإقليمية". 
وتابعت: "السيطرة على المياه تمنح إسرائيل نفوذا قويا يمكن استخدامه في المفاوضات السياسية والاقتصادية مع الدول المجاورة، بما فيها الأردن".
وشددت على أهمية دور الدبلوماسية والوساطة المائية فى تخفيف التوترات وتقليل النزاعات حول العالم، منوهة بالتجربة الغنية وطويلة الأمد والمكانة الريادية التي تحتلها سويسرا في مجال دبلوماسية المياه، من خلال برنامج السلام الأزرق الإقليمي للشرق الأوسط والممول من الحكومة السويسرية.
وتعنى المبادرة الإقليمية، التي تشمل كلا من العراق والأردن وسورية ولبنان وتركيا، بإدارة المياه العابرة للحدود وبناء السلام فى المنطقة، مرتكزة على أربعة تحديات رئيسة للإدارة المستدامة للمياه: المعلومات الدقيقة المتعلقة بتدفق المياه؛ وتعزيز بناء القدرات والثقة، وتطوير الحوار بين البلدان الشريكة، وضمان إدارة المياه بكفاءة.
كما تهدف مبادرة السلام الأزرق إلى تعزيز التعاون في مجال المياه العابرة للحدود، والقطاعات والأجيال لتعزيز السلام، والاستقرار والتنمية المستدامة، فضلا عن الحد من التوترات المتنامية حول المياه في مختلف أنحاء العالم، حيث تشكل المياه أزمة حادة، في ظل عوامل النمو السكاني والتطور الاقتصادي وارتفاع مستويات التلوث، والتي تفاقمت بفعل التغير المناخي، حنى أصبحت المياه النظيفة نادرة بصورة متزايدة، ما أثر بشكل مباشر على السلام والاستقرار.
ونيابة عن اللجنة الإدارية لمبادرة السلام الأزرق، دعت الزعبي سورية، للعودة إلى المبادرة كعضو فعال بعد فترة غياب بسبب الأحداث السابقة، سيما وأن مبادرة السلام الأزرق هي مبادرة إقليمية أطلقتها خمس دول، كانت سورية عضوًا فعالًا فيها منذ فترة طويلة، وتأسست برؤية استخدام قوة المياه لبناء مستقبل سلمي للمنطقة، وتتمثل مهمتها في تحويل المياه من مصدر محتمل للصراع إلى أداة للتعاون والسلام، من خلال الحوار وبناء القدرات والعمل الملموس.
ولفتت الزعبي إلى أن المياه باتت إحدى أدوات الضغط السياسي التي تمارسها بعض الدول التي تتحكم في منابع الأنهار أو مصادر المياه على الدول التي تشترك معها في نفس مصدر المياه، منوهة بمساهمة "عدم وجود قواعد دولية عامة تحكم التقاسم العادل للمياه بين الدول التي تتقاسم الموارد المائية في زيادة النزاعات المائية".
ونهر اليرموك هو أحد أكبر روافد نهر الأردن، وهو نهر مشترك بين سورية والأردن وجزء من الحدود الشمالية الشرقية لفلسطين المحتلة، حيث يبلغ طول النهر 57 كيلومتراً، منها 47 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، والباقي يقع في المناطق الحدودية الشمالية الأردنية الفلسطينية. 
ويحظى حوض اليرموك الواقع في غرب محافظة درعا جنوب سورية، وهي منطقة جغرافية خصبة، بأهمية تاريخية وإستراتيجية لكل من سورية والأردن، إذ يمتد الحوض الخصيب على مساحة واسعة تشمل أجزاء من جنوب سورية وشمال الأردن، فيما أقامت سورية عدة سدود عليه، ويعتبر جزءا من وادي نهر اليرموك الذي يشكل حدوداً طبيعية بين البلدين.
وينبع "اليرموك" من بحيرة المزيريب في درعا، بسورية، ثم يتدفق ليشكل جزءاً من الحدود السورية الأردنية، إذ تغذيه أيضاً بعض الروافد كوادي الرقاد في الجولان، ووادي الذهب الذي ينبع من جبل حوران، فيما يصب نهر الأردن جنوب بحيرة طبريا عند مثلث منعطف اليرموك، وتُعرف هذه المنطقة بالتقاء النهرين التي بنت عليها الدولة العثمانية جسراً لسكة حديد الحجاز.
واكتسب حوض اليرموك أهمية إستراتيجية بسبب موقعه الجغرافي كمنطقة حدودية، وقربه من مرتفعات الجولان المحتلة، إذ يعد مصدراً مائياً حيوياً لكلا البلدين.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق