دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لطالما ارتبط شرب القهوة بتحسين صحة القلب وإطالة العمر. لكن دراسة جديدة وجدت أنّ فوائد استهلاك القهوة قد تعتمد على وقت شربها.

وبحسب الدراسة التي نُشرت في مجلة القلب الأوروبية الثلاثاء، اتّضح أنّه من الأفضل شرب القهوة في الصباح، وذلك بصرف النظر عن الكمية المستهلكة والعوامل الأخرى التي قد تكون مؤثرة.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور لو تشي، رئيس مركز HCA Regents الطبي، والأستاذ بكلية سيليا سكوت ويذرهيد للصحة العامة والطب الاستوائي في جامعة تولين بنيو أورليانز: "هذه هي الدراسة الأولى التي تختبر أنماط توقيت شرب القهوة والنتائج الصحية المتأتية من ذلك. نحن عادة لا نقدم نصائح حول التوقيت في توجيهاتنا الغذائية، لكن ربما علينا التفكير بذلك مستقبلًا". 

وجدت غالبية الأبحاث السابقة التي تمحورت حول شرب المشاركين للقهوة مع مرور الوقت، أن المستويات المعتدلة من استهلاك القهوة قد تكون مرتبطة بانخفاض مخاطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والوفاة المبكرة. لكن الباحثين في الدراسة الجديدة قالوا إن الأدلة العلمية بشأن تأثير العوامل مثل الوراثة، أو الكمية المستهلكة، أو المحليات المضافة، على هذه العلاقات كانت غير متسقة أو مثيرة للجدل في بعض الأحيان.

درس المؤلفون البيانات الغذائية والصحية لـ40.725 شخصًا بالغًا، تبلغ أعمارهم 18 عامًا وما فوق، من المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية الذي أجري في الفترة الممتدة بين عامي 1999 و2018. خلال 10 دورات على مر السنين، قدم هؤلاء المشاركون تفاصيل عن استهلاكهم الغذائي من اليوم السابق. 

وضمّن المؤلفون أيضًا مجموعة فرعية مكوّنة من 1463 شخصًا بالغًا، من النساء والرجال بدراسة التحقق من صحة نمط الحياة، الذين أكملوا سجلًا غذائيًا لمدة أسبوع واحد بالحد الأدنى.

تم تضمين كل من القهوة التي تحتوي على الكافيين والقهوة منزوعة الكافيين، وتم تصنيف التوقيت إلى ثلاث فترات: الصباح (من 4 صباحًا إلى 11:59 صباحًا)، وبعد الظهر (من 12 ظهرًا إلى 4:59 مساءً)، والمساء (من 5 مساءً إلى 3:59 صباحًا). 

وحدد الباحثون نمطين لتوقيت الاستهلاك: الصباح وطوال اليوم. وبحلول نهاية فترة المتابعة المتوسطة التي بلغت نحو 10 سنوات، كان هناك 4295 حالة وفاة لجميع الأسباب، و1268 بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية و934 بسبب السرطان.

وبالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يشربون القهوة، فإن تناول القهوة في الصباح ارتبط بانخفاض خطر الوفاة المبكرة لأي سبب بنسبة 16%، وانخفاض خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 31%. أما أولئك الذين يميلون إلى شرب القهوة طوال اليوم فلم ينخفض ​​لديهم خطر الإصابة بالسرطان. 

واستمرّت هذه النتائج حتى بعد أن أخذ الباحثون بالاعتبار عوامل محيّرة مثل ساعات النوم، والعمر، والعرق، والانتماء العرقي، والجنس، ودخل الأسرة، والتعليم، ومستويات النشاط البدني، والنتيجة الغذائية، والظروف الصحية مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول في الدم.

بالنسبة للأشخاص الذين يشربون القهوة في الصباح، فإن كمية القهوة التي تحتوي على الكافيين أو منزوعة الكافيين لا تهم أيضًا، سواء كانوا يشربون أقل من كوب واحد أو أكثر من ثلاثة فناجين من القهوة يوميًا. لكن القيام بذلك في الصباح لا يزال أفضل من الأنماط الأخرى من حيث خطر الوفاة.

وقالت فانيسا كينغ، اختصاصية تغذية مسجلة ومتحدثة باسم أكاديمية التغذية وعلم التغذية، غير المشاركة في الدراسة لـCNN: "كانت الدراسة قائمة على الملاحظة، ما يعني أنها لم تكن إعدادًا للتجربة، (وهذا) هو المعيار الذهبي". 

وتعني طبيعة الدراسة أيضًا أنها تقيم ارتباطًا فقط، وليس علاقة سببية، بين شرب القهوة في الصباح وخطر الوفاة المبكرة. وأضاف كينغ أن النتائج "ذات معنى لأن السبب الرئيسي للوفاة في أمريكا هو أمراض القلب والأوعية الدموية".

لِمَ التوقيت مهم؟ 

اعتبر الدكتور ديفيد كاو، غير المشارك في البحث، إن الدراسة "رائعة" وواحدة من أفضل الأبحاث حول هذا الموضوع منذ سنوات.

وأوضح كاو، رئيس جاكلين ماري شوبل ليفير اندوود لصحة قلب المرأة في جامعة كولورادو أنشوتزنّ "النقاط البارزة تشمل استخدام أسلوب التعلم الآلي لتصنيف أنماط شرب القهوة، والتحقّق من صحة النتائج في (أكثر من نتيجة) مصدر بيانات خارجي يختلف عن المصدر الأساسي، ما يقلّل بشكل كبير من احتمال التوصل إلى نتائج إيجابية عرضية/ كاذبة". 

لكن تصمنت الدراسة بعض أوجه القصور الأخرى: 

أولاً، تكون ذكريات المدخول الغذائي عرضة لعدم الدقة أو التحيز، ولا تأخذ بالاعتبار العادات طويلة المدى، بحسب المؤلفين. ثانيًا، رغم أنّ المؤلفين نظروا في العديد من العوامل المربكة، فمن الممكن أن يكون هناك عوامل أخرى لا يمكن استبعادها تمامًا. ثالثًا، بحسب الدراسة،  "لم يتمكن الفريق من استبعاد احتمال أن يكون نمط شرب القهوة في الصباح علامة على نمط حياة صحي عام".  رابعًا، لم تكن المعلومات الوراثية متاحة، لذلك لم يتمكن المؤلفون من فحص أي أثر محتمل لمعدلات استقلاب الكافيين المحددة وراثيًا.

وقال تشي إن التفسير المحتمل لهذه النتائج، يتمثل بأنّ تناول القهوة في فترة ما بعد الظهر أو في المسا، قد يعطل إيقاعات الساعة البيولوجية ومستويات الهرمونات مثل الميلاتونين. 

وتم ربط المستويات المنخفضة من الميلاتونين بمستويات أعلى من ضغط الدم، والإجهاد التأكسدي، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

وقالت كينغ إن القهوة تحتوي أيضا على مضادات الأكسدة التي تقلل الالتهاب في الجسم من خلال تحييد الجذور الحرة التي قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويمكن للجذور الحرة، وهي جزيئات غير مستقرة من مصادر بيئية مثل دخان السجائر أو المبيدات الحشرية، أن تضر الخلايا.

وخلص الباحثون إلى أن بعض علامات الالتهاب في الدم لها ساعاتها الخاصة، وعادة ما تكون في أعلى مستوياتها صباحًا، لذا فإن "التأثير المضاد للالتهابات لنمط استهلاك القهوة الذي يتركز في الصباح قد يكون أكثر فائدة من تأثير نمط استهلاك القهوة مساء.. وهذا يسري على استهلاك القهوة التي تحتوي على الكافيين ومنزوعة الكافيين على حد سواء".