تحتفل مصر اليوم بمرور 65 عامًا على الحدث التاريخي الذي وقع في 9 يناير 1960، حين وضع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حجر الأساس لبناء السد العالي في أسوان، مدشنا المشروع الطموح الذي كان مثابة علامة فارقة في تاريخ مصر الحديث، وأطلق إرادة الشعب المصري في البناء والتنمية، ويصبح أحد أبرز المعالم الهندسية التي عرفها القرن العشرين.

قرار بناء السد العالي: البداية التاريخية

اتخذ قرار بناء السد العالي في عام 1953، حين تم تشكيل لجنة متخصصة لوضع التصميمات الهندسية للمشروع، وتولى المهندس موسى عرفة والدكتور حسن زكي مسؤولية التصميم بالتعاون مع عدد من الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال.

كان القرار الصعب هو تحديد مكان بناء السد، إذ تطلب دراسة دقيقة للموارد الطبيعية والمنطقة الجغرافية المناسبة لإنجاز هذا المشروع الضخم.

في عام 1956، اتخذت مصر خطوة هامة نحو تمويل المشروع من خلال تأميم قناة السويس، بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر، بهدف تأمين الموارد المالية اللازمة لبناء السد، وبالفعل، في عام 1958، تم توقيع اتفاقية بناء السد العالي، ليبدأ العمل في بناء المشروع بعد عامين من التوقيع.

السد العالي: إنجاز الهندسة والإرادة المصرية

في 9 يناير 1960، وضع الرئيس جمال عبد الناصر حجر الأساس للسد العالي في أسوان، معلنًا بداية العمل في أكبر مشروع هندسي شهدته مصر في ذلك الوقت، ولم يكن إنجازًا هندسيًا فقط، بل رمزًا لروح الكفاح والإصرار التي تحلى بها الشعب المصري، إذ تمكنت الأيدي المصرية من بناء هذا الصرح العظيم رغم التحديات والضغوط الاقتصادية والسياسية التي كانت تواجهها البلاد.

يعد السد العالي أحد أروع الرموز التي تجسد الصداقة بين مصر والاتحاد السوفيتي، والتي استمرت لأكثر من نصف قرن، هذا التعاون بين البلدين ساهم بشكل كبير في إنجاح المشروع، حيث شاركت الشركات السوفيتية في تنفيذ المشروع باستخدام أحدث التقنيات المتاحة آنذاك، ويتجلى هذا التعاون في رمز السد العالي، الذي صمم على شكل زهرة اللوتس، وهي رمز مقدس لدى المصريين القدماء.

الرمز التذكاري للسد العالي: شاهد على التاريخ

على مدخل النصب التذكاري للسد العالي، يوجد جدار مزخرف يضم آية كريمة "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ"، وهي تعبير عن أهمية المياه في حياة الإنسان والاقتصاد، ويتضمن النصب أيضًا صورة تمثل تلاحم اليدين المصرية والسوفيتية في دعاء لسقوط الأمطار، بالإضافة إلى عبارات تقدير للزعيمين جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات.

امتد أثر السد العالي إلى تطور الزراعة والصناعة والتعليم في مصر، كما يمكن للزوار التمتع بمشهد فريد من أعلى نقطة في الرمز، حيث يمكنهم رؤية محافظة أسوان بأكملها من ارتفاع 72 مترًا، وهو منظر رائع لا يتكرر.