بالتزامن مع تلقيه اتصالًا تليفونيًا من أنطونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبى، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس الخميس، روبرتا ميتسولا، رئيسة البرلمان الأوروبى. والاثنان أكدا تقدير الاتحاد الأوروبى الكبير دور مصر المحورى فى حماية أمن واستقرار المنطقة خلال هذه المرحلة الحساسة، وحرصه على التشاور والتنسيق معها بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، والبناء على الزخم الملحوظ، الذى يشهده التعاون بين الجانبين، منذ ترفيع العلاقات بينهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والشاملة.
تم توقيع اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى منتصف ٢٠٠١، ودخلت حيز التنفيذ فى يناير ٢٠٠٤. غير أن العلاقات بين الطرفين بدأت تأخذ منحنى جديدًا، منذ سنة ٢٠١٥، إذ شاركت مصر بشكل فاعل فى عملية المراجعة الشاملة لسياسة الجوار الأوروبى، وجرى استئناف اجتماعات مجلس الشراكة المصرية الأوروبية، وتقاربت الرؤى بشأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وتحققت شراكة فاعلة تقوم على الندية واحترام السيادة الوطنية، وصولًا إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والشاملة، فى ١٧ مارس ٢٠٢٤، واستضافة القاهرة، فى يونيو التالى، مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى، الذى أكد أن ما تتمتع به مصر من إمكانات يتيح لها التحول إلى مركز إقليمى للتصنيع والتجارة والطاقة المتجددة والخدمات، والمساهمة فى معالجة أزمة سلاسل الإمداد العالمية.
فى هذا السياق، جرى، خلال اتصال ولقاء أمس، تناول سبل تطوير العلاقات الثنائية بين مصر والاتحاد الأوروبى، وتعزيز التعاون فى المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، وآليات تفعيل الشراكة الاستراتيجية والشاملة فى كل محاورها. كما تطرق الجانبان إلى أهمية مواصلة التعاون فى قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب، وتوافقا على ضرورة دعم جهود مصر الحثيثة لمنع الهجرة غير الشرعية، خاصة فى ظل استضافتها أكثر من تسعة ملايين أجنبى، جرّاء الأزمات التى تشهدها المنطقة، إضافة إلى تكبدها خسائر تُقدَّر بحوالى سبعة مليارات دولار من إيرادات قناة السويس، خلال سنة ٢٠٢٤، بسبب هجمات الحوثيين على السفن التجارية فى باب المندب، نتيجة استمرار الحرب فى قطاع غزة.
استعرض الرئيس السيسى، أيضًا، الجهود المصرية لوقف إطلاق النار فى غزة، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين وتسهيل إنفاذ المساعدات الإنسانية للقطاع، مشددًا على ضرورة تطبيق حل الدولتين كخيار وحيد لتحقيق السلام المستدام والاستقرار فى المنطقة، وتثبيت وقف إطلاق النار فى لبنان. كما حذر الرئيس، مجددًا، من مغبة استمرار أو تصعيد الصراع فى المنطقة وتحوله إلى حرب شاملة، مشددًا على الدور المنوط بالمجتمع الدولى، بما فى ذلك الاتحاد الأوروبى، للضغط من أجل التوصل إلى اتفاق ينهى الحرب فى غزة، ويثبت وقف إطلاق النار فى لبنان، ويعيد المنطقة إلى طريق الاستقرار.
كرر الرئيس، كذلك، رفض مصر القاطع محاولات تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين، واستعرض ثوابت الموقف المصرى بشأن الأوضاع فى سوريا؛ وبشكل خاص ضرورة الحفاظ على وحدة الدولة الشقيقة وسلامة أراضيها وأمن شعبها، وأهمية الشروع فى عملية سياسية تشمل جميع أطياف الشعب السورى، كما أكد حرص مصر على وحدة وأمن وسيادة واستقرار ليبيا والسودان والصومال.
الملفات نفسها، تناولها الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، لاحقًا، مع رئيسة البرلمان الأوروبى، بالإضافة إلى استعراض محددات الموقف المصرى من قضية الأمن المائى. وبعد إشادته بالتطورات الإيجابية التى تشهدها العلاقات مع الاتحاد الأوروبى، منذ الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والشاملة، أشار وزير الخارجية إلى أهمية تعزيز الحوار البرلمانى المصرى الأوروبى، وأولوية تنفيذ المحاور المختلفة من الشراكة الاستراتيجية، معربًا عن تطلعه إلى سرعة اعتماد البرلمان الأوروبى الشريحة الثانية من حزمة التمويل الأوروبية لمصر، المقدرة بأربعة مليارات يورو.
.. وتبقى الإشارة إلى أن مصر تتشارك مع الاتحاد الأوروبى، حاليًا، حتى مايو المقبل، فى رئاسة «المنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب»، الذى يهدف إلى تبادل الخبرات والتجارب، وحشد الموارد، وتطوير أدوات وممارسات واستراتيجيات عملية، لمنع ومكافحة التهديدات الإرهابية، و... و... وتعزيز التعاون، داخل الهياكل والأدوات والآليات القائمة، لمراقبة الحدود ومنع تدفق الإرهابيين الأجانب.
0 تعليق