النجومية على الطريقة البحرينية

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

وأقصد بالنجومية التي أشار لها عنوان المقال، التفوق في صناعة قصص نجاح استثنائية استطاعت أن تسجل بصماتها وأن تفرض وقع إنجازاتها على محيطها، فتحرك المياه الراكدة من حولها، وتصل بصداها الإيجابي لكل من يتعثر على طريق النجاح وهو يبحث عن بصيص من الأمل لمواصلة دربه أياً كان طموحه.

والقصة المراد الحديث عنها، هي الفوز المستحق لمنتخب البحرين الوطني ببطولة كأس الخليج العربي، للمرة الثانية، خلال فترة لم تتجاوز الأعوام القليلة، وما يجري وراء ذلك من تخطيط هادف لرفع كفاءة الأداء الرياضي، وبنفس استراتيجي طويل المدى مستوعب لوصفة النجاح، ليطبقها بحذافيرها بعد أن تمرّس في تخطي كل أنواع التحديات، ولتشهد القصة موسم حصادها الوفير.. وكما يتناسب مع الجهد المخلص المبذول من وراء كواليسها.

وإذا اعتبرنا هذه التجربة نموذجاً مؤهلاً للدراسة والتمعن لاستخلاص العبرة والمغزى لكل من يسعى نحو تحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه على طريق الصعود إلى قمم النجاح، فأعتقد بأنها قصة ملهمة، بكل المقاييس، وتستحق بأن ترتقي لمرتبة التجربة المثالية في صناعة وتوليد قصص النجاح.. لفئة، من الممكن، تصنيفها بمرتبة النجوم.

هذا إذا أخذنا في الاعتبار ما توافر لها من مناخ وتربة وبيئة من المحفزات التي تم اختبارها في كل مرحلة من مراحل بناء الخبرة لتطعيمها بعناصر الجاهزية، تمهيداً للانطلاق المترو والمتعقل، ولكي لا يأفل تألق النجوم سريعاً.. وهنا يكمن مربط الفرس.

وعند تفحّص مربط فرس قصتنا بعد أن صُنعت أول فصول تفوقها، تبدأ رحلة جديدة وتحديات مختلفة تتطلب الفهم العميق لاشتراطات واحتمالات ومتطلبات "استدامة وإدارة" النجاح على طريق نجومية هذا الفريق الفتيّ، كي يمتلك المفاتيح الضرورية لإدارة النجومية والمحافظة على الشعبية.

وأول تلك المفاتيح، برأينا، ما يتوفر للمنتخب من تدريب عال ومركز على المستوى النفسي والفكري ليكون، وكما يجب أن يكون، رمزاً وطنياً قادراً على الإسهام في التوليفة الخاصة والتركيبة الدقيقة للسمعة الوطنية. ونرى بأن ما يؤهله لذلك، هو نجاحه، وفي فترة قياسية، في خطف الأنظار وكسب محبة واحترام متابعيه، وباحتلاله لمكانة خاصة لدى طبقة من المشجعين الجدد، مع ارتفاع غير مسبوق لشعبية المنتخب والثقة في أدائه، سواء في الأوساط العامة أو المتخصصة، والتي ستفتح أمامه، بطبيعة الحال، المزيد من الأبواب على طريق الاحتراف الرياضي خارج حدود بلاده.

والواضح كذلك في مثل هذه التوجهات الهادفة إلى بناء الصورة الإيجابية للمنتخب الوطني، بأنها تهتم ببناء شخصيات رياضية واثقة ومدركة لأهمية المحافظة على اتزانها وتواضعها عند التعامل مع الشهرة المتزايدة - لا محالة - لنجوم الكرة، وهذا بالضبط ما يجب التمسك به، بل والإصرار عليه، كي لا تنسينا نشوة الانتصارات، ضرورات الالتزام بصفات وسمات النفسية البحرينية التي تميل للدماثة وللتواضع الذي يرفع الإنسان ويُعلي من قيمة ومنزلة العمل، ويذّكره باستمرار، وكما قالت العرب، بأن لكل جواد كبوة، ولكن الحكمة تقتضي اليقظة.

والفريق وهو يتمسك بمثل هذه الروحية والأريحية قد حصد، في المقابل، لقباً في غاية الجمال والفخامة، ويعبّر بالتمام والكمال عن تلك الشخصية البحرينية التي نريد لها أن تستمر بأصالة مقوماتها.

أما اللقب الممنوح لمنتخب البحرين، كما قرأت في بعض الصحف الخليجية، هو "غواصين اللؤلؤ"، وما أدراك من هؤلاء الغواصين في السيرة البحرينية.. هم رجال من عبق التاريخ اشتهروا بصمودهم وصلابتهم وقت الشدائد، وجالوا البحار دون خوف ولا رهبة، وبالصبر والإرادة احترفوا مهنة لا يعلم بصعوبتها إلا من خاضها، وفي النتيجة النهائية، رسموا صورة لا جدال عليها في إدارة اقتصاد كامل محفوف بالمخاطر، ولكنه استحق كل تضحياتهم.

أما أجيال "غواصو اللؤلؤ" ومن بينهم منتخب البحرين الوطني، فهم على موعد مع المزيد من قصص النجاح والتفوق، بعون المولى، بشرط أن يتمسكوا بكل ما يلزم للتقدم إلى الأمام، عبر الاستثمار الذكي لكل فرصة تزهر على طريقهم، ليتمكنوا من البناء على كل إنجاز.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق